مصر

قنبلة أسعار أسطوانة البوتاجاز: رحلة مروعة نحو الصعود للهاوية

في عقد من الزمن، تحولت أسعار أسطوانات الغاز من أرقام معقولة إلى كابوس متجسد يثقل كاهل الأسر المصرية. ومشهد يثير القلق ويدعو للتأمل: كيف أصبح الحصول على أبسط مقومات الحياة، كالبوتاجاز، حلماً بعيد المنال؟

قبل عشر سنوات، كانت أسعار أسطوانات الغاز تخضع لمنظومة تعكس الواقع الاقتصادي المعقول. في عام 2014، كان سعر أسطوانة الغاز 8 جنيهات، ورغم قلة المبالغ التي يدفعها المواطنون آنذاك، كانت هذه الأسعار تعكس حالة من الاستقرار النسبي. لكن الأمور بدأت تتدهور بشكل دراماتيكي.

مع مرور السنوات، بدأت الأسعار في الارتفاع المتسارع. في عام 2016، ارتفعت الأسعار إلى 15 جنيهاً، وواصلت مسيرتها المأساوية لتصل إلى 30 جنيهاً في عام 2017.

ومع كل عام، كانت الزيادة تتضاعف، فبحلول عام 2018، بلغ السعر 50 جنيهاً. ومع بداية العام 2019، وصل السعر إلى 65 جنيهاً، ليواصل رحلته نحو القمة في الأعوام التالية.

في عام 2021، استقر السعر عند 70 جنيهاً، لكن الأفق لم يكن واضحاً. في عام 2022، عادت الأسعار للارتفاع مرة أخرى لتصل إلى 75 جنيهاً، قبل أن تفاجئنا الزيادة الأخيرة في مارس 2024، حيث أصبح سعر الأسطوانة 100 جنيه، لكن الأوضاع الحالية تجعلنا نرى السعر يتجاوز 150 جنيهاً مع اقتراب سبتمبر 2024.

في أبعاد هذه الزيادة المخيفة، يصبح واضحاً أن أسطوانات الغاز لم تعد مجرد وسيلة للطهي، بل أصبحت عبئاً مالياً لا يمكن تحمله.

وأسعار أسطوانات الغاز ذات الوزن 12.5 كيلو جرام تصل حالياً إلى 150 جنيهاً، بينما يصل سعر الأسطوانة الأكبر سعة 25 كيلو جرام إلى 300 جنيه. أما طن الغاز، فقد أصبح ثمنه صادماً بواقع 12000 جنيه.

التضخم الذي يشهده السوق، مع الضغوط الاقتصادية المتزايدة، يجعل من كل أسطوانة حكاية فشل في إدارة الاقتصاد.

وأين ذهبت السياسات الحكومية الرامية لدعم المواطن؟ من الواضح أن المستهلك يدفع الثمن، ويبدو أن المستقبل يحمل مزيداً من الزيادات المروعة.

قد يظن البعض أن هذه الزيادة مجرد رقم، لكن ما لا يمكن تجاهله هو التأثير المباشر على الحياة اليومية. الأسر التي كانت تعيش بكرامة، أصبحت اليوم مضطرة للتخلي عن أساسيات، أو تقليل استهلاكها للطاقة، أو حتى اللجوء إلى بدائل غير آمنة. إن ما يحدث هو بمثابة صراع حقيقي للبقاء، حيث تتصارع الأسر مع غلاء الأسعار في ظل تراجع دخلها.

ما يثير القلق أكثر هو المستقبل الغامض الذي ينتظرنا. في صراع بين الربح والخسارة، نجد أن المواطن العادي هو الخاسر الوحيد، بينما تتجه السياسات إلى تركه عائماً في بحار من الأزمات.

ومع اقتراب الأسعار من مستويات غير مسبوقة، لا بد من التفكير في سبل إنقاذ الأسرة المصرية من هذا الكابوس الذي لا ينتهي.

بغض النظر عن التحليلات الاقتصادية، تبقى الحقيقة أن الفائز في هذا الصراع هو من يمتلك القدرة على فرض الأسعار، بينما يدفع المواطن البسيط الثمن، دون أي قدرة على الاختيار.

ومن المؤسف أن هذه الحلقة المفرغة لا تُظهر أي بوادر للانتهاء، مما يجعلنا نواجه واقعاً مريراً لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى