التعليم الفني في الفيوم: شهادة بلا قيمة بسبب الفساد
في مدينة الفيوم، يمثل التعليم الفني أحد أعمدة التنمية البشرية، بيد أنه يواجه تحديات خطيرة تضعف من قيمته الحقيقية وتؤدي إلى تدهور جودة التعليم.
وبحسب العديد من المواطنين، والمختصين، فإن الفساد المستشري في هذا القطاع قد جعل من الشهادات التكميلية مجرد أوراق بلا قيمة، حيث فقدت صدقيتها في سوق العمل.
واقع التعليم الفني في الفيوم
يعتبر التعليم الفني في مصر حجر الزاوية لتزويد السوق بالكوادر المؤهلة. ومع ذلك، فإن أغلب مؤسسات التعليم الفني في الفيوم تعاني من نقص شديد في التجهيزات والمناهج المتطورة.
خلال لقاءات مع المتحدثين، اتضح أن العديد منهم يعتقدون أن الفساد هو المسؤول الرئيسي عن هذه الفوضى.
تقول سعاد حامد، معلمة في أحد المدارس الفنية بالفيوم: “نواجه تحديات يومية. المناهج قديمة ولا تتماشى مع متطلبات السوق.
وأحيانًا، يحدث أن يتم توجيه الأموال المخصصة للتحديث إلى جيوب غير مستحقة بدلاً من تحسين المرافق.”
شهادة بلا قيمة
تتحدث فاطمة عبد الرحمن، خريجة من إحدى المدارس الفنية، عن تجربتها المؤلمة: “تخرجت بشهادة فنية، ولكن عندما ذهبت للبحث عن عمل، اكتشفت أن الشركات تبحث عن خريجين من برامج تدريبية خاصة وليس من التعليم الفني الحكومي. الشهادة لم تعني شيئا.”
يقول أحمد توفيق، موظف في شركة خاصة: “حتى لو خرج الطالب من التعليم الفني بمهارات معينة، فإن معظم أصحاب الأعمال لا يثقون في هذه الشهادات. هناك تصور عام بأنها لا تحمل قيمة حقيقية.”
الفساد وجهة نظر المتخصصين
للكشف عن جذور المشكلة، تحدثنا إلى عدد من المختصين الذين أوضحوا أن الفساد هو أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في تدهور التعليم الفني في الفيوم.
يقول الدكتور عادل الشربيني، أستاذ التعليم الفني: “التعليم الفني في مصر يفتقر إلى البنية التحتية السليمة. الأموال التي تُرصد لهذا القطاع تُصرف بطرق غير شفافة، مما يفضي إلى غياب التحديث والتطوير.”
طلبة التعليم الفني: الآمال المفقودة
ليس فقط الخريجون هم من يعانوا من تداعيات هذا الواقع. فحتى الطلبة الحاليين في التعليم الفني يشعرون بالإحباط.
وتقول هالة مصطفى، طالبة في التعليم الفني: “ندرس في ظروف سيئة. المواد التدريبية غير متاحة والدروس لا تعكس الواقع العملي. كيف يُفترض بنا أن ننجح؟”
الضغط النفسي يتزايد على هؤلاء الشباب، حيث ينتظر الطلاب بمزيج من الخوف والقلق، مستقبلهم المهني المظلم.
والعديد منهم يتجه إلى المعاهد الخاصة للحصول على تدريبات إضافية لضمان الحصول على عمل بعد التخرج.
النقابات والمجتمع المدني: صوت الضمير
مع تصاعد الأزمة، يبرز دور النقابات والمجتمع المدني. يقول محمود رشدي، ناشط حقوقي: “هناك حاجة ملحة للتغيير.
ويجب توجيه الضغط الشعبي نحو الحكومة لإصلاح نظام التعليم الفني والتأكد من أن الشهادات مقدرة في سوق العمل.”
الكثير من المواطنين في الفيوم يبدون قلقهم حول التداعيات الاجتماعية لتدني مستوى التعليم الفني.
وقالت السيدة خديجة عبد العزيز، ربة منزل: “شبابنا يقضون سنوات طويلة في التعليم من دون أن يجدوا فرص عمل. هذا قد يؤدي إلى تفشي ظاهرة البطالة والجريمة.”
رؤية الحكومة
مع تزايد الاحتجاجات والأصوات المنددة، قامت وزارة التربية والتعليم بالإعلان عن بعض الإصلاحات، ولكن هذه الخطوات كانت بسيطة ولا تكفي لتغيير الواقع.
ويقول الدكتور أحمد يوسف، مسؤول حكومي في وزارة التعليم: “نحن نبذل جهودًا جادة لتحسين التعليم الفني. لكن العملية معقدة وتحتاج إلى وقت وموارد.”
وعلى الرغم من ذلك، يبقى العديد من المواطنين غير راضين عن هذه الجهود، متسائلين عن جدوى الإجراءات مثل إعادة تأهيل المعلمين ورفع مستوى المناهج.
المشهد العام: الفساد والتقاعس
عند الاستطلاع عن أسباب فشل خطط الإصلاح، يجمع المواطنون والمختصون على أن الفساد هو العدو الرئيسي.
وقبل فترة، تلقت المدارس الفنية قروضًا لتحسين البنية التحتية، لكن العديد من المستفيدين من هذه البرامج لم يطبقوا الخطط.
ويقول أحد مديري المدارس الفنية: “حصلت على أموال، لكن لم يكن هناك استثمار حقيقي في تحسين المعدات.”
البحث عن حلول
بينما يستمر النقاش حول التعليم الفني في الفيوم، يبقى الحلم بمستقبل مشرق لشباب البلاد في قلب الأحداث.
ما هو الحل؟ كيف يمكن تحسين النظام؟ الحفاظ على حقوق الطلاب والمساهمة في كفاءتهم يعتبر أولوية.
يدعو نشطاء المجتمع المدني إلى تعزيز مبدأ الشفافية ومحاكمة الفاسدين، مشددين على ضرورة إحداث تغييرات جذرية في كل أبعاد التعليم الفني.
ومع استمرار المعركة ضد الفساد في هذا القطاع، يبقى الأمل معلقًا على الإرادة الشعبية والحكومية لتحقيق مستقبل أفضل لطلاب التعليم الفني في مصر.
إن الحكومة المصرية مدعوة الآن أكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر في استراتيجياتها والسياسات التي تُعادل بين التعليم والمنافسة.
وفي هذا السياق، عليك دعم التعليم الفني كشريان حيوي لصناعة المستقبل. المنصة متاحة للأصوات التي تنادي بالإصلاح، فماذا ينتظرنا في الأيام القادمة؟