مصرمقالات ورأى

الدكتور أيمن نور يكتب : دفاعًا عن مهنتي ومهنة أبي وابني

أنا محامٍ ابن محامٍ، ومثلما كان والدي، وجدي، أحمل على عاتقي رسالة المحاماة بكل ما تحمله من شرف ومسؤولية.

حتى عندما خضت مجالات أخرى مثل العمل الإعلامي والصحفي أو العمل كنائب في البرلمان أو في حياتي العامة كسياسي، كانت روح المحامي هي التي تحكمني و توجهني دائمًا.

عندما كنت أقف في البرلمان، كنت محامٍ عن الشعب، أدافع عن حقوقه ومصالحه.

وعندما أتحدث للإعلام أو أشارك في صناعته او أكتب في الصحافة، كنت أتعامل مع كل موقف وقضية بعقلية القضاء الواقف وفهمه العميق للحقائق وقواعد العدالة.

حتى في حياتي الجامعيه ، كنت دائمًا أتعاطى مع الأمور بروح المحامي، بروح القضاء الواقف، الذي لا يسعى إلا لتحقيق العدل وحماية الحقوق.

لم تكن ابدا المحاماة بالنسبة بطاقة عضوية النقابة ولا مجرد وظيفة أؤديها، بل هي رسالة عميقة الجذور، في نفسي ، وجزأ اصيل من تكويني وكياني وموقف أخلاقي لا ينزع بقرار ولا يتزعزع.

وكما قال مكرم باشا عبيد: “المحاماة ليست مهنة نرتزق منها، بل هي رسالة ندافع بها عن كرامة الإنسان وحقوقه.”

هذه الكلمات العظيمة تلخص مشاعري تجاه هذه المهنة التي تتعرض اليوم لخطر حقيقي بسبب مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد المعروض على البرلمان المصري. هذا القانون، إذا ما تم تمريره، سيضعف دور المحامي ويقيّد حريته، مما يؤدي إلى إضعاف العدالة نفسها.

إن المحامي، كما قال مصطفى النحاس، “هو حارس العدالة، الذي يقف دائمًا في مواجهة الظلم والفساد.

إن المحامين هم من يقفون في الصفوف الأمامية للدفاع عن المظلومين والمقهورين، وهذا الدور الأساسي لا يمكن أن يتم تقويضه.

مشروع القانون الجديد يشكل تهديدًا لهذا الدور، إذ يُدخل تعديلات تجعل من الصعب على المحامي أن يؤدي رسالته، بتقييد حقه في الحصول على المعلومات وحضور التحقيقات بشكل كامل.

هذه القيود تعرقل المحامي عن القيام بدوره بحرية واستقلالية، مما يجعل من المستحيل الاطمئنان لتحقيق العدالة الحقيقية.

ما صدر عن اللجنة التشريعية من بيانات كارثية،لدعم هذا المشروع هو خطيئة سياسية وبرلمانية لا يمكن التسامح معها.

البرلمان، الذي يُفترض به أن يمثل الشعب، لا يمكن أن يكون أداة في يد السلطة لتكميم أصوات المدافعين عن الحق.

الهجوم الذي طال نقابة الصحفيين ونقيبها خالد البلشي هو محاولة لتشويه معارضي هذا القانون، الذين يرون فيه تهديدًا للحريات والحقوق الأساسية.

هذه المحاولات لتكميم الأفواه لا تزيدنا إلا إصرارًا على الوقوف في وجه هذا المشروع المشبوه، والدفاع عن مهنة الصحافة و المحاماة والعدالة التي لا يمكن أن تتحقق بدونها.

وكما قال الراحل مكرم عبيد: “إذا فقد المحامي حريته، فقد الشعب حقه في الدفاع عن نفسه.”

هذه الحقيقة البسيطة تلخص أهمية الدور الذي يؤديه المحامين.

ان الدفاع عن المحاماة هو دفاع عن حقوق الإنسان، عن العدالة، وعن الحريات.

وإذا ما تم تمرير هذا القانون، فإن المحامين لن يكونوا قادرين على أداء رسالتهم، وستتعرض حقوق الناس وحرياتهم لخطر داهم.

إن المحاماة ليست فقط مهنة تعتمد على القوانين والنصوص، بل هي فن الدفاع عن الحق.

وكما قال الدكتور السنهوري: “المحاماة فنٌ قبل أن تكون مهنة.” هذا الفن هو ما يجعل المحامي قادرًا على قراءة الوقائع وتحليل الأدلة وتقديم الحجج التي تقود إلى تحقيق العدالة. إذا ما قُيّدت أيدي المحامين، فإن هذا الفن سيتلاشى،

وستضيع معه قدرة المجتمع على حماية حقوقه.

لن نسمح بأن يتم تقويض هذا الدور. وعلينا جميعًا أن نقف صفًا واحدًا في مواجهة هذا المشروع الذي يهدد قيمنا ومبادئنا.

وكما قال مصطفى النحاس: “لا عدل بلا محاماة، ولا محاماة بلا حرية.” هذه الكلمات تذكرنا بأن الحرية هي الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها العدالة، وبدون حرية ، لن تكون هناك عدالة حقيقية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى