ضربات حزب الله: رسائل استراتيجية تؤكد دعمه لغزة عبر استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية حساسة.
أكد محللون سياسيون، أن الضربات التي وجهها حزب الله اللبناني، فجر اليوم، تجاه أهداف عسكرية إسرائيلية “كانت مؤثرة وفعالة، وتحمل رسائل ذات دلالات استراتيجية، بأن الحزب قادر على ضرب منشآت أكثر عمقا وتأثيرا، لكن الأهم هي التأكيد على أن لبنان ما زال جبهة إسناد لغزة وسيستمر كذلك”، وفق قولهم.
وأعلن حزب الله، صباح اليوم الأحد، أنه “قصف مجمعا إسرائيليا للصناعات العسكرية في شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ في رد أولي على تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي”.
وأشار بيان للحزب أنه قام بقصف، “مجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل، المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية، والواقعة في منطقة زوفولون شمال مدينة حيفا بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي 2 والكاتيوشا”.
وكان الحزب قد أعلن فجر اليوم أنه “استهدف قاعدة ومطار رامات ديفيد للمرة الثانية بعشرات الصواريخ”.
وقال الكاتب الفلسطيني، فراس ياغي، “الردود الأولية لحزب الله كانت مؤثرة وقوية وفعالة، ورسالتها واضحة جدا.. إذا كان بإمكاننا ضرب مواقع حساسة وبدقة متناهية ومواقع محصنة جدا بالدفاعات الجوية مثل قاعدة (رامات ديفيد) و (الكريوت)، فهذا يعني أننا قادرون على ضرب كل منشآتكم الاستراتيجية، إذا ما تطاولتم على البنى التحتية اللبنانية”.
ورأى أن الحزب أراد إرسال رسالة للاحتلال أن “مجزرة البيجر واللاسلكي واستهداف كل الجنوب بغاراتكم لم تؤثر بشيء.. صحيح أنكم أنجزتم إنجازا تكتيكيا، لكنكم خسرتم في الفهم الاستراتيجي، فالمعركة هي مرتبطة بقرار منكم، فلبنان جبهة إسناد وسيستمر كذلك، وإذا ما أردتم تغيير المعادلات فالحزب مستعد وقادر على المواجهة”.
وأشار إلى أن “رسائل فجر وصباح هذا اليوم يثبت كذب الإسرائيلي، بأنه ضرب منصات الصواريخ أو أنه قادر على فرض معادلة جديدة”.
ونوه إلى أن ما حدث أعطى شرعية كاملة لحزب الله داخليا ودوليا، “فالحزب هو من بدأ المعركة في الثامن من تشرين/أكتوبر، وتحت مسمى جبهة إسناد غزة، لذلك تحّمل خسائر كبيرة في سبيل استمرار حرب الاستنزاف، وهذا الصبر أدى لكشف مخططات إسرائيلية كانت معدة سلفا وأهمها الاختراقات التي دفعت إسرائيل لتفجير البايجرات واللاسلكي”.
من جهته، قال المختص في الشؤون الإسرائيلية، ياسر مناع، إن “ما جرى اليوم هو تعزيز معادلة الإسناد والسعي لتحييد قدرات الطرف الآخر، ورغم توسيع بقعة الزيت، إلا أن العنوان العريض هو كسر القواعد مقابل كسر القواعد بالمستوى ذاته”.
وأضاف، في حديثه مع “قدس برس”، أنه “من الأدلة التي تشير إلى أن إسرائيل لا تسعى إلى حرب شاملة، هو إعلانها المباشر وغير المسبوق بأن ما تم استهدافه في لبنان كان مواقع عسكرية فقط، دون المساس بالبنية التحتية، وهذا يشير إلى أن تحركات الطرفين تتم بحذر ودقة”.
من ناحية أخرى، يدرك الحزب -وفق مناع- “خطورة الحرب شاملة، وأن الهدف الاستراتيجي له هو الضغط بهدف إنهاء الحرب على القطاع”.
أما الكاتب الفلسطيني، محمد القيق، فأكد أن “إعلان التحدي الذي صدر عن حزب الله، لا يصدر من طرف ضعيف أو مهزوز أو تعرض لضربة شتتت القيادة والسيطرة والإمكانات، وطالما تحدى إسرائيل بكل قوتها، فهذه إشارة على فشل هدف الضربات التي تلقاها”.
وأوضح لـ”قدس برس” أن “الهدف الوحيد لإسرائيل في الشمال، هو إعادة المستوطنين لسكناهم، وطالما ما زالت تدوي صافرات الإنذار هناك، فهذا يعني أن الاغتيالات والقتل الجماعي بالأجهزة وكل أشكال الضغط والعنف فشلت”.
أما في الشق الثاني، “الذي لا يقل أهمية عن التحدي فهو الاستفزاز، ومرة أخرى يفشل بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة الاحتلال) في استدراج الحزب من الاستنزاف المتواصل للاحتلال في الشمال إلى بدء حرب كي تستحضر إسرائيل تحالفا إعلاميا ودوليا لخوض حرب واسعة بحجة الدفاع والرد”، وفق القيق.
وأكد القيق أن “ما قام به نتنياهو يومي الثلاثاء والأربعاء انقلب عليه سلباً؛ حيث توحد اللبنانيون ولم تتوقف جبهة الإسناد وأدينت إسرائيل دولياً، وهذه كلها مبررات لحزب الله كي يرد ردا يتناسب مع تحديات المرحلة، بمعزل عن محاولة إيقاع الحزب في فخ الحرب الشاملة مهاجما وليس مدافعا”.
ويرى القيق أن “المواجهة مفتوحة ومتصاعدة والجبهات الداعمة تمتلك قدرة المناورة وضبط النفس والتكتيك، الأمر الذي لن يصبر عليه نتنياهو وسيباشر بالتصعيد، وهناك سيكون الحزب مدافعا عن لبنان وفي موقعه الطبيعي الذي لا يختلف عليه اثنان في الداخل اللبناني، وكذلك تصبح التحولات واسعة بلا أسقف حتى دولية وسياسية وجغرافية”.