محافظات

البطالة في بني سويف: كيف يؤثر الفساد على فرص العمل

تُعاني محافظة بني سويف من مشكلة البطالة المتزايدة، حيث يُواجه الشباب صعوبة في الحصول على وظائف تناسب مؤهلاتهم، ويتعذر عليهم إيجاد فرص عمل حقيقية.

ومع تفشي الفساد في مديريات الخدمات الحكومية، أصبحت الفرص المتاحة حكراً على فئة معينة، مما يترك الغالبية العظمى من الشباب في حالة من الإحباط ويعزز من مشاعر اليأس.

وفي هذا التحقيق، موقع “أخبار الغد” ويستعرض تأثير الفساد على سوق العمل في بني سويف، ونكشف عن دور المحسوبية في تقليص فرص العمل، بجانب آراء المواطنين والمتخصصين في هذا الصدد.

واقع البطالة: من الأرقام إلى المعاناة اليومية

نظرة شاملة على البطالة في بني سويف

تشير الأرقام الحكومية إلى أن نسبة البطالة في بني سويف قد بلغت حوالي 12%، وهو معدل مرتفع يسيطر على أذهان الشباب.

ويقول محمود عز الدين، خريج كلية التجارة: “تخرجت قبل ثلاث سنوات، وما زلت أبحث عن عمل. عندما أذهب إلى مقابلات العمل، أشعر أن وجودي غير مجدٍ. يبدو أن الوظائف تُمنح فقط للمعارف.”

قصة حنان: باحثة عن فرصة

تقول حنان مصطفى، خريجة كلية العلوم: “عملت على تطوير مهاراتي، وحضرت العديد من الدورات التدريبية، لكنني لم أستطع الحصول على وظيفة. أرى أصدقائي يحصلون على وظائف، رغم أنهم لا يمتلكون المؤهلات اللازمة. إنه لأمر محزن.”

أبعاد الفساد وتأثيره على الفرص المتاحة

الفساد والمحسوبية: القاعدة والأثر

يُعتبر الفساد أحد العوامل الرئيسية التي تُحجّم من فرص التوظيف في بني سويف. يقول أحمد جلال، خبير اقتصادي: “تُجبَر الكفاءات الشابة على مواجهات مع واقع مرير، فعندما تكون المباريات في التعيين تقتصر على العلاقات والخدمات المتبادلة، تتضرر بشكل مباشر جودة العمل المتاحة.”

المسؤولية عن الفشل الإداري

يُعزى تدهور سوق العمل في المنطقة إلى عدم اعتماد مؤسسات الدولة على المعايير الكفؤة في التوظيف، مما يؤدي إلى استبعاد العديد من الكفاءات.

وتقول الدكتورة مريم النمس، أستاذة الاقتصاد: “يجب أن تدرك الحكومة أنه لا يمكن تحقيق تطوير حقيقي في الاقتصاد بوجود فساد. يجب أن تُعطى الفرص بناءً على الجدارة وليس العلاقات.”

في قلب الأزمة: سجل من الممارسات الفاسدة

تجارب واقعية عن المحسوبية

تُظهر التجارب الشخصية للشباب أن العديد منهم قد حُرموا من فرصهم بسبب الفساد. يقول طارق السيد، موظف حكومي سابق: “أعرف أصدقاءً حصلوا على تعييناتهم بسُرعة، رغم عدم كفاءتهم أو خبرتهم. يتم ذلك عبر المحسوبية، وهو ما يجعلنا نشعر باليأس.”

أصوات غاضبة تعبر عن المأساة

الفتيات والنساء بشكل خاص يواجهن تحديات إضافية بسبب عدم المساواة. تقول نجلاء رمضان، ناشطة تعمل في تمكين المرأة: “هناك تمييز واضح في فرص العمل. الشابات يُنظَرن بأسلوب مختلف، ولا يتم تعيينهن رغم كفاءتهن. بعضهن يحصلن على وظائف ولكن في ظروف غير عادلة.”

مظاهر الفساد وتأثيرها على المجتمع

الركود في التنمية المحلية

يتحدث العديد من الخبراء عن الكيفية التي تؤثر بها البطالة المتزايدة على التنمية. يقول الدكتور سامي جلال، أستاذ التنمية المستدامة: “البطالة تؤدي إلى تفشي الفقر وتدهور الحالة الاقتصادية. كما أن تنامي الإحباط يمكن أن يقود إلى السلوكيات السلبية.”

معاناة أسر من الأزمات الاقتصادية

يتأثر الأسرة الاقتصادية بشكل كبير بسبب عدم وجود دخل ثابت. وتشير هالة محمد، ربة منزل، إلى أن عدم توفر فرص العمل تؤثر على قدرتهم على تلبية الاحتياجات: “نعيش من راتب زوجي الذي بالكاد يكفي. والبطالة تجعلنا نتخبط في مصاعب الحياة.”

الدعوات لتحسين الوضع: مواطنون يطالبون بالعدالة

الشعب يدعو للتحرك

تزايدت المطالبات بضرورة الإصلاح وتحسين نظام التوظيف. ويفيد عمر البيومي، ناشط مجتمعي: “يجب أن يتحرك الجميع، وننشر الوعي حول الفساد وآثاره. نحن نريد نظامًا يضمن المساواة في الفرص، دون تمييز.”

التوجه نحو المستقبل: أملاً حقيقياً في التغيير

تتجه الأنظار نحو بناء مستقبل أفضل. وتقول سعاد زكي، ناشطة في مجال حقوق الإنسان: “لا يمكن أن يستمر الوضع كما هو. نحتاج إلى كل الأصوات للضغط على الحكومة لإصلاح النظام، وتصحيح الفساد المستشري.”

سعي جاد نحو حلول: ما هي الخطوات المطلوبة؟

مراقبة وصنع السياسات الفعالة

يؤكد المتخصصون على أهمية تطبيق آليات فعالة لمراقبة التوظيف. يقول الدكتور إيهاب عبدالمنعم، خبير الإدارة العامة: “يجب إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على عمليات التوظيف، وضمان النزاهة في كل مراحلها.”

التعاون بين القطاعات

ينبغي أن يكون هناك تعاون مستمر بين الحكومة والقطاع الخاص. تشير الدكتورة فاطمة عبدالرحمن، أستاذة الإدارة، إلى أن “التعاون يعد ضروريًا لخلق فرص العمل، لكن يجب أن يحكمه الالتزام بمبادئ الملكية العامة.”

الحاجة لتغيير حقيقي

إن أزمة البطالة في بني سويف تمثل تحدياً حقيقياً يتطلب العمل الجماعي من الجميع. يتوجب على الحكومة، بتعاون مع المجتمع المدني، العمل على معالجة الفساد المستشري وتوفير فرص العمل الحقيقية.

وتشترك كل من الكفاءات والشباب في المطالبة بحقوقهم في التوظيف والعدالة، وبالتالي فإن التشدد في محاسبة الفاسدين هو الطريق الوحيد لضمان مستقبلٍ يتجاوز الأزمات الحالية.

إذا استمرت الحالة على هذا النحو، فإن المخاطر ستظل تتزايد، وسيتعين على الأجيال القادمة مواجهة تداعيات هذه الأزمات الاقتصادية.

لذا يجب أن ترتفع الأصوات، ويجب أن يتسارع الضغط على الجميع لغرس ثقافة الشفافية والمساواة لحماية مستقبل إمكانيات مصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى