تلاعب في توزيع المساعدات الزراعية في بني سويف: فساد أم إهمال
في قلب محافظة بني سويف، يعاني المزارعون من مواجهة تحديات متعددة لا سيما في ظل ما يبدو أنه تلاعب في توزيع المساعدات الزراعية.
وتتعدد الأوجه هنا، بين الفساد الإداري والإهمال، مما يضع العديد من المزارعين وجهًا لوجه مع مصيرهم المجهول.
وفي هذا التحقيق موقع “أخبار الغد” يسعى إلى كشف المستور، حيث تتداخل الشهادات والأدلة لتشكل لوحة قاسية لما يحدث في الحياة الزراعية بالمحافظة.
الواقع المرير: الأمل في الأسمدة والمعدات
توزيع غير عادل للأسمدة
ويخبرنا الشاهد محمد سعد، مزارع لمدة عشرين عامًا: “نحن في حاجة دائمًا للأسمدة المناسبة لنزرع أرضنا، لكن في السنوات الأخيرة، أصبح من الصعب الحصول عليها. تلك الأسمدة التي نتلقاها غالبًا ما تكون بكميات غير كافية، أو في بعض الأحيان مفقودة تمامًا.”
الاستيلاء على الموارد العامة؟
وتضيف فاطمة هلال، مزارعة وصاحبة مزرعة صغيرة: “توزيع الأسمدة والمعدات الزراعية لا يتم بصورة شفافة. نسمع من هنا وهناك أن هناك موظفين يبيعون الأسمدة بسعر أعلى، وبدلاً من أن تصل للمزارعين، تُركد في المخازن.”
شهادات عن فساد محتمل
مجهولون ومحتكرون
ويشير أحد المزارعين، علي الشربيني، إلى وجود حالات احتكار: “نظن أن هناك من يسعى للربح الشخصي على حساب أبناء القرية. الأسمدة التي نحتاجها تنتهى في أيدي قليلة بينما يظل غيرنا بحاجة إليها.”
غياب الرقابة
ويستكمل الشبهات، الدكتور سامي قنديل، أستاذ العلوم الزراعية، بالقول: “غياب الرقابة على توزيع المساعدات هو أحد الأسباب الرئيسية لهذا الفساد المحتمل. عندما لا تُسلط الأضواء على عملية التوزيع، تُفتح الأبواب لمآرب خاصة ولإهدار الأموال العامة.”
أثر الفساد على حياة المزارعين
تدهور الإنتاجية
يُبدي العديد من المزارعين قلقهم من تراجع إنتاجيتهم. وتقول مريم عتمان، مزارعة لأكثر من 15 عامًا: “الإهمال في توزيع الأسمدة يؤثر على عائد المحاصيل، مما يُجبرنا على اتخاذ قروض من بعض التجار. الأمر يُصبح حلقة مفرغة.”
المناطق الأكثر تضررًا
تنتشر الشكاوى أيضًا من المناطق النائية، حيث تُعتبر الطرق والمواصلات عقبة أخرى. يقول حسين عبدالعزيز، مزارع من قرية قحافة: “الوصول إلى المساعدات الزراعية دائمًا ما يكون متقطعًا في هذه المناطق. يبدو أن المسؤولين يهتمون بالمناطق الأكثر حظًا، بينما يُترك الباقي بلا عناية.”
الجمعيات الزراعية: فشل في الخدمة
تجربة الفشل في التوزيع
يتحدث أحد أعضاء الجمعية الزراعية، يوسف السيد، عن الفشل في توزيع المساعدات بطريقة فعالة: “نحن نحاول تقديم الدعم للمزارعين، لكن قدرتنا ضعيفة بسبب الفساد الذي يبدو أنه مُستشري في الجهة العليا. نُعاني من عدم التنسيق بين الهيئات الحكومية.”
دعوات للإصلاح
وفي سياق حديثه، دعا يوسف إلى ضرورة إجراء إصلاحات جوهرية في تلك الجمعيات لضمان وصول الدعم للأشخاص الذين يحتاجون إليه، وفتح قنوات للتواصل بين المزارعين والجهات المسؤولة عن توزيع المساعدات.
سلسلة من الشكاوى
نقص الأسمدة والمعدات
تقوم جمعية المزارعين بتوثيق سلسلة من الشكاوى المرفوعة حيال نقص الأسمدة والمعدات الزراعية. تقول نجوى عبد الرحمن، ناشطة حقوقية: “بدأنا بتجميع الشكاوى من المزارعين ورفعها للجهات المسؤولة، عانى الكثيرون في صمت وبدون أي تحرك. نحن مصممون على إحداث تغيير.”
حوارات مجتمعية
نسّقت الجمعية لقاءات مجتمعية لزيادة الوعي حول قضايا الفساد. يشرح عماد كمال، ناشط حقوقي في المنطقة: “نحتاج إلى حشد الجهود لتعليم المزارعين بحقوقهم. يجب أن يشعروا بأن لديهم صوتًا يمكن أن يُسمع.”
تحقيق شفاف: دعوة للجميع
الرقابة الشعبية على التوزيع
تدعو العديد من الأصوات إلى ضرورة تشكيل لجان محلية لمراقبة توزيع المساعدات. يقول أحمد عارف، ناشط في مجال حماية حقوق المزارعين: “إن عمل لجان من المجتمع المحلي يُمكن أن يُحدث تأثيرًا محترمًا يُبرز المشكلة من جذورها.”
دعم من الإعلام
يضع الكثيرون أملًا في أن تسلط وسائل الإعلام الضوء على تلك القضايا، حيث تشدد كاتبة رأي في المجال الزراعي، سارة رفعت، على ضرورة تغطية هذه المشكلات: “على الإعلام أن يأخذ خطوته في كشف هذا الفساد، حيث يمثل حق الناس في معرفة الحقيقة.”
مستقبل الزراعة في بني سويف: أقل من المتوقع
تحديات مستمرة
مع استمرار الفساد، يبقى مستقبل الزراعة في بني سويف معلقًا على حافة الخطر. ومع قلة المساعدات وغياب الشفافية، يعاني المزارعون من قلق متزايد بشأن عوائد محاصيلهم.
الأمل في التغيير
ومع ذلك، يبقى الأمل مستمرًا. تقول سحر نبيل، ممثلة لمنظمة غير حكومية: “الصوت الجماعي للمزارعين يمكن أن يُحدث تغييرًا حقيقيًا. يجب أن نستمر في توصيل صوتنا، وإلا ستبقى الأمور على حالها.”
الحاجة إلى التغيير الفعلي
تُظهر الشهادات والأدلة أن قضية الفساد في توزيع المساعدات الزراعية في بني سويف ليست مجرد اتهامات عابرة، بل تُعد معاناة حقيقية يعايشها المزارعون. من الضروري أن تُحدث الجهات المسؤولة تغييرات حقيقية لضمان توفير الخدمات اللازمة لمستقبلهم.
جميعنا معرضون لهذا الفساد، ويجب أن نتكاتف للضغط من أجل توصيل صوتنا على مختلف الأصعدة. إن كُنا نريد تغييرًا حقيقيًا، يجب أن نتخذ خطوات فعّالة لنحقق ذلك ونضمن حقوق المزارعين ورفاهية المجتمع ككل.