أحزاب

تعيين سامي الطراوي رئيسًا لتحرير جريدة الوفد الورقية

في خطوة صادمة وأثارت موجة من الجدل والاعتراض، أعلن النائب الدكتور أيمن محسب، رئيس مجلس إدارة جريدة الوفد، عن تعيين سامي الطراوي رئيسًا لتحرير الجريدة الورقية خلفًا للكاتب الصحفي أمجد مصطفى الذي أعلن استقالته المفاجئة يوم أمس.

وهذا التعيين أثار حفيظة أعضاء الحزب والمختصين في الوسط الصحفي، بل وأشعل نقاشًا ساخنًا حول مؤهلات الطراوي ومدى أهليته لتولي هذا المنصب الحساس في واحدة من أعرق الصحف المصرية.

سامي الطراوي: من إدارة السيارات إلى رئاسة تحرير جريدة الوفد

لم يكن الاسم “سامي الطراوي” معروفًا على الساحة الصحفية أو حتى بين جمهور القراء قبل هذا الإعلان المثير للجدل. فالرجل الذي لا يتجاوز عمره المهني في مهنة الصحافة ثماني سنوات، لم يكن يومًا من الأسماء البارزة أو الفاعلة في المشهد الصحفي المصري.

وعلى العكس، تاريخه العملي يكشف عن أصول متواضعة، حيث كان يعمل في إدارة السيارات بأحد مصانع الأدوية الخاصة التابعة لرجل الأعمال الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد الأسبق.

وبحسب ما ذكره أعضاء في الحزب وبعض المطلعين على تفاصيل حياته المهنية، فإن الطراوي كان مجرد عضو في حملة الدكتور السيد البدوي أثناء انتخابات رئاسة حزب الوفد، ومكافأته على هذا الدور كانت تعيينه في جريدة الوفد.

ولكن الغريب أن عدد مقالاته لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، ولم تكن هذه المقالات على مستوى يليق بمهنة الصحافة، بل أثارت استهزاء القراء والوفديين على حد سواء.

أحد هذه المقالات الأكثر سخرية كانت تلك التي دعا فيها إلى الاستغناء عن الكتب الدراسية وبيعها لأصحاب محلات الفسيخ! وهو طرح نال استهزاءً واسع النطاق، ليصبح الرجل مثار جدل قبل أن يكون جديرًا بأي منصب. فكيف لهذا الشخص أن يعتلي مقعدًا لطالما شغله عمالقة الصحافة المصرية المعارضة مثل مصطفى شردي؟

فيصل الجمال: “رئيس التحرير الجديد.. فضيحة في حد ذاته!”

علق فيصل الجمال، أمين صندوق حزب الوفد سابقًا، على هذا التعيين بكلمات لاذعة وشديدة اللهجة، مشيرًا إلى أن الطراوي “تاريخه مشرف” ولكن على طريقته الخاصة! وفقًا للجمال، فإن الطراوي كان يعمل حارس أمن في مصنع الأدوية الذي كان يتبع السيد البدوي، ولكنه طُرد من عمله بعد أن اكتشف صاحب المصنع أنه يقوم بسرقة سيارات نقل الأدوية.

تصريحات الجمال تعكس حالة السخط والامتعاض داخل الحزب تجاه هذا التعيين، وتفتح الباب أمام تساؤلات كبيرة حول الكيفية التي وصل بها الطراوي إلى هذا المنصب.

فهل يتم التعيين في جريدة الوفد بناءً على الكفاءة والخبرة، أم أن الولاءات الشخصية والسياسية أصبحت هي المعيار الوحيد؟

آراء أعضاء الحزب: غضب يتصاعد واتهامات بالتواطؤ

لم تكن تصريحات الجمال هي الوحيدة التي عبرت عن الرفض الشديد لهذا التعيين. في مقابلات مع عدد من أعضاء الحزب، اتفقوا جميعًا على أن تعيين الطراوي هو “مهزلة” تضاف إلى سلسلة الفضائح التي أصبحت عنوانًا لمسيرة حزب الوفد في الأشهر الأخيرة.

واكد مصدر رفيع المستوي بحزب الوفد “رفض ذكر أسمه”، قائلا: “هذا التعيين هو القشة التي قصمت ظهر البعير. نحن نتحدث عن شخص لم يكن له أي دور حقيقي في الصحافة، لم يُعرف عنه إلا الفشل، ثم يأتي ليتولى منصبًا في جريدة لها تاريخ عريق”.

وأضاف المصدر بأن: “الأمر لا يتعلق فقط بالخبرة المهنية، بل بمسألة السمعة والكفاءة. كيف لشخص مثل الطراوي أن يكون وجهًا لجريدة مثل الوفد؟”

ومن جهته، وصف محمود محمد عضو بحزب الوفد، القرار بأنه “فضيحة بكل المقاييس”. وأشار غنيم إلى أن “حزب الوفد كان وما زال رمزًا للنضال السياسي والصحفي في مصر، وقرار تعيين شخص مثل الطراوي في هذا المنصب هو إهانة لتاريخ الحزب ولمسيرته الطويلة”.

وأكد محمود بأن “الضغوط الداخلية في الحزب أصبحت واضحة، وأن مثل هذه القرارات لا تخدم سوى مصالح شخصية ضيقة”.

فساد يتفشى: هل أصبح حزب الوفد لعبة في يد أصحاب النفوذ؟

لكن السؤال الأكبر الذي يتبادر إلى الأذهان هو: لماذا سامي الطراوي بالتحديد؟ ما الذي يجعله مناسبًا لتولي هذا المنصب؟ الإجابة قد تكمن في علاقاته الشخصية الوثيقة ببعض القيادات الحالية في الحزب، خاصة الدكتور السيد البدوي، الذي يُقال إنه وراء دعم الطراوي طوال مسيرته، منذ أيام عمله في مصنع الأدوية وحتى وصوله إلى جريدة الوفد.

تلميحات عديدة داخل الحزب تشير إلى أن تعيين الطراوي ليس صدفة، بل نتيجة لترتيبات خلف الكواليس تهدف إلى إحكام السيطرة على الجريدة من قبل قوى معينة داخل الحزب.

وفي ظل تولي النائب أيمن محسب رئاسة مجلس إدارة الجريدة، يبدو أن هذه القوى تسعى لتعزيز نفوذها بأي ثمن، حتى ولو كان ذلك على حساب سمعة الجريدة وتاريخها.

ضغوط واستقالات: إلى أين يتجه حزب الوفد؟

منذ تولي النائب أيمن محسب رئاسة مجلس إدارة الجريدة، شهدت الجريدة سلسلة من الأحداث التي دفعت العديد من الصحفيين إلى تقديم استقالاتهم.

فقد شعروا أن خط التحرير أصبح يخدم أجندات سياسية محددة، بعيدًا عن الأهداف الوطنية والنضالية التي طالما تميزت بها جريدة الوفد.

وفي هذا السياق، قال أحد الصحفيين، الذي فضل عدم ذكر اسمه: “الوضع داخل الجريدة أصبح لا يطاق. كل شيء يتم وفقًا لتعليمات مباشرة من بعض القيادات الحزبية.

ولم يعد هناك مجال للرأي المستقل أو الصحافة الحقيقية”. وأضاف الصحفي: “تعيين سامي الطراوي هو دليل على هذا الاتجاه. هو مجرد واجهة لأشخاص آخرين يتحكمون في الجريدة من خلف الستار”.

هل سيتحرك الوفديون لإصلاح الوضع؟

السؤال الذي يشغل بال الجميع الآن هو: هل سيتحرك أعضاء حزب الوفد لوقف هذه المهزلة؟ هل سيعترضون على هذا التعيين ويعيدون الجريدة إلى مسارها الصحيح؟ أم أن الحزب سيظل رهينًا للتجاذبات السياسية والمصالح الشخصية؟

ودعا “م. ع.”، أحد كبار الوفديين، إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة الوضع. وقال: “لا يمكن أن نصمت أمام هذه الفضيحة. جريدة الوفد ليست ملكًا لأحد، هي صوت الجماهير ومنبر المعارضة، ولا يجب أن تتحول إلى مجرد أداة في يد بعض الأفراد”.

وأضاف “إذا لم يتحرك الحزب سريعًا، فإننا سنفقد مصداقيتنا أمام الشعب، وسنفقد الجريدة كل ما تبقى لها من احترام ومكانة”.

المستقبل الغامض لجريدة الوفد

ما يحدث الآن داخل أروقة جريدة الوفد هو فصل جديد في سلسلة طويلة من الصراعات والفضائح التي تضرب الحزب.

وتعيين سامي الطراوي رئيسًا لتحرير الجريدة لم يكن سوى القشة التي فضحت الفساد والتلاعب بمقدرات الجريدة والحزب.

وفي ظل هذا الوضع المأساوي، يتساءل الجميع: إلى أين يتجه حزب الوفد؟ وهل ستنجح القوى المعارضة داخل الحزب في إيقاف هذا الانحدار؟ أم أن الجريدة ستبقى رهينة لمصالح شخصية ضيقة تتحكم فيها من خلف الكواليس؟

الأسئلة تبقى كثيرة، لكن الإجابة قد تكون مؤلمة: ما لم يتحرك الوفديون سريعًا لاستعادة جريدتهم وحزبهم، فإن النتيجة ستكون كارثية، ليس فقط على مستقبل الجريدة، بل على مستقبل المعارضة السياسية في مصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى