ثقافة وفنون

فضيحة مسرحية في أسوان: سطوة رانيا راضي وتغاضي إقليم جنوب الصعيد الثقافي عن مشاكل المسرح

في قلب محافظة أسوان، حيث يمتزج عبق التاريخ مع ألوان الثقافة، يقع مسرح فوزي فوزي الصيفي، الذي كان من المفترض أن يكون منارة للإبداع والفنون.

لكن، ما يحدث خلف الكواليس في هذا المسرح يشكل مشهداً درامياً من نوع آخر، حيث يكشف عن تفاصيل فساد إداري وتعسف تجاه الموظفين والفنانين.

تعد قضية رانيا سيد محمد راضي، مديرة المسرح الحالية، واحدة من أكثر الأزمات إزعاجاً، والتي عكست تصاعداً في الاحتجاجات ضد إدارتها وتعاملاتها غير اللائقة.

خلفية الأزمة

منذ تعيينها، واصلت رانيا سيد محمد راضي تصدر أخبار مسرح فوزي فوزي الصيفي، ليس بسبب إنجازات فنية أو نجاحات جديدة، بل بسبب التوترات والمشاكل التي أثارتها.

وتتحدث الشكاوى التي تقدم بها العاملون في المسرح وأعضاء الفرقة القومية بأسوان عن أسلوب إداري تعسفي وتجاهل متكرر لشكاوىهم. وعندما سألنا بعضهم، كان ردهم مليئاً بالإحباط والغضب.

معاناة العاملين والفنانين

وصف “ح. ي.”، أحد العاملين في المسرح، في حديثه لموقع “أخبار الغد” الظروف الصعبة التي يمر بها، حيث قال: “لقد أصبحنا نعيش في حالة من القلق المستمر.

كل يوم هو تحدٍ جديد في التعامل مع هذه المديرة. هي تتعامل معنا بتعالٍ وكأننا موظفون من الدرجة الثانية، تتجاهل شكاوينا وتعاملنا بطرق غير لائقة.”

أما “هـ. أ.”، عضو فرقة أسوان القومية المسرحية، فقد أعرب عن استيائه قائلاً: “تتبع رانيا أسلوباً غير مبرر في التعامل مع الفرقة.

كثيراً ما تواجهنا بالصعوبات والعراقيل، مثل رفضها السماح لنا بالدخول إلى المسرح أو توفير المعدات اللازمة للبروفات. هذا الأمر يتسبب في إضاعة وقتنا ويعرقل أعمالنا.”

وتضيف “ع. ص.”، ممثلة في الفرقة، أن “المديرة تعاملنا بطريقة غير محترمة، وتتهمنا دائماً بالإهمال وعدم الالتزام، رغم أن الواقع عكس ذلك.

نحن نحرص على نظافة المسرح وتنظيم البروفات كما هو مطلوب، لكن تلك المزاعم تجعلنا نعيش في حالة من التوتر والقلق.”

التحقيقات والتوصيات

لم تكن هذه المشاكل مجرد شكاوى عابرة، بل تم تناولها بجدية من قبل إدارة التفتيش المالي والإداري بالهيئة العامة لقصور الثقافة. برئاسة عبدالحليم سعيد، مدير عام التفتيش، قام بزيارة مسرح فوزي فوزي الصيفي بناءً على الشكاوى، حيث أجرى تحقيقات واسعة.

وصرح لموقع “أخبار الغد” مصدر رفيع المستوي بفرع ثقافة أسوان “رفض ذكر أسمه”، فقد وجد عبدالحليم سعيد أدلة ملموسة تدعم صحة الشكاوى المقدمة ضد رانيا سيد محمد راضي.

أوضح المصدر: “قامت إدارة التفتيش المالي والإداري بالهيئة العامة لقصور الثقافة بمراجعة الممارسات الإدارية في المسرح ووجدوا بأن هناك سلسلة من المشاكل التي تتطلب التدخل العاجل. وهناك تجاوزات عديدة وتقصير في المسؤوليات التي تؤثر على سير العمل بشكل عام.”

كما أعد مدير التفتيش تقريراً يوصي بتغيير إدارة المسرح، وذلك بسبب تأثير تصرفات رانيا على العمل الفني والإداري.

ورغم هذه التوصيات، لم يتخذ عماد فتحى، رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي، أي خطوات فعلية لتنفيذ هذه التوصيات.

تجاهل رئيس الإقليم للمشاكل

في الوقت الذي كان فيه التقرير قد أوصى بإجراء تغييرات، اختار عماد فتحى، رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي، تأجيل اتخاذ أي قرار بشأن مسألة تغيير مديرة المسرح. وهذا التأجيل أثار تساؤلات حول دوافعه الحقيقية، حيث يرى الكثيرون أن هناك عوامل أخرى قد تكون وراء تأخير هذا القرار.

أوضح مصدر مطلع على الأمور داخل الإقليم، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، قائلاً: “هناك تلميحات بأن بعض الضغوط أو المجاملات قد تكون وراء عدم اتخاذ قرار سريع بتغيير المديرة. هذا الوضع يثير القلق حول النزاهة والشفافية في اتخاذ القرارات داخل الهيئة.”

الممارسات غير اللائقة من المديرة

تؤكد الشكاوى المقدمة ضد رانيا سيد محمد راضي على مجموعة من الممارسات غير اللائقة التي كانت سبباً في تفاقم المشاكل.

ومن بينها إغلاق المسرح أمام أعضاء الفرقة وعدم توفير المعدات اللازمة للبروفات، فضلاً عن الإهانات المستمرة التي يتعرض لها العاملون والفنانون.

وأحد المواقف الصادمة كان عندما قامت رانيا برمي إكسسوارات المسرح والديكور في الشارع، معتبرةً إياها “زبالة”، مما اضطر الفرقة إلى تحمل تكاليف شراء الجديد منها.

وأضاف “ص. إ.”، أحد موظفي المسرح، أن “التعامل مع رانيا كان بمثابة كابوس يومي. هي تقوم دائماً بوضع العراقيل وتقديم الأعذار الواهية لتبرير سوء إدارتها. تصرفاتها أدت إلى إحباط الجميع.”

محاولات للتغيير وإجراءات غير كافية

في إطار محاولات تحسين الوضع، قام مدير عام فرع ثقافة أسوان برفع مذكرة تطالب بتغيير رانيا سيد محمد راضي وتعيين مدير آخر، لكن القرار لم ينفذ بعد.

وتدل التقارير على أن هناك عرقلة متعمدة لتغيير الإدارة، وهو ما يثير تساؤلات حول النظام الإداري والأسباب الكامنة وراء هذا التعطيل.

تقول “س. ش.”، موظفة سابقة في فرع ثقافة أسوان، “رغم كل الشكاوى والتقارير الرسمية، لم يتم اتخاذ أي إجراء فعلي. الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، ويجب أن يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لحل المشكلة.”

مطالبات بالتدخل الفوري

ما يحدث في مسرح فوزي فوزي الصيفي يعكس مشكلة أعمق في نظام إدارة الثقافة والفنون في أسوان.

وإن تعنت رانيا سيد محمد راضي وتجاهل شكاوى الموظفين والفنانين، إضافةً إلى تأجيل اتخاذ القرارات الحاسمة، يؤكد الحاجة الملحة لتدخل سريع من قبل الجهات العليا في الهيئة العامة لقصور الثقافة.

ويطالب أعضاء المكتب الفني لفرقة أسوان القومية المسرحية بضرورة تحقيق العدالة وحل هذه الأزمة بشكل سريع.

ويجب أن يتم تنفيذ توصيات التفتيش وتغيير الإدارة الحالية للمسرح لضمان استقرار البيئة العمل وتحسين ظروف العمل للفنانين والعاملين.

إذا استمرت هذه الأوضاع على حالها، فإن هذا سيسبب ضرراً كبيراً ليس فقط للفرقة القومية بأسوان، بل أيضاً لسمعة الهيئة العامة لقصور الثقافة ككل.

لذا، فإن التدخل السريع والمجدي هو السبيل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من سمعة مسرح فوزي فوزي الصيفي وضمان تحقيق العدالة لكل الأطراف المعنية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى