حوارات وتحقيقات

يوسف عبداللطيف: قانون الإجراءات الجنائية يهدد الحياة السياسية في مصر

تشتعل الساحة السياسية في مصر حول قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي تحاول الحكومة فرضه بقوة.

بينما تروج السلطة لقانون يُكرّس الاستبداد ويقيد الحريات، تنفجر احتجاجات في الأوساط الحقوقية والشعبية، حيث يهدد القانون بتوسيع الحبس الاحتياطي وزيادة أعداد المحتجزين بلا مبرر.

وفي حوار خاص مع “أخبار الغد”، يكشف يوسف عبداللطيف، المحلل السياسي وسكرتير حزب الوفد السابق، ينذر بتدهور الحياة السياسية ويشير إلى تفشي ظاهرة “السبوبة” في الأحزاب، ما يفاقم فسادها ويعيق الديمقراطية.

كيف تقيم التعديلات الأخيرة على قانون الإجراءات الجنائية؟

بشكل عام. يُعتبر مشروع القانون الجديد الذي يروج له محسب بمثابة اعتقال مقنّن، حيث يوسع نطاق الحبس الاحتياطي بشكل مفرط ويعطي السلطة صلاحيات واسعة غير مبررة.

وفي رأيي، هذا التوجه يتناقض تماماً مع مبادئ العدالة والحرية ويمثل خطراً حقيقياً على حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية.

كيف ترد على الانتقادات التي تقول إن التعديلات تعزز من صلاحيات السلطة على حساب حقوق الأفراد؟

التعديلات التي طرحت تعزز بالفعل صلاحيات السلطة بشكل مفرط، مما يثير القلق حول توازن القوى بين السلطات المختلفة. ومن المهم أن نضمن أن تكون هناك ضوابط واضحة وشديدة لضمان عدم استخدام هذه الصلاحيات بطريقة تعسفية.

وإن تعظيم صلاحيات مأمور الضبط القضائي دون وجود ضمانات كافية قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الأفراد وإضعاف النظام القضائي. في النهاية، يجب أن يكون القانون أداة لتحقيق العدالة وليس أداة لقمع الأفراد.

هل ترى أن هناك تغييباً للحياة السياسية في مصر؟

هناك بالفعل إحساس متزايد بتغييب الحياة السياسية في مصر، حيث يلاحظ أن الحوار السياسي الفعّال والمشاركة الشعبية تراجعتا في الفترة الأخيرة.

وإن غياب الفعالية السياسية يمكن أن يُعزى إلى الهيمنة الواسعة على الأحزاب السياسية والمجال العام، مما يقلل من دور الأحزاب في تقديم بدائل حقيقية ومعارضة بنّاءة.

وهذا التغييب يضر بالنظام الديمقراطي ويضعف من قدرة المجتمع على التعبير عن آرائه ومطالبه بطرق سليمة وفعّالة.

ما رأيك في انتشار أصحاب السبوبة والمرتزقة بين أعضاء بعض الأحزاب السياسية؟

للأسف، انتشار أصحاب السبوبة والمرتزقة داخل الأحزاب السياسية يساهم في تآكل مصداقية الأحزاب ويفسد النظام السياسي. هؤلاء الأفراد غالباً ما يسعون لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة، مما يؤدي إلى تآكل القيم السياسية الحقيقية.

والأحزاب السياسية بحاجة إلى استعادة قوتها وهيكلها الداخلي بشكل يمكنها من التحقق من نزاهة أعضائها وتعزيز دورهم في خدمة الشعب، بدلاً من التركيز على المكاسب الشخصية والانتفاعات الفئوية.

كيف يمكن لحزب الوفد أن يعيد الثقة في دوره كحزب معارض فعال؟

لاستعادة الثقة كحزب معارض فعال، يجب على حزب الوفد تعزيز دوره كممثل حقيقي لمصالح الشعب والعمل على تقديم بدائل سياسية بنّاءة. يجب أن يتسم الحزب بالشفافية في سياساته ويعزز من مشاركة الأعضاء والقاعدة الشعبية في اتخاذ القرارات.

علاوة على ذلك، يجب أن يكون الحزب أكثر حيوية في تقديم رؤى واضحة ومقترحات ملموسة حول القضايا السياسية والاجتماعية، وتجنب التورط في أي نوع من أنواع المصالح الشخصية التي قد تؤثر على مصداقيته.

كيف ترى تأثير الإعلام على تشكيل الرأي العام في ظل الظروف الحالية؟

الإعلام يلعب دوراً حاسماً في تشكيل الرأي العام، ويجب أن يكون هذا الدور مبنياً على تقديم المعلومات بموضوعية وشفافية. في ظل الظروف الحالية، نرى أن الإعلام أحياناً يعاني من الضغوط والرقابة، مما يؤثر على قدرته في تقديم تحليلات واقعية وشاملة.

ومن الضروري أن يكون هناك إعلام مستقل يستطيع من خلاله الناس الاطلاع على كافة الجوانب وتحليل الأحداث بشكل متوازن، لضمان تشكيل رأي عام مستنير وقادر على فهم القضايا بعمق.

هل ترى أن هناك أزمة حقيقية في منظومة العدالة في مصر؟

نعم، هناك أزمة حقيقية في منظومة العدالة في مصر تتعلق بعدة جوانب. من بين هذه الجوانب، نلاحظ تزايد استخدام الحبس الاحتياطي بصورة غير مبررة، مما يضع ضغطاً كبيراً على النظام القضائي ويؤثر سلباً على حقوق الأفراد.

وتحتاج منظومة العدالة إلى إصلاحات شاملة لضمان تحقيق العدالة بشكل عادل وشفاف، وذلك يتطلب تحسين إجراءات المحاكمة وتوفير حماية قانونية حقيقية للمواطنين.

ما هو موقفك من الترافع عن بعد الذي نص عليه القانون الجديد؟

الترافع عن بعد يمكن أن يكون له فوائد في تسهيل الإجراءات القضائية، لكنه في ذات الوقت قد يثير قضايا تتعلق بعدم المساواة في تقديم الدفاع.

ومن الضروري أن تكون هناك ضمانات تقنية كافية لضمان أن الترافع عن بعد يتم بشكل عادل ولا يؤثر سلباً على حقوق الدفاع.

ويجب تقييم قدرة البنية التحتية التكنولوجية والتأكد من أنها قادرة على دعم هذا النظام بشكل فعّال قبل تنفيذ هذه النصوص القانونية.

هل تعتقد أن هناك فرصة للتعاون بين الأحزاب السياسية لتجاوز الأزمات الحالية؟

نعم، التعاون بين الأحزاب السياسية يمكن أن يكون له دور كبير في تجاوز الأزمات الحالية وتعزيز الاستقرار السياسي. التعاون لا يعني بالضرورة التنازل عن المبادئ الأساسية، بل يمكن أن يكون وسيلة للوصول إلى حلول وسطى تساهم في تحسين الأوضاع السياسية والاجتماعية.

ومن المهم أن تكون هناك روح من الحوار البناء والتفاهم بين الأحزاب للعمل على تحقيق أهداف مشتركة تصب في مصلحة الوطن.

كيف تقيم الدور الذي تلعبه القوى السياسية غير الرسمية في مصر؟

القوى السياسية غير الرسمية تلعب دوراً معقداً في المشهد السياسي المصري. من جهة، يمكن أن تكون هذه القوى مصدراً للأفكار الجديدة والديناميكية.

ومن جهة أخرى، يمكن أن تؤدي إلى تقويض الاستقرار إذا كانت تعمل خارج الأطر القانونية والتشريعية. من الضروري أن يتم دمج هذه القوى في النظام السياسي بطريقة منظمة تضمن تقديم رؤى جديدة دون التأثير على الاستقرار العام.

ما هي رؤيتك لمستقبل الحياة السياسية في مصر؟

مستقبل الحياة السياسية في مصر يعتمد بشكل كبير على قدرة النظام السياسي على إجراء إصلاحات حقيقية تعزز من المشاركة الشعبية وتوفر بيئة سياسية حرة وعادلة. إذا استمرت السياسات الحالية في تجاهل قضايا الحقوق والحريات، فقد نرى تراجعاً أكبر في الحياة السياسية.

لذلك، من الضروري أن يكون هناك جهد حقيقي نحو إصلاح النظام السياسي لضمان تحقيق استقرار مستدام وتوفير فرص حقيقية للتنمية السياسية.

كيف ترى دور الأحزاب السياسية في دعم الشباب والمجتمع المدني؟

الأحزاب السياسية تلعب دوراً مهماً في دعم الشباب والمجتمع المدني من خلال توفير منصات للمشاركة وإدماج الشباب في العمل السياسي.

ويجب أن تركز الأحزاب على تطوير برامج تساهم في تعزيز قدرات الشباب وتفعيل مشاركتهم في صنع القرار.

كما أن دعم المجتمع المدني يتطلب تقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية والمبادرات المحلية التي تعمل على تحقيق التنمية المجتمعية وتعزيز حقوق الإنسان.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button