قرار المحكمة الدولية المجهول: ملكية الحائط الغربي للمسلمين .. سر لم يُكشف
تعد قضية الحائط الغربي في القدس من أكثر القضايا إثارةً للجدل على الساحة الدولية، إذ تثير مشاعر مليارات من المسلمين واليهود على حد سواء.
وفي خضم هذا النزاع التاريخي، كشف المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي عن قرار محكمة دولية يعود تاريخه إلى ما يقرب من 93 عامًا، والذي قد يُغير فهم الكثيرين حول ملكية الحائط الغربي وما يرتبط به من حقائق تاريخية.
وهذا القرار، الذي لم يُعرف عنه سوى القليل حتى اليوم، يمثل صدمة للمسلمين والعرب الذين يجهلون تفاصيله المهمة.
قرار المحكمة: الحائط الغربي ملك للمسلمين
في فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، عُقدت محكمة دولية للنظر في النزاع حول الحائط الغربي للمسجد الأقصى.
وهذا النزاع اشتعل في عام 1929 عندما اندلعت ثورة البراق، التي كانت احتجاجًا على السياسات البريطانية التي سهلت لليهود الوصول إلى هذا الموقع المقدس.
وجرى هذا النزاع بين المسلمين واليهود حول ملكية الحائط: هل هو حائط البراق الذي يرتبط بالإسلام، أم حائط المبكى الذي يعتبر مقدسًا لليهود؟
اللجنة الدولية: قضاة غير منحازين في قلب النزاع
بريطانيا، كقوة استعمارية آنذاك، أسست لجنة دولية للنظر في النزاع. ترأس اللجنة وزير الشؤون الخارجية السابق في السويد، وضمت أعضاء من مختلف الخلفيات القانونية والسياسية، بما في ذلك نائب رئيس محكمة العدل في جنيف،
ورئيس محكمة التحكيم النمساوية الرومانية المختلطة، وعضو من البرلمان الهولندي. أعضاء اللجنة لم يكونوا من العرب أو المسلمين، مما يضفي طابعًا محايدًا على تحقيقاتهم.
تحقيق شامل: وثائق وشهادات تصب في مصلحة المسلمين
في يونيو 1930، وصلت اللجنة إلى القدس وبدأت تحقيقًا شاملًا استمر شهراً كاملاً. خلال هذه الفترة، عقدت اللجنة 23 جلسة استمعت خلالها إلى شهادات 52 شاهداً،
من بينهم 21 حاخامًا يهوديًا و30 عالمًا مسلمًا، بالإضافة إلى شاهد بريطاني. الطرفان قدموا 61 وثيقة، منها 35 مقدمة من اليهود و26 من المسلمين.
الحائط الغربي هو ملك للمسلمين
توصّلت اللجنة إلى قرار حاسم: الحائط الغربي هو جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف الذي يعتبر وقفًا إسلاميًا. وقد ثبت أن الحق العيني في الحائط هو حق للمسلمين، بناءً على الوثائق التاريخية وسجلات المحكمة الشرعية، بالإضافة إلى النصوص القرآنية التي تؤكد قدسية الموقع عند المسلمين.
كما أكدت اللجنة أن زيارة اليهود للحائط لم تكن إلا منحة مؤقتة بموجب أوامر من الدولة العثمانية والحكم المصري للشام، ولم تمنحهم حقًا تاريخيًا أو دينيًا أو عقاريًا.
القرار النهائي: منع الأنشطة اليهودية حول الحائط
في قرارها النهائي، الذي صدر بعد خمسة أشهر من بدء التحقيقات، أعلنت اللجنة أنه لا يحق لليهود استخدام الأدوات الدينية مثل المقاعد والرموز والحصير والستائر بالقرب من الحائط، كما منعتهم من نفخ البوق أو القيام بأي أنشطة دينية بالقرب من الحائط.
وقد وضع هذا القرار موضع التنفيذ اعتباراً من يونيو 1931، وأصدرت الحكومة البريطانية كتابًا أبيض يعترف بملكية المسلمين للحائط الغربي، وهو ما تم تأكيده بموجب مرسوم ملكي بريطاني يحمل اسم “مرسوم الحائط الغربي لسنة 1931”.
تجاهل عالمي: لماذا لم يُعرف عن القرار؟
ورغم أهمية هذا القرار التاريخي، ظل مجهولاً بالنسبة للكثيرين. مرزوقي يلفت الانتباه إلى أن هذا القرار لم يُترجم إلى لغات العالم كما كان الحال لو كان في صالح اليهود،
وهو ما يعكس التباين في التغطية الإعلامية والسياسية حول هذه القضية. كما أن معظم العرب والمسلمين لا يعرفون عن هذا الحكم الذي قد يؤثر على فهمهم للتاريخ والنزاعات الحالية حول القدس.
تأثيرات القرار: من الحكم إلى الواقع
قرار المحكمة الدولية قد يكون له تأثيرات كبيرة على النزاع الدائر اليوم حول الحائط الغربي. فعلى الرغم من أن هذا القرار قد يخفف بعض التوترات، إلا أن التحديات السياسية والإعلامية ما تزال قائمة.
تأثيرات هذا الحكم يمكن أن تساهم في إعادة تشكيل المواقف السياسية والاجتماعية، وقد تفتح المجال لنقاشات جديدة حول الحقوق التاريخية والدينية في المنطقة.
استجابة المجتمع الدولي: كيف تم التعامل مع القرار؟
بعد إصدار القرار، خفت أصوات المطالبين بحقوقهم في الحائط الغربي من قبل اليهود، ولكن ذلك لم يمنع استمرار النزاع.
والقرار والكتاب الأبيض البريطاني لم يحلا النزاع بشكل كامل، بل ربما ساهموا في تعقيده بسبب التباين في التفسيرات والتطبيقات السياسية. الأثر المستمر لهذا القرار يشير إلى الحاجة إلى معالجة موضوع القدس بشكل أكثر شمولية ودقة.
الحقيقة المدفونة في ملفات التاريخ
القرار الصادر عن المحكمة الدولية حول ملكية الحائط الغربي يُعتبر جزءًا من التاريخ المدفون، الذي قد يغير النظرة الحالية حول نزاع طويل الأمد.
والكشف عن هذا القرار يسلط الضوء على أهمية مراجعة الوثائق التاريخية وتقديم حقائق دقيقة للعالم. فهم هذه الحقائق قد يكون خطوة نحو تحقيق السلام والعدالة في نزاع القدس.
فإن الكشف عن هذه الحقيقة التاريخية يعيد إلى الأذهان ضرورة التحقق من المعلومات التاريخية والبحث في الأرشيفات، لفهم الأبعاد الحقيقية للنزاعات الحالية وتقديم حلول مبنية على الحقائق والعدالة.