قانون كارثي: تهديد صارخ للعدالة وحقوق الأفراد في مصر
في حدث بارز عكس حالة الغضب العام تجاه مقترح قانون الإجراءات الجنائية الجديد، نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حلقة نقاشية متخصصة يوم الاثنين، 16 سبتمبر.
شارك في الصالون الحقوقي الذي أُقيم تحت عنوان “صالون بن رشد” مجموعة من أبرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان والقانون، ليتناولوا تداعيات هذا المقترح القانوني وما ينطوي عليه من انتهاكات للحقوق الأساسية.
افتتح النقاش نقيب الصحفيين المصريين، خالد البلشي، الذي عبر عن استهجانه لطريقة إعداد هذا القانون الذي يُعد من أخطر القوانين على منظومة العدالة في البلاد.
فقد أُعد في ظروف مغلقة وبعيدًا عن أي مشاركة مجتمعية، مما يجعله مثار جدل واسع.
وأكد أن هناك أكثر من 40 مادة في المقترح تتعارض بشكل مباشر مع الدستور، محذراً من أن التعديلات المقترحة تهدف بشكل أساسي إلى تبرير التجاوزات والانتهاكات التي تشهدها حقوق الأفراد.
المحامي ناصر أمين، من جانبه، تساءل عن الفلسفة التي يقوم عليها هذا القانون، موضحاً أنها تقوم على انتهاك الضمانات الأساسية لحقوق الدفاع.
وأكد أن هذا المقترح يعد تجسيداً لفترة حرجة تمر بها البلاد، حيث يتم التوسع في صلاحيات النيابة العامة ومأموري الضبط القضائي بشكل يهدد الحقوق الفردية.
بل إنه أشار إلى أن القانون الجديد ينقل نصوصًا من قانون مكافحة الإرهاب إلى قانون الإجراءات الجنائية، مما يعني تجذير حالة الطوارئ القانونية بشكل دائم.
أما المحامي الحقوقي ممدوح جمال، فقد حذر من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على توسيع السلطات الممنوحة لمأموري الضبط، مما قد يؤدي إلى انتهاك حرمة المنازل وحقوق الأفراد بشكل سافر.
كما انتقد استخدام التكنولوجيا في الإجراءات القضائية، مثل المحاكمات عن بُعد، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات كانت استثنائية خلال جائحة كورونا، لكنها الآن تُستخدم كقاعدة جديدة.
بلشي، في مداخلته، أشار إلى المواد المتعلقة بالإعلام وحرية التعبير، محذراً من أن هذه المواد تعكس نية واضحة من المشرع في تقييد الحريات وإسكات الأصوات المعارضة.
ودعا إلى ضرورة إشراك جميع فئات المجتمع في الحوار حول هذا القانون، مؤكدًا على ضرورة التنسيق بين القضاة والمحامين للتوصل إلى صيغة تحترم الحقوق الأساسية.
أما بالنسبة لمزاعم الحكومة بأن هذا القانون سيعالج مشكلة الحبس الاحتياطي، فقد أوضح أمين أن المشكلة ليست في النصوص القانونية نفسها، بل في تطبيقها.
وأكد أن هناك العديد من المحتجزين الذين تجاوزوا مدد الحبس القانونية ولكنهم ما زالوا محتجزين بسبب تجاوزات النيابة.
وفي الختام، اتفق المشاركون على أن هذا القانون إذا ما تم تمريره بصيغته الحالية، سيؤدي إلى فقدان الثقة في نظام العدالة في مصر، مما قد يعرضه لمراقبة دولية.
إذ حذر أمين من أن هذا القانون يمكن أن يوصم نظام العدالة المصري بأنه غير قادر على الوفاء بالتزاماته الدولية، ما يفتح الباب أمام تبعات قانونية خطيرة.
هذه النقاشات تبرز القلق المتزايد من تراجع حقوق الإنسان في مصر، وتؤكد ضرورة استمرار الضغط على الجهات المعنية لإعادة النظر في مثل هذه القوانين التي تهدد الحقوق الأساسية للمواطنين.