الأراضي المخصصة للاستثمار في المنيا: لمن تُباع؟
في محافظة المنيا، تتسم قضايا تخصيص الأراضي الاستثمارية بقدر كبير من التعقيد والفساد.
ويُعتبر الاستثمار أحد المحاور الأساسية للنمو الاقتصادي، لكن طريقة تخصيص هذه الأراضي تعكس مشكلة عميقة تتعلق بالشفافية والمصداقية، بحسب العديد من المواطنين والمختصين.
وفي هذا التحقيق، موقع “أخبار الغد” يتناول كيفية تخصيص الأراضي، وعلى أي أساس تُمنح للمستثمرين، وما هي تداعيات هذا الفساد على المجتمع.
الفساد في تخصيص الأراضي: بداية الأزمة
تشير التقارير إلى أن هناك اتهامات متكررة حول فساد إداري في آليات تخصيص الأراضي في المنيا.
ويتحدث العديد من المواطنين عن استبعاد المشاريع الحقيقية التي تخدم المجتمع لصالح شركات ومشروعات خارجية.
ويقول “إبراهيم أحمد”، أحد المواطنين: “لم أرى أي شيء يُحقق الفائدة للمدينة أو لأهلها. هل من المنطقي أن تُخصص الأراضي لشركات تأتي فقط لجني الأرباح بينما نبقى نحن دون وظائف؟”
ويتزامن ذلك مع تزايد الشكاوى حول غياب الشفافية وعدم وجود معايير واضحة تخص تخصيص هذه الأراضي.
قصة أحد المستثمرين
عندما نفكر في المستثمرين، قد يتبادر إلى الأذهان أن الكل يملك الفرصة المتساوية، لكن القصة تتغير في المنيا.
ويروي “خالد سعيد”، مستثمر محلي، تجربته: “تقدمت للحصول على أرض منذ أكثر من عامين، ولكن الصيغة القانونية لم تكن واضحة، وسمعت أن الأوراق كانت تشترى بمبالغ كبيرة.
وإن الأمر يتطلب الواسطة لكي تحصل على فرصتك، بينما المبدعون من الشبان يبقون خارج الصورة.”
تأثير الفساد على المجتمع
ينعكس فساد تخصيص الأراضي على المجتمع بشكل مباشر. حيث ثبت أن الكثير من الأفراد فقدوا فرص العمل نتيجة استغلال الأراضى في مشاريع لا تعود بالفائدة عليهم.
وتقول “فاطمة علي”، ربة منزل: “نحن نسمع عن مشاريع كبيرة، لكن ما الذي تحقق؟ لم تتوفر لنا أي فرص عمل في المنازل. لماذا لا تكون هناك أولويات للمشاريع التي تخلق وظائف لأبناء المنطقة؟”
الفساد الإداري: هوية غائبة
تُظهر الأرقام والإحصائيات الفجوة الواسعة بين الإجراءات القانونية الواقع الفعلي. ويقول “حسن عماد”، أستاذ الاقتصاد: “تخصيص الأراضي يجب أن يكون عبر آليات شفافة. وجود الفساد في هذا النظام يعني أننا نفتقد للأمانة الأكاديمية.”
ويدعو خبراء مثل “الدكتور سامي المصري”، خبير تنموي، الحكومة إلى وضع ضوابط صارمة لمراقبة تخصيص الأراضي،
مضيفًا: “يجب أن يكون هناك نظام يضع معايير واضحة، والمشاريع التي تعود بالفائدة على المجتمع يجب أن تُعطى الأولوية دون تمييز.”
صوت الشباب
لا يخفى على أحد أن الشباب هم أكثر فئات المجتمع تضررًا من هذه السياسات. ويقول “علي زكريا”، خريج حديث: “أحتاج إلى فرصة عمل، ولكن كل الأراضي تُخصص لمشاريع لا تُحقق لنا شيئًا. علينا التفكير في كيفية توفير الفرص للأجيال القادمة.”
العلامات التجارية الكبيرة
يؤكد بعض المواطنين أن الدعم الكبير يذهب إلى الشركات الكبرى، مما يُقلل من فرص المشاريع الصغيرة.
حيث يقول “منى صلاح”، ناشطة في مجال حقوق الإنسان: “يجد المواطن العادي نفسه في مواجهة مع الشركات الكبيرة التي تحظى بكل الامتيازات. إذا كنا نريد تحسين الوضع، يجب أن نمنح الفرص لأبناء المنيا.”
التفاعل الحكومي
رغم التشديد على أهمية الموضوع، فإن الحكومة تواجه تحديات عديدة. تشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من الطلبات لم تتم معالجتها بفعالية.
ويتحدث “الدكتور محسن رفعت”، خبير إداري: “على الحكومة العمل بسرعة، نحن بحاجة إلى مبادرة حقيقية توضح كيف يتم تخصيص الأراضي.”
العراقيل القانونية
وأحيانًا تكون القوانين ذاتها هي العائق. يعبر “محمد سعيد”، محامي محلي، عن قلقه قائلاً: “القوانين غير فعالة، مما يُجبر الأفراد على الاعتماد على الرشوة وغير ذلك. إذا أردنا تغيير الوضع، يجب مراجعة هذه القوانين.”
التحديات المحتملة
مع تزايد الاستياء العام، تتزايد الأصوات المطالبة بتحسين نظام تخصيص الأراضي. وفي هذا الصدد تقول “هالة عبد العزيز”، ناشطة سياسية: “لا يمكن أن تصب هذه المشاريع في مصلحة الناس طالما أنها غير واضحة.”
دعوات الإصلاح من المنظمات
تأتي دعوات متعددة من منظمات المجتمع المدني للمطالبة بوضع استراتيجيات جديدة تضمن الشفافية والمساواة في تخصيص الأراضي.
ويقول “علاء الدين قاسم”، ممثل إحدي الجمعيات الشبابية: “يجب أن نكون جزءاً من العملية. نحن نؤمن بأن الفساد يمكن محاربته، ويتطلب مشاركة الجميع.”
التوجه نحو المستقبل
يبرز الأمل في إمكانية فرض إصلاحات تؤدي لحل هذه المشكلات. لا يُمكن تجاهل تأثير الفساد على تنمية المجتمع، بل يحتاج المواطنون إلى رؤية حقيقية للتغيير. فمع كل الجهود المبذولة، تظل الساحات العامة بحاجة لصوتهم.
الأمل في الإصلاح
على الرغم من جميع الصعوبات، يبقى الأمل مهماً. بناءً على الشهادات التي تم جمعها من المواطنين والمختصين، يتضح أنه لا يُمكن تجاهل وجود الفساد في عملية تخصيص الأراضي في المنيا.
وإذا تم وضع برامج صارمة تكافح هذه المشاكل، فإن التحسينات ستبدأ بالإضاءة على مستقبل أكثر إشراقًا للمحافظة.
إن الانطلاق نحو إصلاح حقيقي ومسؤول في تخصيص الأراضي يتطلب التزامًا قويًا من الجهات الحكومية والمجتمع المدني، مع ضرورة مشاركة المواطن كرقم في حلقة التغيير.
فمع العودة للعدالة والمساواة، سيكون للكل فرص متساوية، وهو الطريق الذي يجب أن نسلكه للنمو والتقدم في مجتمعنا.