مصر

فضيحة السكك الحديدية .. كارثة الزقازيق تكشف تلاعب وزير النقل بحياة المواطنين

تصاعدت الأزمات وتوالت الكوارث على قطاع السكك الحديدية المصري، وآخرها حادث تصادم قطارين بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية الذي وقع قبل أيام، ليصدم الرأي العام بتفاصيل جديدة تكشف عن حجم الإهمال والتقصير الذي يكتنف هذا القطاع الحيوي.

الحادث الذي أسفر عن وفاة وإصابة العشرات، أعاد تسليط الضوء على سلسلة من الأزمات التي تمر بها السكك الحديدية، وأثار جدلاً واسعاً حول المسؤولية الفعلية لهذا الحادث المأساوي.

مجزرة السكك الحديدية

حادث تصادم قطارين في الزقازيق لم يكن مجرد حادث عابر، بل كان بمثابة قنبلة موقوتة كشفت عن عمق الفساد والتقصير الذي يعاني منه قطاع السكك الحديدية.

وفي مساء يوم الحادث، اصطدم قطار الركاب رقم 281 القادم من الزقازيق إلى الإسماعيلية، مع قطار الركاب رقم 336 المتجه من المنصورة إلى الزقازيق، في منطقة أمام الكوبري الجديد بلوك 5 بمدينة الزقازيق.

والحادث أسفر عن وفاة 3 شخصاً وإصابة 49 آخرين، وفقاً للتقارير الأولية، مما دفع الأهالي إلى الصراخ وطلب المساعدة بشكل بدائي، حيث لم تتوافر فرق الإنقاذ بشكل كافٍ، وكان على المواطنين تقديم يد العون في ظروف صعبة.

التحقيقات تكشف عن تناقضات كبيرة

أظهرت التحقيقات الأولية تناقضات كبيرة حول أسباب الحادث. ففي البداية، أعلن المسؤولون عن وفاة عامل التحويلة، وهو ما أثار تساؤلات حول كيف يمكن لعامل واحد فقط أن يكون سبباً في كارثة بهذا الحجم.

لكن التصريحات الرسمية لم تتطابق مع ما نشرته وسائل الإعلام، حيث أفادت التقارير بأن مسؤولين من المحافظة قد أعلنوا عن التحفظ على عامل التحويلة، بالإضافة إلى شخصين آخرين، وهو ما يزيد من الغموض حول هوية المسؤولين الفعليين عن الحادث.

التصريحات الرسمية والواقع المزعج

تضاربت التصريحات الرسمية حول دور عامل التحويلة في الحادث. ففي الوقت الذي أعلن فيه الإعلام الرسمي عن وفاة عامل التحويلة بسبب سكتة قلبية، أكد محافظ الشرقية، المهندس حازم الأشموني، أن السلطات قد تحفظت على عامل التحويلة واثنين آخرين، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول مصداقية هذه التصريحات.

وتقول فاطمة الشاذلي، إحدى المواطنات الناجيات من الحادث: “الوضع كان فوضويًا للغاية. لم يكن هناك أي تنظيم أو دعم إسعاف. والأهالي هم من قاموا بإنقاذ المصابين، وقد شاهدنا مشهدًا مروعًا حيث كانت خدمات الطوارئ متأخرة جدًا. كنت أتمنى أن يكون هناك تنظيم أفضل للموقف.”

من المسؤول؟

في محاولة لفهم المسؤولية الحقيقية وراء الحادث، نعود إلى قرارات وزير النقل، كامل الوزير. فقد أثارت تصريحات الوزير حول إلغاء تقنية ATC (Automatic Train Control) التي توقف القطار في حالات الطوارئ، جدلاً واسعاً.

فإلغاء هذه التقنية يعني زيادة المخاطر في حالات الطوارئ، وهو ما قد يكون له تأثير كبير على سلامة الركاب. تعود هذه القرارات إلى تعليمات صادرة عن الوزير، ما يثير التساؤلات حول مدى جديته في حماية سلامة المواطنين.

وأوضح محمد يوسف، خبير في مجال النقل السككي: “قرار إلغاء نظام ATC هو قرار كارثي. هذه التقنية كانت توفر أماناً إضافياً للقطارات، وإلغاؤها يعد تراجعاً كبيراً في معايير السلامة. من الواضح أن هناك تجاهلاً لسلامة الركاب، وهذا يظهر في الحوادث المتكررة.”

إهمال كبير في الاستجابة للطوارئ

علاوة على أسباب الحادث، تكشف الفوضى في إدارة الطوارئ عن أزمة أخرى في القطاع. فلم يكن هناك أي تنظيم فعال لمساعدة المصابين،

وقد اعتمد الأهالي بشكل رئيسي على أنفسهم في تقديم الدعم. هذه الفوضى تكشف عن عدم الاستعداد الكافي لمواجهة مثل هذه الكوارث.

وأشار حسن عبدالله، أحد المتطوعين في جهود الإنقاذ: “كانت هناك حالة من الفوضى العارمة. لم تكن هناك فرق إنقاذ متاحة في الوقت المناسب. قمنا بكل ما بوسعنا لمساعدة المصابين، ولكن كان من الواضح أن هناك نقصاً في التنسيق والدعم الرسمي.”

الحقيقة المرة

في نهاية المطاف، الحادث يكشف عن منظومة متهالكة وسوء إدارة يطغى على قطاع السكك الحديدية. فالإهمال في الصيانة، والإدارة السيئة للطوارئ، وقرارات غير مدروسة تساهم جميعها في تفاقم الأزمات.

سارة كامل، ناشطة حقوقية، تقول: “يجب أن يكون هناك محاسبة حقيقية للمسؤولين عن هذه الكارثة. ولا يمكن أن نسمح بتكرار مثل هذه الحوادث. يجب أن يكون هناك تغيير جذري في إدارة قطاع السكك الحديدية وتحسين معايير السلامة.”

حادث تصادم قطارين الزقازيق يمثل علامة فارقة في سجل الإهمال

إن حادث تصادم قطارين الزقازيق يمثل علامة فارقة في سجل الإهمال الذي يعاني منه قطاع السكك الحديدية في مصر.

فهو لا يكشف فقط عن سوء الإدارة والتقصير، بل يسلط الضوء أيضاً على الحاجة الماسة لإصلاحات جذرية في هذا القطاع.

ويجب على المسؤولين أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة، وأن تتخذ إجراءات عاجلة لتحسين السلامة وتفادي تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى