تقارير

العبور المميت: 8 قتلى في حادث غرق قبالة سواحل فرنسا و43 مهاجراً يلقون حتفهم في 2024

في واحدة من أكثر المآسي دموية منذ سنوات، قُتل ثمانية مهاجرين بعد غرق قاربهم المطاطي قبالة سواحل فرنسا، بينما كانوا يحاولون عبور القناة الإنجليزية في ظروف قاسية للغاية.

والحادث الذي وقع ليلة السبت إلى الأحد يرفع عدد ضحايا حوادث غرق المهاجرين في المانش منذ بداية عام 2024 إلى 46 قتيلاً، مما يجعله العام الأكثر دموية في هذه الظاهرة منذ بداية تسجيل الحوادث في عام 2018.

المعلومات المتوفرة تشير إلى أن القارب كان يحمل حوالي 60 شخصًا، معظمهم من دول تشهد نزاعات وصراعات مثل إريتريا والسودان وسوريا وأفغانستان ومصر وإيران.

وكان من بين هؤلاء المهاجرين طفلاً يبلغ من العمر عشرة أشهر، الذي نُقل إلى المستشفى مع أربعة ناجين آخرين بعد إنقاذهم من البحر.

المفاجأة الصادمة هي أن واحداً فقط من بين كل ستة أشخاص كان يرتدي سترة نجاة، وهو ما يزيد من فظاعة الحادث الذي وقع عندما جنح القارب على صخور بحرية بعد مغادرته أحد الأنهار الساحلية.

الوزير البريطاني ديفيد لامي عبّر عن صدمته من الحادث، واصفاً إياه بأنه “مروع” و”فقدان مؤلم للحياة”. بينما قالت جمعية “يوتوبيا 56” على منصة إكس إن “هؤلاء الأشخاص فقدوا حياتهم بسبب إغلاق الممرات من قبل فرنسا وإنجلترا”، في إشارة إلى السياسات الصارمة التي تتبعها الدولتان تجاه المهاجرين.

بدورها، دعت جمعية “أوبيرج دي ميغران” إلى إعادة تقييم سياسات الهجرة في كل من فرنسا وبريطانيا، ووصفت المانش بأنه “حدود قاتلة”.

الحادث الأخير يأتي بعد أقل من أسبوعين من غرق قارب آخر أدى إلى وفاة 12 شخصًا، وهو أسوأ حصيلة تسجل هذا العام.

الشهادات الواردة من المتطوعين والجمعيات الإنسانية تشير إلى تزايد الرحلات الخطرة عبر القناة في الأيام الأخيرة، حيث أبلغت السلطات البحرية عن إنقاذ 200 شخص في يومين فقط، وسط محاولات متزايدة لعبور القناة على قوارب غير آمنة.

وأفادت جمعية محلية بأن عمليات الإبحار تحدث “طوال الوقت، صيفاً وشتاءً، ليلاً ونهاراً، كلما هدأت الأمواج”.

هذه الكوارث تتابع خلال الصيف، حيث شهدت القناة سلسلة من الحوادث المميتة، بما في ذلك غرق ثلاثة قوارب في يوليو وحده، أسفرت عن وفاة ستة مهاجرين.

وتُظهر الأرقام البريطانية أن متوسط عدد الركاب على القوارب التي وصلت إلى السواحل البريطانية منذ بداية العام هو 52 راكباً، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بـ13 راكباً فقط في عام 2020.

الوزير الفرنسي السابق جيرارد دارمانان شدد على أن “العديد من المهاجرين كانوا يفتقرون إلى سترات النجاة خلال حادث الغرق الأخير”، داعياً إلى ضرورة توقيع “معاهدة هجرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي” لمحاولة تقليل عدد المغادرين غير الشرعيين من فرنسا إلى إنجلترا.

منذ بداية العام، وصل أكثر من 22 ألف مهاجر إلى إنجلترا عبر القناة، حيث تفاقمت ظاهرة عبور القوارب الصغيرة نتيجة لإغلاق الأنفاق والموانئ لخفض أعداد المهاجرين.

الحكومة البريطانية الجديدة تحت قيادة كير ستارمر تعهدت بمكافحة الهجرة غير النظامية، من خلال زيادة عمليات الترحيل ومحاربة عصابات التهريب.

وأعلن مكتب ستارمر عن تعيين مارتن هيويت رئيساً لـ”قيادة أمن الحدود البريطانية” الجديدة، التي ستدعم جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتدير تحقيقات مشتركة مع دول أوروبية أخرى.

ومن المتوقع أن يرافق هيويت رئيس الوزراء البريطاني في زيارة إلى روما لمناقشة قضايا الهجرة مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.

هذا الصيف شهد أيضاً أعمال شغب عنيفة في المملكة المتحدة بعد حادث مقتل ثلاث فتيات في نهاية يوليو، والذي قوبل بشائعات تم نفيها لاحقاً عن علاقة الحادث بطالب لجوء مسلم.

والشرطة البريطانية أوضحت أن المشتبه به هو مولود في كارديف لعائلة رواندية، مما يسلط الضوء على التوترات المتزايدة حول قضايا الهجرة في المملكة المتحدة.

في ضوء هذه الأحداث، يبدو أن مسألة الهجرة عبر القناة الإنجليزية تظل مسألة معقدة وشائكة، تتطلب تدخلاً عاجلاً وفعالاً من جميع الأطراف المعنية للحد من تكرار مثل هذه الكوارث البشرية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى