مصرمقالات ورأى

الدكتور أيمن نور يكتب: الفساد القضائي في مصر.. تحقيقات تقتضي ضرورة المساءلة

الفساد ليس عيبًا في حد ذاته، فهو ظاهرة لا تخلو منها المجتمعات الناشئة والنامية والمتقدمة أيضًا. لكن العيب كل العيب هو التستر على الفساد أو الإفلات من العقاب بسبب المكانة الوظيفية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. القضية محل البحث والكشف والتي سبق وبشكل خجول نفيها، تضيف للنظام ولا تخصم منه إذا ما تم التعاطي معها بشفافية كاملة وبحياة قانونية حيادية وشفافة تمامًا.

في خضم الأحداث المتسارعة التي تعصف بالساحة القضائية المصرية، تبرز قضية فساد ضخمة تُثير قلق المجتمع وتهدد نزاهة النظام القضائي. هذه القضية تتعلق بتحقيقات موسعة حول فساد إداري ومالي، حيث تم استدعاء مجموعة من الشخصيات البارزة التي كانت تشغل مناصب رفيعة في الهيكل القضائي.

يتصدر هذه الأسماء النائب العام السابق حمادة الصاوي ونجله أحمد حمادة الصاوي

بالإضافة إلى عدد من المقاولين الذين ارتبطت أسماؤهم بمناقصات مثيرة للجدل. إن هذه التحقيقات لا تقتصر فقط على الجوانب القانونية، بل تثير أيضًا قضايا حساسة تتعلق بمبدأ التصالح وعدم إحالة المتهمين إلى القضاء، مما يفتح المجال أمام نقاشات جدية حول العدالة والمساواة أمام القانون.

في سياق هذه التحقيقات المعقدة، أُصدرت أوامر بمنع التصرف في الأموال والممتلكات لأكثر من 34 شخصًا، مما يعكس خطورة الوضع وتأثيره المحتمل على النظام القضائي برمته. من بين هؤلاء الأفراد الذين تم التحقيق معهم، نجد أسماء بارزة ذات صلة وثيقة بالسلطة القضائية، مثل:

  • الاسم والصفة الوظيفية أو العائلية
    حمادة الصاوي، النائب العام السابق.
    أحمد حمادة الصاوي، المستشار السابق بالمكتب الفني للنائب العام.

    أيمن بدوي | مدير إدارة النيابات
  • محمد محمود منصور، المحامي العام الأول بإدارة النيابات.
  • والد المستشار محمد محمود منصور هو سامية حسين قري.
  • خالد سعيد حسن | مقاول
  • وئام محسن السعيد | مقاول
  • داليا محمد عباس | نجلة المستشار محمد عباس مهران
  • علاء الدين محمد عباس | نائب رئيس محكمة النقض
  • أحلام خالد سعيد شرف | مقاول
  • عبد حسن الرحمن الزملي | مقاول
  • محمد محرم علي | مقاول
  • هدى يحيى البصال | مقاول
  • عبد الرحمن محمود عبد الرؤوف | مقاول
  • علي السيد الناجح | مقاول
  • بديعة أحمد مرزوق | مقاول
  • محمد بدر | مقاول
  • جيهان حلمي إسماعيل | مقاول
  • أشرف حسن خضر | مقاول

إن هذه الأسماء لا تعكس فقط عمق المشكلة، بل تشير أيضًا إلى مدى تأثير هذه الشخصيات على النظام القضائي، مما يثير مخاوف حقيقية حول نزاهة القضاء وقدرته على التعامل مع هذه القضايا بموضوعية وشفافية.

إن الشكوك حول نزاهة هؤلاء الأفراد تعكس واقعًا مؤلمًا يتطلب تحقيقًا شفافًا وموضوعيًا لضمان عدم تفشي الفساد واستعادة الثقة في المؤسسات القضائية.

إن القضايا المتعلقة بالفساد، -خاصة- تلك التي تشمل شخصيات ذات صفة قضائية، تستدعي معالجة قانونية صارمة وموضوعية.

إن فكرة التصالح دون إحالة المتهمين إلى القضاء تُثير العديد من الانتقادات القانونية والدستورية. فالمادة 40 من الدستور المصري تنص بوضوح على أن “المواطنون متساوون أمام القانون”، مما يعني أنه لا يجب أن يكون هناك أي تمييز بين القضاة والمواطنين العاديين في تطبيق القانون ومعاقبة المخالفات.

إن الجرائم الوارده في التحقيقات والتسجيلات ليست من بين تلك التي يجيز القانون التصالح بشأنها فالتصالح في مثل هذه الحالات يُعتبر خرقًا لمبدأ تحقيق العدالة،
حيث يتعين محاسبة جميع الأفراد على أفعالهم، بغض النظر عن مناصبهم. و يجب أن تكون هناك آلية واضحة لمحاسبة المتهمين بشكل عادل، تتضمن إحالتهم إلى القضاء للفصل في قضاياهم بدلاً من الاكتفاء بإرجاع الأموال.‼️
إن عدم اتخاذ خطوات قانونية جادة قد يُعتبر تمييزًا يتعارض مع المبادئ الدستورية للعدالة والشفافية، مما يضع النظام القانوني في موقف حرج.

فتُظهر هذه القضية أن الفساد لا يُعتبر مجرد مسألة قانونية، بل هو تجسيد للتحديات الكبرى التي تواجه النظام السياسي والقضائي في مصر.
إن معالجة هذه الظاهرة تتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الجهات المعنية لضمان تحقيق العدالة والمساواة أمام القانون.


و يجب على السلطات المعنية إعادة النظر في استراتيجيات التصالح ، والتأكيد على ضرورة إحالة جميع القضايا المثارة إلى القضاء لضمان تحقيق

العدالة، وليس فقط استرداد الأموال. إن الفشل في القيام بذلك قد يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام القضائي ويعزز من ثقافة الإفلات من العقاب.

إن هذه الأسماء قد تمثل جزءًا من شبكة معقدة من الفساد، مما يستدعي ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة لضمان عدم تفشي هذه الظاهرة في مؤسسات الدولة.

إن تحقيق العدالة والمساواة أمام القانون هو واجب الجميع، ويتطلب تضافر الجهود لضمان عدم إفلات الفاسدين من العقاب.

أهمية الشفافية والمساءلة: الشفافية والمساءلة هما عنصران أساسيان لتعزيز الثقة في المؤسسات الحكومية والقضائية. تحديدا عندما تكون العمليات القضائية واضحة ومفتوحة، فإن ذلك يعزز من مصداقية النظام ويشجع المواطنين على اللجوء إلى القوانين لحماية حقوقهم.

أمثلة عالمية على مكافحة الفساد: هناك العديد من الدول التي واجهت قضايا فساد قضائي وتمكنت من اتخاذ خطوات فعالة لمكافحة هذه الظاهرة، مثل:-

  • ايطاليا
  • إندونيسيا
  • الهند
  • جنوب أفريقيا، وغيرها


حيث تم إنشاء لجان خاصة للتحقيق في قضايا الفساد.القضائي وسد الثغرات الموجودة والتي أدت إليه وهذا ما ينبغي العمل عليه في مصر
*مصر التي يعد برلمانها الآن لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يوسع بشكل كبير جدا وغير مسبوق صلاحيات مطلقة للنيابة العامة !!!!


التدابير الممكنة لمكافحة الفساد القضائي:


لمكافحة الفساد القضائي بفعالية، يمكن اتخاذ عدد من التدابير مثل تعزيز الرقابه الماليه علي الاعمال غير القضائية للنيابة العامة والقضاء والتعليم القانوني الجيد ووقف الوساطه في التعينات القضائية للنيابة العامة والقضاء عموما (خاصة ظاهرة أبناء للعاملين)
والتدريب الفني الجيد للقضاة، وتطوير التشريعات، وتعزيز دور المجتمع المدني في الرقابه علي مرفق العداله

أهمية التعاون بين القطاعات: تتطلب مكافحة الفساد جهودًا منسقة بين مختلف القطاعات، بما في ذلك التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والتعاون الدولي.والحرص علي نقل الخبرات والتجارب الدوليه الخاصه بمكافحة الفساد في النظام القضائي وكذلك في المؤسسات الرقابية المختصة

فقضية الفساد القضائي ليست مجرد قضية قانونية، بل هي قضية تتعلق بمرفق العدالة ككل. و يتطلب أمر التصدي لهذه الظاهرة جهودًا شاملة من جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة، والمجتمع المدني،

ووسائل الإعلام،والبرلمان والمنظمات الحقوقية و الدولية. من خلال تعزيز الشفافية والمساءلة، وتبني أفضل الممارسات العالمية في مكافحة الفساد ،كي يمكن للمجتمعات أن تستعيد الثقة في النظام القضائي وتضمن العدالة للجميع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى