مقالات ورأى

يوسف عبداللطيف يكتب: تغيير الحكومة في مصر .. أزمة الشعب قبل الحكومة

منذ أن بدأنا نطالب بتغيير الحكومة، كانت صيحاتنا تنبع من رغبة ملحة في تحسين واقعنا المرير، وكأننا اعتقدنا أن تغيير الوجوه على المنصة السياسية سيكون كفيلًا بتغيير مصير بلد عانى طويلًا.

وتغيرت الحكومة بالفعل، لكن للأسف لم يتغير شيء في جوهر المشاكل التي نعاني منها. والوضع ازداد سوءًا، وكأننا في حلقة مفرغة من الأزمات التي تتوالى دون توقف.

ولكن، بدلاً من أن نرى تحسنًا ملموسًا، وجدنا أنفسنا نغرق أكثر في مستنقع من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

والغريب والمثير للتفكير هو أن الحكومة تغيرت، لكن الأسئلة المحورية تظل قائمة: هل كنا نحن الشعب مستعدين لهذا التغيير؟

هل أدركنا حجم مسؤولياتنا؟ هل نحن في الواقع نحتاج لتغيير الحكومة أم يجب أن نبدأ بتغيير أنفسنا؟ هنا، أجد نفسي أتساءل: ماذا لو كانت المشكلة الحقيقية تكمن في الشعب نفسه؟

لقد أصبحنا أمام حقيقة مؤلمة: لا يكفي أن نتغير من الخارج، بل يجب أن نبحث في أعماق الشعب نفسه.

وربما، إذا نظرنا إلى أنفسنا بجرأة، نجد أن التغيير الحقيقي يجب أن يبدأ من قلوبنا وعقولنا، وليس فقط من كراسي الحكم.

مصر تحتاج إلى تغيير جذري، وليس مجرد تعديلات شكلية. ولن ينصلح حال مصر إلا بالضرب من حديد على يد كل فاسد ومتقاعس، كل من استغل سلطته ليمتص دماء الشعب المطحون، وكل من تواطأ في تهريب مقدرات البلد لمصالحه الشخصية.

وهؤلاء ليسوا فقط مسؤولين عن الفساد، بل هم مجرمون في حق وطنهم، وخيانة الأمانة التي منحهم إياها الشعب.

ويجب أن تتم محاكمتهم كجرائم حرب، ويجب أن يكون هناك قانون يجرم كل من تلاعب بمقدرات الوطن.

وإنه أمر لا يحتمل التأجيل، فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا، وعلى القضاء أن يكون حازمًا ولا يتهاون مع أي شخص يخون أمانة الشعب.

إن لم تستحِ فافعل ما شئت، لكن هذه العبارة ليست فقط للتعبير عن العار، بل هي دعوة للتحرك. لقد ضاق الشعب ذرعًا من الوعود الكاذبة والتغييرات السطحية.

ويجب أن نكون صادقين مع أنفسنا: التغيير لا يأتي من الخارج، بل من إيماننا الحقيقي بقيم الشرف والكرامة والوطنية.

وعلينا أن نكون أكثر شجاعة في محاسبة أنفسنا، وأن نبدأ في بناء مجتمع قوي يقاوم الفساد ويحتضن المخلصين.

لذا، لننظر إلى التحديات كفرص، ولنبدأ في إصلاح أنفسنا أولًا. نحن بحاجة إلى شعور عميق بالمسؤولية، ونحتاج إلى من يحفزنا على أن نكون أفضل.

وربما كان هناك زمن مضى اعتقدنا فيه أن التغيير يأتي من دون تضحية، لكن الآن نحن نعرف أنه يتطلب جهدًا جماعيًا وتكاتفًا حقيقيًا بين كل أفراد المجتمع.

وإذا كنا نريد أن يتغير الحال، يجب أن نكون جزءًا من الحل، وأن نعمل بجد من أجل وطننا. وقد تكون قسوة الحق صادمة، لكن لا بد من مواجهتها لنبدأ الطريق نحو الإصلاح.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى