مصر

المستشفيات في الإسماعيلية: فساد إداري يقتل المرضى

تُعتبر الإسماعيلية واحدة من المحافظات المصرية التي يُنتظر منها تقديم خدمات صحية جيدة للمواطنين، إلا أن الواقع يختلف تمامًا عن المأمول.

وتتفشى مشكلات عديدة تشمل فسادًا إداريًا واضحًا وضعفًا في جودة الخدمات، مما يُعرّض أرواح المرضى للخطر.

وفي هذا التحقيق، موقع “أخبار الغد” يستعرض تفاصيل هذه الأزمة ونستمع إلى آراء المواطنين والمختصين الذين يُعبرون عن رفضهم للفساد المستشري في المستشفيات الحكومية.

واقع المستشفيات: الفوضى والطوارئ

شهادات مأساوية من المرضى

تشير تقارير كثيرة إلى تردي الأوضاع في المستشفيات. وتقول مريم الجندي، مريضة تعاني من مرض مزمن: “عندما ذهبت إلى المستشفى، وجدت طوابير لا تنتهي. اضطُررت للانتظار لساعات قبل أن أحصل على الرعاية. ما يُحزنني هو أن حالتي كانت تتطلب العناية الفورية.”

بيئة غير صحية

تتحدث الأبحاث عن نقص في النظافة والتجهيزات الأساسية. يقول خالد حسن، موظف في أحد المستشفيات: “لم أكن أتوقع أن تكون البيئة بهذا السوء. أسرة متسخة، وتجهيزات بحاجة للصيانة. أين تذهب الأموال المخصصة لهذه المستشفيات؟”

الفساد الإداري: من يتحمل المسؤولية؟

قصص عن الاحتكار والمحسوبية

من المشاكل التي تنخر في جسد النظام الصحي هو الاحتكار. يقول الدكتور أيمن المصري، طبيب يعمل في الإسماعيلية: “للأسف، هناك ممارسة لتحويل الأموال إلى جيوب معينة. عقود المعدات تُمنح لشركات مُحددة دون جدوى.”

تجاوزات في تنفيذ العقود

تُعتبر إدارة المستشفيات من أكثر القطاعات عرضة للفشل بسبب الشفافية المُعدومة. تقول الدكتورة رانيا العباسي، أستاذة الإدارة الصحية: “هناك تلاعب في العقود. غالبًا ما يتم دفع ثمن المعدات أكثر من قيمتها الحقيقية.”

أصوات المواطنين: الاستياء والغضب

دور الاحتجاجات الشعبية

تزايد الغضب بين المواطنين دفع العديد منهم إلى تنظيم احتجاجات للمطالبة بتحسين الخدمات الصحية في الإسماعيلية. تقول سعاد الجبالي، ناشطة اجتماعية: “نعيش في معاناة، ويجب أن يعرف الجميع كيف تُسلب حقوقنا. نحن بحاجة إلى توصيل أصواتنا.”

رفض حكومات المحلية للصوت الشعبي

يشير بعض المواطنين إلى أن الحكومة المحلية تغض الطرف عن قضايا الفساد. يقول عماد رجب، ابن أحد المرضى: “نحن نرفع أصواتنا، لكن يبدو أن أحدًا لا يسمع. تريد الحكومة منا الصمت بينما يموت مرضانا في صمت.”

الهجرات الطبية وضياع الأرواح

رحلة البحث عن العناية

تُظهر الإحصائيات زيادة في فرار المرضى إلى مستشفيات خارج الإسماعيلية بحثًا عن خدمة طبية أفضل، مما يؤدي إلى نقص الموارد داخل المستشفيات المبنية فعليًا لخدمة المواطنين.

ويقول الدكتور جمال النمس، مختص في الطب العام: “لا يمكننا الاستمرار في رؤية الناس يضيعون أرواحهم بسبب الإهمال. نحن مسؤولون عن تقديم الرعاية الكافية لهم.”

تأثير الأمراض المزمنة على المستشفيات

يؤكد الكثيرون أن الأمراض المزمنة تُثقل كاهل المستشفيات، لكن المسؤولين بحاجة إلى تلبية احتياجات المرضى. تقول أسماء عطيه، مُساعِدة طبية: “نحتاج إلى المزيد من الدعم في هذا المجال. نحن نعمل بجد، لكن هناك حدود لقدرتنا.”

الحاجة إلى إصلاح حقيقي

توجهات جديدة في الإدارات الصحية

هناك حاجة ملحة لتحسين جودة الخدمات الصحية من خلال إصلاح مؤسسات الصحة. تقول الدكتورة هالة الهواري، أستاذة علم الاجتماع: “يجب أن يتم إجراء تغييرات جذرية في إدارة المستشفيات وتطوير المهارات المهنية للأطباء.”

الإرادة السياسية: المفتاح للتغيير

يؤكد المحللون أن الإرادة السياسية ضرورية لتحقيق التغيير الحقيقي. يقول الدكتور عصام فرج، خبير إدارة المستشفيات: “إذا لم يكن هناك اهتمام على مستوى الحكومة لرفع جودة الخدمات، فلن يُكتب النجاح لأي خطة جديدة.”

شهادات من الداخل: قصص المرضى

المعاناة اليومية

يتحدث المرضى عن تجاربهم من داخل المستشفيات. تقول فاطمة عبد الوهاب، مريضة مسنّة: “لم أعد أتحمل رؤية المستشفيات بكل هذا الإهمال. أتمنى أن يُعالج أبنائي في أماكن أفضل.”

حقيقة العلاج والطاقة المفقودة

في إطار الحالات المزرية، يقول محمود رفيق، مريض سرطان: “أنا أعاني يومياً، لكنني لا أستطيع تقديم الشكاوى. ماذا لو تم سحب العلاج مني بسبب الاستنزاف المالي؟”

دور الإعلام: كشف المستور

حاجة ملحة للصحافة الاستقصائية

تعتبر وسائل الإعلام جزءاً حيوياً من مكافحة الفساد بإظهار المشاكل الحقيقية. يقول الناشط الحقوقي عمر لطفي: “نحتاج إلى تغطية حقيقية لمشاكل المستشفيات. يجب أن نستمر في البحث عن الحقائق المروعة ونشرها.”

الخطوات نحو المستقبل

استعادة الثقة

يجب على المسؤولين استعادة ثقة المواطنين. يقول الدكتور طارق ممدوح، خبير في استراتيجيات التواصل: “يجب أن تُعطى الأولوية للشفافية والمصداقية في إدارة المستشفيات.”

مشاريع مشتركة مع المجتمع المدني

تؤكد بعض المنظمات المدنية استعدادها للعمل على تحسين الظروف. تقول الدكتورة مروى شريف، ناشطة في مجال حقوق الإنسان: “يمكن أن تُساعد مشاريعنا في دحض الفساد وتحسين جودة الحياة الصحية.”

الأمل في غدٍ أفضل

تبقى مشكلة الفساد والإهمال في المستشفيات في الإسماعيلية تُعكر صفو المجتمع وتؤثر على حياة الناس بشكل مباشر. إن تقديم الخدمات الصحية الجيدة هو حق للمواطنين، ويجب على الحكومة التأكيد على مسؤولياتها في هذا الجانب.

لقد حان الوقت ليتحرك الجميع، فالتغيير ليس مجرد شعارات، بل يتطلب الرغبة الحقيقية في إحداث فرق حقيقي. عبر جهود مشتركة، يمكن تحقيق تحسينات جوهرية وتوفير الرعاية الصحية المطلوبة لكل مواطن، مما يسهم في بناء مجتمع صحي أكثر استدامة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button