فساد منظومة النقل العام في بني سويف: معاناة يومية للمواطنين
تُعاني محافظة بني سويف من أزمة خانقة في منظومة النقل العام، مشكلة لا تتوقف عند حدود الازدحام المروري أو ضعف الخدمات، بل تتجاوزها إلى قضايا الفساد التي تحوم حول عقود التشغيل والصيانة.
وتُعكس تجارب المواطنين الذين اعتمدوا على وسائل النقل العام يوميًا واقعًا مريرًا يُبقيهم تحت وطأة المعاناة، ويطرح تساؤلات مُلحَة حول كيفية إدارة هذه المنظومة الأساسية.
واقع النقل العام في بني سويف
يتحدث العديد من المواطنين عن تدهور خدمات النقل العام، حيث يُعد ذلك أحد أبرز القضايا التي تُقلق سكان المحافظة. وتُظهر التقارير الرسمية أن عدد الحافلات والنقل العام في بني سويف لا يكفي لتلبية احتياجات المواطنين، مما يُعزز من زحام الشوارع.
“عندما أريد الذهاب إلى العمل، أضطر للانتظار لساعات”، يقول “محمد رضا”، موظف حكومي، “وعندما تأتي الحافلة، تكون مزدحمة للغاية.”
مظاهر الفساد في العقود
تظهر الشكاوى بمستوى الفساد في العقود مع الشركات الخاصة، حيث يُقال إن هناك صناديق لم يتم إدارتها بشكل سليم، وهو ما يؤثر على صيانة وسائل النقل وخدماتها.
ويقول “عمرو عزت”، مقاوم سابق في شركة نقل: “لقد عشت الفساد بنفسي. عندما تبدأ السلطات في منح العقود دون إشراف، تؤكد أنها لن تؤدي إلى تحسين الخدمة. فقط الفرق هو العدد من الحافلات المتاحة.”
عندما تسأل عن أسباب عدم التزام الشركات بالجودة، يُجيب “حازم عبد الرازق”، خريج إدارة أعمال: “الأموال تستنزف من قِبل المتنفذين. فبدلاً من أن تُستخدم في تحسين موقف النقل، تُدفع للأشخاص الذين يتحكمون في المنظومة.”
تأثير الفساد على الجودة
إن مشكلات الفساد تُؤثِر بشكل كبير على جودة الخدمات. ويقول “عادل فرج”، سائق حافلة،: “إذا كان لدينا صيانة سليمة، ستعمل الحافلات بشكل أفضل، ولكن الأموال تُهدَر، والصيانة تكون غير كافية. وتمر الحافلات في حالة مزرية، وتتسبب في مخاطر على حياة الركاب.”
الشكاوى والحلول المقترحة
تتزايد الشكاوى من المواطنين حول تأخر الحافلات وعدم وجود جدول زمني واضح. وتُظهر استطلاعات رأي حديثة أن 65% من سكان بني سويف يعبرون عن عدم رضاهم عن خدمات النقل.
وتقول “أم علي”، ربة منزل: “أحتاج للذهاب للأسواق، ولكن انتظاري للحافلة قد يستغرق ساعات. الأمر يتطلب متنفساً أفضل.”
في ذات السياق، يقدم “الدكتور يحيى المنيعي”، أستاذ العلوم الاجتماعية، بعض الحلول التي تتطلبها هذه المشكلة، “يجب أن تكون هناك استراتيجيات مختلفة لتحسين النقل العام. خصخصة النقل تحت إشراف حكومي قد تكون حلاً جيداً، ولكنها تحتاج إلى نظام يحمي حقوق الركاب.”
تجارب شخصية ومؤلمة
تظهر تجارب المرضى الذين يعتمدون على النقل العام مثالًا آخر على المعاناة. وتروي “سماح مصطفى”، مريضة، عن تجربتها: “كنت أحتاج الذهاب إلى المستشفى، ولكنها كانت رحلة مليئة بالانتظار والازدحام. لن تصدق أنني تأخرت أكثر من ساعتين في الطريق.”
ويبرز “حسن الجندي”، موظف استقبال في أحد المراكز الطبية: “المرضى في حالة يرثى لها بسبب عدم كفاية خدمات النقل. بعض الأشخاص يسافرون مسافات طويلة لمجرد الحصول على العلاج، ما يزيد من معاناتهم.”
الانتقاد الحكومي
تُشدد المنظمات الحقوقية والناشطون على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذا الوضع. ويقول “أحمد سعيد”، ناشط في حقوق الإنسان: “إن الحكومة تتحمل جزءًا من المسؤولية. يجب استجواب المسؤولين عن الفساد في عقود التشغيل، وتوفير بيئة صحية وآمنة للنقل.”
المسؤولية المجتمعية
يتحمل المجتمع أيضًا جزءًا من المسؤولية تجاه إيجاد حل. حسب مطالعات، يُظهر المواطنون استعدادهم للعمل بشكل جماعي من أجل تغيير الوضع. وتقول “عائشة إبراهيم”، ناشطة اجتماعية: “نحن بحاجة إلى تحفيز الآخرين للدخول في الحوار. يجب التفكير في مدى تأثير النقل العام على حياتنا، وكيف يمكن أن يتم تغييره.”
الرغبة في التغيير
مع تصاعد الأصوات والمناشدات، يبقى الأمل في إمكانية إصلاح النظام. ويعتبر “حسن أحمد”، عالم اقتصاد، أن الأنظمة الجديدة والمشاركة المدنية قد تكون الطريق نحو تحسين الوضع. “نحن بحاجة إلى حوكمة جيدة لضمان أن تُدرَج القطاعات المهمشة في مشاريع النقل.”
المجتمع المدني واستجابة الحكومة
تُعدَّ السلطات المحلية جزءًا من الحل، ولكنها تحتاج إلى رد فعل قوي. كما سعت منظمات المجتمع المدني إلى تقديم مقترحات لتحسين النقل العام.
وفي لقاء مع أحد ممثلي المنظمات، يقول “محمود عبد الخالق”: “نحتاج إلى صياغة مشاريع ترمي إلى تحسين الخدمات. ويجب أن تتضمن المشاريع الجديدة استثمرات حقيقية، بالإضافة إلى تعزيز الرقابة على ما يحدث.”
تجربة البلدان الأخرى
تستشهد النقاشات بالتجارب الأخرى على مستوى العالم في تصور كيف يمكن تجاوز مشاكل النقل العام. يشرح “الدكتور سامي جاد”، خبير المواصلات: “هناك نماذج دولية جيدة،
حيث يمكن استخدام تكنولوجيا المعلومات لتحسين الخدمة وضمان توفير وسائل النقل اللازمة. لدينا الأمكانيات، ولكن هناك حاجة للرؤية الواضحة في التطبيق.”
التحرك نحو إصلاح النظام
بعد تجارب متكررة، قد تكون مطالبة الناس بالإصلاحات مطلبًا ضروريًا. يُعبر عدد كبير من الناس عن استعدادهم للانضمام إلى الحركات المطالبة بتغيير الاستراتيجيات المعطلة. “لنتوحد ونُظهر قوتنا. نحتاج إلى خطوات عملية!”، يقول “علي سلامة”، ناشط محلي.
المسار نحو التغيير
يوضح كل ما ذُكر أن الفساد في منظومة النقل العام في بني سويف يحتاج إلى تصحيح. على الحكومة ومنظمات المجتمع أن تتعاون في صنع سياسات تضمن المواطن حقوقه. كما يُعتبر تحرك المواطنين ورفع الأصوات أمران رئيسيان في تحقيق التغيير.
إن أيادي الحكومة والمجتمع تفترض الانتظار، ويجب أن تُبنى الجسور بين المواطنين وبين المسؤولين لضمان رحلة آمنة ومريحة لجميع المواطنين.
بالبقاء على تواصل وبناء الثقة، يمكن تعزيز مجال النقل العام ليكون أكثر كفاءة وملائمة، وهذا ليس بالقليل، إنه بداية جديدة للمستقبل.