أتابع بصمت و باهتمام بالغ، منذ سنوات اعتقالي -ظلما- في حكم الرئيس السابق حسني مبارك قرارات العفو الرئاسي، التي تصدر في العديد ، من الدول العربيه، وغيرها من الدول ،التي تختص دساتيرها رأس الدولة بهذه الصلاحية (ليس كميزه )، لصاحب القرار ، -الذي لا معقب عليه- ، لكن (كواجب ) وإلتزام دستوري، إذا ما توفرت أسبابه ،و مبرراته السياسيه ، والمنطقية.
أحسب ان اكثر ما حملني للحديث اليوم ، عن هذا الموضوع الذي لا أحب للحديث عنه في العلن ،هو سلسلة مراسيم العفو العام التي أصدرها بشارالاسد منذ بدء الثوره في سوريا،
-وآخرها قرار العفو العام الصادر اليوم- ،الأحد ٢٢ – سبتمبر-٢٠٢٤
ويشمل الفورمان:-
«عفواً عاماً» عن جرائم الفرار والجنح والمخالفات، و الجرائم التي ارتكبت حتي تاريخ اليوم 22 سبتمبر ٢٠٢٤.
فهذا المرسوم- تحديدا -يبرز على الساحة السورية والعربيه في وقت حساس، مع زيادة التوترات الإقليمية بالمنطقه، واستمرار الازمات السياسية والاجتماعية داخل البلاد.
وفقاً لوكالة الأنباء السورية الرسمية(سانا)، يشمل مرسوم الأسد العفو الكامل عن العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات والقوانين العسكرية، مع شرط أن يسلم الفارون أنفسهم خلال ثلاثة أشهر بالنسبة للفرار (الداخلي ) وأربعة أشهر للفرار (الخارجي).
المثير للاهتمام أن هذا المرسوم يشمل أيضاً عفواً عاماً عن كافه الجنح والمخالفات باستثناء بعض الجرائم غير السياسية المرتبطة بالرشوة، والتزوير، والاعتداء على الآداب العامة، وأنواع محددة من السرقات المقترنة بالإكراه .
كما أن المرسوم يشترط تعويض المجني عليهم في الجنح التي تتضمن اعتداءً على الأموال للأفراد الآخرين.
وتجدر الاشارة انه منذ اندلاع الحرب السورية في مارس 2011، أصدر الأسد عدة مراسيم للعفو ، مما يفتح باب النقاش حول تأثير مثل هذه المراسيم على الوضع السياسي والأمني في الدول التي مرت بأزمات امينه وسياسية، ومدى فعالية هذا العفو في تحقيق المصالحة و عودة النازحين و تحسين الأوضاع الداخلية وعودة الاستقرار ودعم فرص مواجهة التحديات الخارجية .
وعلى الجانب الآخر، في مصر لا يزال ملف السجناء السياسيين -تحديدا-يشكل محورًا مهجورا في ملف السياسات الداخلية، رغم تزايد الدعوات المحلية والدولية لتبييض السجون وإغلاق هذا الملف
بالإفراج عن كافه المعتقلين السياسيين*
التقارير -غير الرسمية- تشير أن عدد المحبوسين احتياطيا، والمسجونين علي ذمة أحكام قضائيه في قضاياسياسيه، يراوح 60,000 سجين سياسي، (وفقًا لبعض المصادر الحقوقية المحلية والدولية).
ورغم أن الحكومة المصرية عادة ما تنفي مثل هذه الأرقام دون ذكر غيرها بدعوي أن السجون تضم أشخاصاً مدانين في قضايا جنائية وليسوا سجناء سياسيين‼️
وفضلا عن انكار الحقيقة في شأن الاعداد فهناك الانتقادات المستمرة ل ظروف الاحتجاز والمعاملة داخل السجون.
وأبرزها الإهمال الطبي ومنع الزيارات والحبس الانفرادي وعدم المساواة في تطبيق لائحة السجون بين السياسيين والجنائيين ~خاصة~ في تطبيق قواعد الإفراج الشرطي و قرارات العفوالرئاسي هذه الانتقادات تأتي ايضا في سياق أوسع يتعلق بتقييد الحريات العامة واغلاق المجال العام وقمع المعارضةالسياسية، مما يجعل ملف الحريات محط أنظار المجتمع الدولي-خاصه-مع المراجعه الدوريه ≤الوشيكه≥ للملف في الأمم المتحدة بجنيف.
فبينما تستمر سوريا في إصدار مراسيم عفو جديدة لتحسين الأوضاع الداخلية، يبقى السؤال حول مدى استعداد الحكومة المصرية للقيام بخطوات حقيقية مشابهة بمبادرة ذاتيه منها و من تلقاء نفسها
١٠ سنوات من هذا الوضع الاستثنائي بامتياز مده كافية جداً لإغلاق هذا الملف وللابد وبقرار شجاع ومقدر ومستحق.
فإذا ما تم الاستجابة لهذه الدعوات، من عقلاء الوطن، فلن يؤدي ذلك، -فقط- إلى تحسين صورة مصر على الساحة الدولية و لن يؤدي-فقط-لتهدئة الأوضاع الاجتماعية الداخلية
بل سيقدم دليلاً -قوياً- علي الثقه والاستقرار و قدرة هذا المجتمع علي الاستيعاب والتسامح.
إقدام النظام السوري على العفو يعكس رغبة في تخفيف التوترات ،رغم استمرار العديد من القضايا الشائكة والدماء الساخنه .
ومع ذلك، اعلم أن المقارنة بين الوضعين في مصر وسوريا تبقى صعبة، نظراً لاختلاف السياقات، والتحديات، التي يواجهها كلا النظامين إلا أن الحاجة إلى إصلاحات داخلية ومصالحة حقيقية تبقى أمراً مشتركاً بينهما فأما وأن بدأت سوريا بخطوه -ولو محدودة- فهل تفاجئنا مصر بخطوات وشيكه و واسعة.
أتمني