الفساد في مناجم الذهب: صفقة أنجلو أشانتي وسرقة حقوق الدولة المصرية
في جو من الجدل والغضب، أعلن وزير البترول والثروة المعدنية عن صفقة استحواذ شركة أنجلو أشانتي على شركة سنتامين، المالكة للفرعونية لمناجم الذهب والتي تُعتبر شريك الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية في منجم السكرى.
ورغم التأكيدات الرسمية بأن الصفقة لن تؤثر على حقوق الدولة المصرية، إلا أن الشارع المصري يعج بالتساؤلات والاعتراضات حول مصير الثروات الوطنية ومدى سلامة قرارات المسؤولين عن إدارة هذا القطاع الحيوي.
انفجار الغضب الشعبي
عملت “الأحوال المتدهورة” في قطاع الثروات المعدنية على تكريس حالة من الاستياء العميق بين المواطنين. تواجه وزارة البترول العديد من الاتهامات بعدم الشفافية والتواطؤ مع الشركات الأجنبية، مما يثير تساؤلات حول مصير إيرادات هذه المناجم ومدى استفادة الشعب المصري منها.
وفي استطلاع آراء عشوائي، صرح المواطن محمد عبد الرحمن، موظف حكومي، قائلاً: “كيف يُسمح لشركة أجنبية بالاستحواذ على ثرواتنا بينما نعاني من الفقر؟ هذه هي الكارثة الحقيقية التي نعيشها.”
المختصون يرون الأزمة بشكل أعمق
لم يكن الغضب محصوراً على عامة الشعب فحسب، بل، عبر عدد من الخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي عن مخاوفهم الأكبر حول آثار هذه الصفقة.
فيلق أحمد صلاح، اقتصادي مختص في مجال المعادن، أكد على أن هذه الصفقة كانت “خطوة استباقية لإفراغ مواردنا الطبيعية من قيمتها الحقيقية، وهو ما يستدعي وقفة جادة من جميع الأطراف المعنية.”
وأشار صلاح أيضاً إلى أن العقود التي يتم توقيعها يجب أن تحمل ببنود واضحة تحفظ حقوق الدولة وتضمن عدم استنزاف ثرواتنا: “الاستثمار الأجنبي مهم، لكن يجب ألا يكون على حساب مقدراتنا. يجب أن نكون متيقظين ونطالب بشفافية أكبر.”
الحراك الشعبي يتفاعل
ومع تصاعد النقاشات، شهدت الشوارع المصرية موجة من الاحتجاجات والمطالبات بإعادة النظر في صفقة أنجلو أشانتي. وتقول الناشطة السياسية فاطمة عبد الرازق، “لا يمكننا أن نقف متفرجين بينما تُسرق ثروات وطننا. على الجميع الخروج والمطالبة بحقوقنا.”
وفي ظل هذا الحراك، أطلق ناشطون حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم #مناجمالمالالضائع، لزيادة الوعي والمطالبة بشفافية أكبر في إدارة الثروات. وسرعان ما انتشرت الحملة، وجذبت العديد من المشاركين الذين عبروا عن شعورهم بالفشل في حماية حقوقهم.
الأصداء تصل إلى البرلمان
تسارعت الأحداث وفي خطوة غير مسبوقة، استدعت لجنة الطاقة والبيئة في البرلمان المصري وزير البترول للاستماع إلى توضيحاته حول الصفقة، وسط تأكيدات من النواب بأنهم لن يقبلوا بصفقات تضر بمصالح البلاد.
والناشط الحقوقي عادل فتحي، الذي قاد حملة برلمانية ضد الصفقة، أكد على أن “الحقوق الاقتصادية للشعب يجب أن تكون في المرتبة الأولى، وأن كل ما يطال هذه الموارد الحيوية يجب أن يكون واضحاً وشفافاً.”
آراء متضاربة حول التأثيرات المستقبلية
بينما يوجد إجماع على أن الصفقة قد تكون لها أبعاد سلبية، هناك من يراها فرصة للفوز بالاستثمار. ورغم ذلك، أكد الكثيرون أن الفرصة لا يجب أن تأتي على حساب حقوق الشعب المصري.
وتقول المحللة الاقتصادية هالة مصطفى إن “استحواذ شركات متعددة الجنسيات قد يفتح الباب لتطوير المجالات الاقتصادية، لكن يجب أن يكون ذلك مبنياً على الشفافية والتفاهم المتوازن.”
استمرار حالة الغموض
خلال الأيام الماضية، أصدرت الوزارة بيانات متعددة تؤكد عدم تأثير الصفقة على حقوق الدولة، ولكن الشكوك لا تزال مسيطرة.
وتحذر مصادر قريبة من الوزارة، “إذا لم تكن هناك شفافية في العلاقة بين الأطراف، سيواجه النظام مشاكل أكبر خلال السنوات القادمة.”
من ينقذ الثروات المصرية؟
في خضم هذه الأزمنة العصيبة، يظل التساؤل قائمًا حول من سيتولى مسؤولية حماية حقوق الدولة المصرية في المناجم الثمينة.
وتظل الأصوات المنادية بالعدالة الاقتصادية مرتفعة، فهل ستستجيب الحكومة لمطالب الشعب، أم ستستمر في تهميش قضايا الفساد؟ على الوقت أن يجيب.
يادوب الزمن كفيل بإظهار ردود الفعل الحقيقية، لكن المؤكد أن الثورة الشعبية على الفساد العملاق قد بدأت بالفعل.