مقتل إبراهيم عقيل القيادي البارز في حزب الله إثر غارة إسرائيلية على بيروت
أسفرت غارة جوية إسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية عن مقتل القيادي البارز في حزب الله اللبناني، إبراهيم عقيل، إلى جانب عدد من القادة الآخرين في قوة الرضوان التابعة للحزب، وهي الوحدة النخبوية التي تمثل قوة عسكرية رئيسية للحزب في تطور مثير وخطير للأحداث.
وهذه الضربة جاءت وسط تصاعد التوترات بين حزب الله وإسرائيل، في وقت تشهد المنطقة صراعات متزايدة وتصعيدا في الأعمال العسكرية.
من جانبها، نعت حركة “حماس” القيادي عقيل، واصفة اغتياله بـ”الجريمة الجبانة” التي ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا لها.
وأكدت الحركة أن هذه العملية تشكل تصعيدا خطيرا، فيما أشارت في بيانها إلى أن عقيل كان يمثل رمزا من رموز المقاومة ضد إسرائيل.
وفي سياق متصل، أعلن الجيش الإسرائيلي عبر المتحدث باسمه، دانيال هاغاري، أن الضربة الجوية كانت ضرورية “لحماية إسرائيل”، وأن الهدف كان القضاء على عقيل الذي وُصف بأنه مسؤول رئيسي عن إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل.
ولم تقتصر الضربة على عقيل وحده، بل أودت بحياة نحو 10 من عناصر حزب الله الآخرين، وفقا للجيش الإسرائيلي.
في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام عدة، بأن الغارة استهدفت اجتماعا مغلقا لقيادات وحدة الرضوان، نفت تلك المصادر وجود أي مسؤول من الحرس الثوري الإيراني في الاجتماع، ما يعزز الفرضية بأن الهدف الرئيسي كان قيادة حزب الله المحلية.
ويُذكر أن الضاحية الجنوبية في بيروت، التي تُعد معقل حزب الله، قد تعرضت سابقا لعدد من الضربات الإسرائيلية، ولكن هذه الضربة تحديدا تعتبر من بين الأكثر دموية وتأثيرا منذ سنوات.
كان إبراهيم عقيل، المولود في البقاع عام 1962، من كبار قادة حزب الله وأحد مؤسسي الوحدة التي تُعرف الآن باسم قوة الرضوان.
وقد لعب دورا حاسما في تطوير القدرات القتالية للحزب منذ التسعينيات، وقاد العديد من العمليات ضد الجيش الإسرائيلي خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في الثمانينيات، مما جعله شخصية بارزة على الساحة العسكرية والسياسية.
كما كان عقيل مسؤولا عن تدريب قوات الحزب والإشراف على تنفيذ خطط العمليات الهجومية في مناطق مختلفة من لبنان وسوريا، بما في ذلك الجبهات السورية خلال الحرب الأهلية، حيث قاد وحدات الرضوان في معارك القصير والقلمون.
وكان عقيل يُعتبر الرجل العسكري الثاني في حزب الله بعد فؤاد شكر، الذي قُتل هو الآخر في غارة إسرائيلية سابقة في يوليو الماضي.
وعقيل متورط أيضا في العديد من العمليات التي استهدفت مصالح دولية، أبرزها التفجيرات التي استهدفت السفارة الأميركية في بيروت عام 1983، والتي أودت بحياة أكثر من 240 أميركيا. نتيجة لذلك، وُضِع عقيل على قائمة المطلوبين دوليا، وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.
الغارة الأخيرة التي استهدفت عقيل تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة بين إسرائيل وحزب الله، وذلك على خلفية الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحركة حماس في غزة منذ السابع من أكتوبر.
ويبدو أن إسرائيل قد اتخذت قرارا بتكثيف ضرباتها ضد الأهداف الحيوية في لبنان، في محاولة منها لردع حزب الله عن تقديم الدعم العسكري لحماس أو عن شن هجمات صاروخية جديدة على المستوطنات الإسرائيلية في الشمال.
هذه الضربة تمثل أيضا تصعيدا كبيرا في مستوى العمليات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وهي الثالثة من نوعها منذ بدء الصراع الأخير بين إسرائيل وحماس.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تشير إلى تغير في استراتيجية إسرائيل تجاه لبنان، حيث باتت تستهدف القيادات العليا للحزب بشكل مباشر، في محاولة لتقليص قدراته الهجومية. وقد توعد حزب الله بالرد على هذه الهجمات، حيث أعلن قصفه لمواقع عسكرية إسرائيلية في شمال البلاد بصواريخ الكاتيوشا في أعقاب الغارة، ما يزيد من احتمالات تصاعد الأوضاع إلى مواجهة إقليمية شاملة.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن ارتفاع عدد القتلى إلى 44 شخصا، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 60 آخرين، من بينهم حالات حرجة.
وهذا العدد مرشح للارتفاع مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ في المنطقة المستهدفة. وبينما تشهد الساحة اللبنانية احتجاجات متزايدة على ما وصفته بعض الأطراف بـ”التواطؤ الدولي” في دعم إسرائيل، يخشى كثيرون من أن تكون هذه الضربة مقدمة لصراع أوسع وأشد عنفا في المنطقة.
وفي بث مباشر عبر وكالة “رويترز”، ظهرت سحب الدخان الكثيفة التي غطت سماء بيروت بعد الهجوم، فيما شوهدت سيارات الإسعاف وهي تتدافع لنقل الجرحى إلى المستشفيات.
ويخيم الغموض على المشهد السياسي والأمني في لبنان، وسط تساؤلات حول مستقبل الصراع في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على حزب الله وحلفائه الإقليميين.