السياحة في الفيوم: كيف يُهدر الفساد ثروات المحافظة
تُعد محافظة الفيوم واحدة من أبرز الوجهات السياحية في مصر، بتنوعها البيئي وتاريخها الغني.
لكن رغم الإمكانيات الكبيرة، يعاني القطاع السياحي في المحافظة من تدهور ملحوظ، ويُعتقد أن الفساد قد يكون العامل الرئيسي في إهدار الثروات السياحية التي تمتلكها.
ويتناول موقع “أخبار الغد” أبعاد الأزمة، ويجمع آراء المواطنين والمختصين الذين يعبّرون عن رفضهم لما يحدث ويطالبون بإصلاحات حقيقية.
واقع السياحة في الفيوم: نماذج مُحبطة
تراجع أعداد السائحين
تظهر الأرقام الرسمية تراجعًا كبيرًا في عدد السائحين الذين يزورون الفيوم، حيث انخفضت نسب الزيارات بنسبة تصل إلى 40% خلال السنوات الأخيرة وفقًا لما صرح به ناشط حقوقي ومرشد سياحي، الدكتور أحمد مسعود. يقول: “المشاكل التي نواجهها في الفيوم تحتاج إلى حلول جذرية، وبدون المساءلة والمراقبة، لن تتحسن الأمور.”
مشاريع سياحية فاشلة
رغم وجود مشاريع سياحية تم الإعلان عنها، إلا أن أغلبها لم تُنفذ على أرض الواقع. يقول سامي زكريا، صاحب أحد الفنادق التراثية: “هناك أموال كثيرة تم استثمارها في مشاريع سياحية، لكنها لم ترَ النور بسبب الفساد والمحسوبية. وكلما انتظرنا، يبدو أن الأمور تزداد سوءًا.”
أسباب فشل السياحة: أوجه الفساد
توجيه الموارد بشكل غير صحيح
يعزو خبراء السياحة الفشل في القطاع إلى سوء تخصيص الموارد، حيث لم يتم استثمار الأموال في المشاريع التي تعود بالنفع على السياحة.
وتقول الدكتورة نجلاء عبدالرحمن، باحثة في مجال تنمية السياحة: “الاستثمارات مُهدرة، ويبدو أن وضع أولويات غير صحيحة هو السبب.”
التحكم في السوق عن طريق الأصدقاء
يفتقر السوق السياحي إلى الشفافية، حيث تدور شائعات حول أن بعض المشروعات يتم منحها لأشخاص مقربين من المسؤولين، مما يزيد من صعوبة المنافسة.
ويوضح محمد طه، مرشد سياحي: “إذا لم تكن لديك علاقات، فلن تحصل على فرصة. النسبة الأكبر من العروض تذهب لمن يعرفون بعضهم.”
أثر الوضع الراهن على المجتمع
فقدان الفرص الاستثمارية
يؤدي الفساد إلى تراجع فرص العمل في القطاع السياحي، حيث يشتكي الكثير من الباحثين عن عمل من عدم وجود فرص حقيقية.
وتقول سارة فوزي، خريجة كلية السياحة: “حلمت بالعمل في السياحة، لكن الواقع يدقّ مسامير في أملنا. الكثيرون يعانون، خصوصًا في ظل وجود مشاريع وهمية.”
تدهور الحالة الاقتصادية
تؤثر هذه الأزمات بشكل سلبي على الاقتصاد المحلي، حيث يعتمد الكثير من سكان الفيوم على السياحة كمصدر رئيسي للدخل.
ويعبر إبراهيم عوض، تاجر محلي، عن قلقه: “عندما تتراجع السياحة، يتأثر الجميع. في قريتي، أغلق العديد من المحلات أبوابها بسبب عدم وجود زبائن.”
أصوات المواطنين: الحاجة للتغيير
استجابة شعبية للمظالم
تتواصل الاحتجاجات والمطالبات من المواطنين من أجل إصلاحات في قطاع السياحة.
ويقول وليد حمدي، ناشط حقوقي: “يجب أن نخرج إلى الشوارع لنعبر عن استيائنا. لدينا موارد هائلة، لكن تلك الموارد تُنهب ولا تتيح لنا أي مزايا.”
مشاركة المجتمع المدني
تتولى منظمات المجتمع المدني دورًا حيويًا في توعية الناس والضغط على الحكومة لإحداث التغيير اللازم.
وتقول نجلاء الخطيب، موظفة في منظمة غير حكومية: “يسعى المجتمع المدني لتنظيم ورش عمل وتقديم مقترحات واضحة لإصلاح قطاع السياحة.”
إجراءات مطلوبة لإحياء السياحة
تحقيق الشفافية
تشير الآراء إلى أهمية تحقيق الشفافية في القرارات. وتقول الدكتورة فاطمة جلال، أستاذة اقتصاد: “يتطلب الوضع إعادة النظر في كيفية تخصيص الأموال وإجراء مراجعات منتظمة حول المشاريع.”
إشراك المجتمع المحلي
يؤكد العديد على أهمية إذكاء الوعي في المجتمع المحلي حول إمكانياته. وتقول رشا أحمد، مديرة برنامج تنموي: “نحتاج لتمكين المجتمع وتوعيته ليكون له دور فعّال. ينبغي أن يكون صوتهم مسموعًا في اتخاذ القرارات.”
تحركات مشروعة وفرض الرقابة
تطبيق القوانين بصرامة
يتعين على الحكومة تطبيق قوانين صارمة على المخالفين. ويوضح الدكتور يحيى الشربيني، خبير قانوني: “إذا استمرت التجاوزات، فما الفائدة من وجود قوانين؟ يجب أن يكون هناك عواقب حقيقية لمن يساهم في الفساد.”
رصد وتوثيق الفساد
يتحدث أحمد سامي، ناشط لحقوق الإنسان، عن أهمية الرصد الفعّال: “لا بد من توثيق كل حالات الفساد كمصدر للضغط على المسؤولين وإجبارهم على اتخاذ إجراءات فعّالة.”
الحاجة لحركة جماهيرية
دعوة للتضامن من أجل التغيير
تتطلب الأوضاع الجديدة تحركًا جماعيًا نحو التغيير. يقول كريم جلال، ناشط حقوقي: “يجب أن تتوحد الجهود بين المواطنين والمختصين للضغط على الحكومة وتحقيق الإصلاح المطلوب.”
تحفيز الشباب للمشاركة
تؤدي مشاركة الشباب دورًا محوريًا في إدارة هذا التغيير. وتقول رنا فوزي، أشتاذ مناهج بحث: “يجب أن نغرس في الشباب أهمية المشاركة الاجتماعية، فهم الذين سيشكلون مستقبل المحافظة.”
نحو مستقبل مشرق للسياحة في الفيوم
إن الفساد في قطاع السياحة في الفيوم يحتاج إلى حراك جماعي يُعيد الأمور إلى نصابها. وتَجتاج المحافظة إلى تقييم شامل لإمكاناتها وإعادة ترتيب أولوياتها لاستعادة مكانتها كوجهة سياحية رائدة.
يتطلب الأمر تضافر الجهود لضمان تحقيق التغيير الضروري، حيث يجتمع صوت الشعب والمختصين للضغط من أجل الإصلاح وتأمين مستقبل مشرق لأجيال قادمة.
والأمل في إزالة العوائق وتحقيق العدالة السياحية موجود، ويجب أن تبقى الجهود قائمة حتى يتحقق ذلك.