إقتصاد

ركود في سوق الأجهزة الكهربائية .. هل الفساد هو السبب وراء امتناع المستهلكين

في مشهد يعبّر عن التحول الكبير في عادات الشراء وأوضاع السوق المصرية، يعاني سوق الأجهزة الكهربائية من حالة ركود غير مسبوقة، حيث بلغت نسبة تراجع حركة البيع إلى 80%.

جاءت التحذيرات من أعضاء مجلس إدارة شعبة الأجهزة الكهربائية، وعلى رأسهم وافي أبوسمرة، لتحذر من تصاعد الأزمة التي تهدد بتداعيات خطيرة على السوق المصرية ككل.

يكشف هذا الركود عن أزمة أعمق تغمر السوق: عدم ثقة المستهلكين في جودة المنتجات وأسعارها، مما ينعكس على قراراتهم الشرائية.

فمع ارتفاع الأسعار نتيجة تقلبات السوق وزيادة تكاليف الإنتاج، يظل المواطن في حيرة من أمره.

ماذا يحدث للسوق؟ ولماذا بات الناس يتجنبون شراء الأجهزة الكهربائية الجديدة، على الرغم من احتياجهم الضروري لها؟

الفساد كعائق

التساؤلات حول الفساد المتفشي في السوق تبرز كإحدى الأسباب الجذرية للركود. يتحدث عدد من المراقبين عن وجود تجاوزات في عملية تسعير المنتجات، فضلاً عن اختلاف المعايير بين التجار والموزعين.

وقال وافي أبوسمرة “المستهلكون لم يعودوا يثقون في الأسعار المعلنة، ولا في جودة الأجهزة. فالكثير منهم يفضلون الانتظار وعدم الشراء حتى تحقيق استقرار في السوق.”

الأجهزة الكهربائية .. غلاء وفساد والضحية المواطن

عند التجول في الأسواق المحلية، يبدأ الحوار مع المواطنين الذين يعكسون مشاعر الاحباط والغضب.

وتقول هالة عبدالرحيم، ربة منزل: “أنا أحتاج إلى جهاز جديد في المنزل، لكن عندما أرى الأسعار ترتفع بهذا الشكل، أُفضل الانتظار ولا أريد أن أكون ضحية لموجة من الفساد في تسعير الأجهزة الكهربائية.”

من ناحية أخرى، يعبّر أحمد توفيق، موظف حكومي، عن عدم ثقته في الخيارات المتاحة: “عندما أذهب إلى المتجر، أواجه صعوبة بالغة في تحديد ما إذا كان المنتج يستحق الثمن المدفوع.

وهناك أيضاً الكثير من الشائعات حول الأجهزة المقلدة، فأنا أفضل البقاء بعيدًا عن الشراء حاليًا.”

تتعدد التجارب المؤلمة لدى المستهلكين. قالت منى المصري: “قبل فترة، اشتريت ثلاجة بسعر مرتفع، ولم أكن راضية عن جودتها.

واتضح لي فيما بعد أنني قد دفعت ثمن منتج مزيف!”، وتؤكد أن هذه الحوادث قد جعلت من الصعب عليها اتخاذ قرارات شراء صحيحة في المستقبل.

ركود السوق: فساد يعيق الثقة في الاقتصاد

لإلقاء نظرة تحليلية أعمق، كان لا بد من التواصل مع الخبراء والمختصين في هذا المجال. الدكتور حاتم سالم، أستاذ الاقتصاد يرى أن الركود في سوق الأجهزة الكهربائية هو تجسيد للأزمة الاقتصادية الحالية.

ويقول: “عندما يرغب المواطنون في الاقتصاد بدلاً من الاستهلاك، فإن ذلك يعد مؤشرًا على قلة الثقة في الاقتصاد ككل. الفساد في السوق قد يُعتبر أيضًا من الأسباب التي تجعل الأفراد يحجمون عن الشراء.”

وفي ذات السياق، تحدث المهندس بشر خليل، خبير نظم التجارة، عن قلة الشفافية في عمليات تداول الأجهزة الكهربائية.

ويقول: “كثير من التجار لا يلتزمون بالأسعار المعلنة، بل يرفعونها بشكل عشوائي ليحققوا أرباح أكبر، وقد يرجع هذا إلى الفساد المؤسسي الذي يحتاج إلى إصلاح شامل.”

الشفافية أولى خطوات الإصلاح ضد الفساد

وحول سبل مواجهة هذه التحديات، يتفق الكثيرون على أن هناك حاجة ملحة لتعزيز الشفافية والإصلاحات في السوق.

وتقول ماجدة الألفي، ناشطة مدنية: “عندما نرى تراجعاً في السوق بهذا الشكل، يجب أن نفكر في كيفية بناء الثقة بين المواطنين والتجار. الفساد يجب أن يُعاقب، وأعتقد أن هناك ضرورة لبناء منصة تواصل بين المستهلكين والتجار.”

ويضيف أستاذ الجامعات الدكتور نادر حسين، “الإصلاحات الفورية قد تتطلب مثلاً إنشاء نظام رقابي على الأسعار ومستويات جودة الأجهزة، وتمكين المستهلك من تقديم شكاوي مباشرة. هذا سيعيد الثقة والطمأنينة للمستهلكين.”

تأثير الأزمة على الشباب

تتأثر فئة الشباب خصوصًا بضعف سوق الأجهزة الكهربائية. بطبيعة الحال، فإن الشباب هم الفئة الأكثر استهلاكا، وبذلك هم الأكثر تضرراً.

ومصطفى بيومي، طالب جامعي، يقول: “أحتاج إلى لابتوب لدراستي، لكن أسعارها مرعبة. أعتقد أن ما يحدث حاليا هو أمر غير عادل، بل هو فوضى.”

وتعبر هالة محمد، خريجة حديثة، عن قلقها: “عندما قررت البدء في تجهيز شقتي، اختار أقاربي الابتعاد عن الخيارات المتاحة، فالمصادر تشير إلى أن الأسعار قد تختلف في اليوم الواحد.”

مسؤولية الدولة

من المؤكد أن الحكومة المصرية تُواجه ضغطًا كبيرًا لمعالجة هذا الوضع. وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تحقيق الإصلاحات الاقتصادية، يبقى الحديث عن الفساد والتحايل حول الأسعار في قلب النقاشات.

ويتساءل المواطنون: “متى ستتخذ الحكومة خطوات ملموسة للإصلاح، وكيف ستعيد الثقة إلى السوق المواطن؟”

لم تغفل الأجهزة الحكومية عن هذه الآراء، حيث كانت هناك مداولات مستمرة حول سبل تعزيز الأداء.

وتحدث أحد المسؤولين في وزارة التجارة بأن الوزارة تقوم بمراجعة شاملة لمستويات الأسعار ومعايير الجودة، ولكن التحديات ما زالت قائمة على الرغم من هذه الجهود.

النهاية المفتوحة

تحت طيات هذا الركود الاقتصادي، يكمن غموض كبير حول مستقبل السوق. فهل سيتغلب الفساد على الانفتاح والشفافية؟ أم ستنجح الإرادة الشعبية في تغيير هذا الواقع؟ هذا هو السؤال الملح الذي يبقى في أذهان المصريين بانتظار الإجابة.

في ظل الظروف المتأزمة، يبقى الأمل معلقًا على حدوث إصلاحات حقيقية تعيد هيكلة سوق الأجهزة الكهربائية، وتعزز من حقوق المستهلكين وتعيد الثقة التي فقدت على مر السنين.

فما زالت العجلة تدار، والمواطنون في انتظار نتائج ملموسة تحسن من معيشاتهم وتضع حدًا للتلاعب الذي أثر على حياتهم بشكل لم يسبق له مثيل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى