استبيان صادم: 75% من المصريين يرفضون تعديلات قانون الإجراءات الجنائية
وسط أجواء سياسية متوترة وتصاعد الغضب الشعبي، تتزايد الانتقادات الموجهة لتعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديد في مصر.
والقانون الذي يصفه البعض بـ”الكارثة القانونية” جاء ليعزز من سلطات الأجهزة الأمنية على حساب الحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطنين.
وهذه التعديلات لم تكن محل جدل قانوني فقط، بل أصبحت محورًا لنقاش اجتماعي وسياسي حاد في جميع محافظات مصر الـ27.
ووفقًا لاستبيان رأي قام به موقع “أخبار الغد“، أظهرت النتائج رفضًا واسعًا لهذه التعديلات، حيث أعرب أكثر من 75% من المشاركين عن رفضهم التام للتعديلات التي اعتبروها “تقليصًا صارخًا لحقوق المواطن المصري”.
وأصداء هذا الرفض تتردد بقوة في مختلف الأوساط الشعبية والسياسية، ما يشير إلى أن هذه التعديلات قد تشعل احتجاجات شعبية واسعة في القريب العاجل.
التعديلات المقترحة: حماية للأمن أم قمع للحريات؟
تسعى الحكومة المصرية لتقديم هذه التعديلات على أنها خطوة تهدف إلى تحسين النظام العدلي وتعزيز الأمن، ولكن في الواقع، يراها المواطنون والمختصون في القانون بمثابة محاولة لتوسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية على حساب المواطن العادي.
المحامي عماد علي من القاهرة يقول: “ما نشهده هو محاولة غير مسبوقة لتوسيع صلاحيات الشرطة على حساب القضاء.
والتعديلات تمنح مأموري الضبط القضائي صلاحيات تكاد تصل إلى مستوى صلاحيات النيابة العامة، وهو أمر غير مقبول”.
وأضاف: “هذا القانون إذا تم إقراره بهذه الصورة، فسيصبح المواطن المصري تحت رحمة الأجهزة الأمنية في كل خطوة من حياته اليومية”.
آراء المواطنين: غضب يتزايد
الرفض الشعبي لا يقتصر على المختصين فقط، بل يمتد إلى المواطن العادي الذي يشعر بأن حقوقه قد تكون في خطر.
ومحمد عبدالرحمن، موظف حكومي من محافظة الجيزة، يعبر عن استيائه من التعديلات قائلاً: “ما الهدف من هذه التعديلات؟ هل لحماية المواطن أم لزيادة نفوذ الشرطة؟ نحن نعيش في خوف دائم من التجاوزات الأمنية، والآن تريد الحكومة منحهم صلاحيات إضافية؟”.
وفي محافظة الإسكندرية، تشارك سلوى عبدالمجيد، ربة منزل، في الرأي نفسه: “هذه التعديلات تجعلنا نشعر بأننا لسنا في مأمن.
كلما زادت صلاحيات الشرطة، زادت فرص التعدي على حقوق المواطنين. لا يجب أن تكون حقوقنا القانونية رهينة لمزاج فرد أو جهاز”.
التعديلات تعزز قمع الشرطة: رأي المختصين
التعديلات المقترحة تواجه رفضًا ليس فقط من المواطنين، بل أيضًا من المختصين في مجالات القانون وحقوق الإنسان.
ووفقًا للدكتور محمود حسن، أستاذ القانون الجنائي، “هذه التعديلات تضع الأساس لتوسع غير مسبوق في صلاحيات مأموري الضبط القضائي.
والسماح لهم بإصدار أوامر ضبط وإحضار دون الحاجة لموافقة النيابة يمثل خطوة خطيرة تهدد النظام العدلي في البلاد”.
يضيف الدكتور محمود: “هناك مواد في التعديلات تكاد تكون ضد الدستور نفسه، فهي تمنح سلطات قد تُستخدم بشكل تعسفي ضد الأفراد، خصوصًا في ظل عدم وجود رقابة قضائية كافية”.
نتائج استبيان “أخبار الغد”: رفض جماهيري ساحق
استبيان الرأي الذي أجرته “أخبار الغد” يعزز هذا الغضب الشعبي، حيث جاءت نتائجه صادمة للحكومة.
ومن بين 10,000 مشارك من مختلف المحافظات المصرية، عبّر 75% منهم عن رفضهم القاطع للتعديلات، معتبرين أنها “تزيد من تغول الأجهزة الأمنية على حياة المواطنين وتؤدي إلى مزيد من القمع”.
كما أشار 65% من المشاركين إلى أن التعديلات تمثل تهديدًا مباشرًا للحريات العامة والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور.
وأحمد صبري، أحد المشاركين في الاستبيان من محافظة الدقهلية، يقول: “هذه التعديلات لا علاقة لها بتحسين النظام القضائي، بل هي خطوة لتعزيز قبضة الشرطة على المجتمع. لا يمكن أن نقبل قانونًا يسلبنا حقوقنا الأساسية”.
أعضاء حزب الوفد: مقاومة التعديلات رغم الأزمات الداخلية
في سياق آخر، يعكس موقف حزب الوفد الرافض لهذه التعديلات مدى الأزمة التي تعيشها القوى السياسية في مصر.
والحزب، الذي يعاني من انقسامات داخلية وصراعات على القيادة، يقف أعضاء حزب الوفد بقوة ضد التعديلات رغم ما يمر به من أزمات ومن الملاحظ ان بعض قيادات حزب الوفد توافق علي التعديلات
ويقول محمود حسن، عضو حزب الوفد: “رغم الأزمات الداخلية التي يمر بها الحزب، إلا أننا كأعضاء حزب الوفد نقف ضد هذه التعديلات.
ولا يمكن أن نعطي شرعية لقانون يحد من حقوق المواطنين ويفتح الباب أمام التجاوزات الأمنية”.
وأضاف حسن: “نحن نعلم أن هناك ضغوطًا سياسية لتمرير هذه التعديلات، ولكن الوفد لن يكون شاهد زور على قانون يسلب المواطن المصري حقوقه”.
التداعيات المجتمعية والسياسية: مخاوف من مستقبل مظلم
ومع تصاعد النقاش حول هذه التعديلات، يتخوف الكثيرون من التداعيات المجتمعية والسياسية التي قد تنتج عنها.
إيمان شعبان، ناشطة حقوقية من محافظة المنيا، ترى أن “هذه التعديلات إذا تم إقرارها، فإننا سنشهد مرحلة جديدة من القمع والانتهاكات.
والحكومة تريد فرض السيطرة الأمنية على المجتمع بأي ثمن، ولكن الثمن سيكون باهظًا على الاستقرار الاجتماعي”.
أما خالد مصطفى، أستاذ العلوم السياسية، فيقول: “نحن أمام لحظة فارقة في تاريخ مصر. إذا تم تمرير هذه التعديلات، فسنرى المزيد من الاحتجاجات والتصعيد الشعبي. المواطن المصري لن يقف مكتوف الأيدي بينما تُسلب حقوقه بشكل ممنهج”.
الانتخابات القادمة: أمل أم وسيلة للسيطرة؟
رغم الرفض الشعبي المتزايد، تشير بعض الآراء إلى أن التعديلات قد تكون جزءًا من خطة حكومية للسيطرة على نتائج الانتخابات القادمة.
ويقول نادر عبدالهادي، رجل الأعمال المعروف: “الحكومة تريد استغلال هذه التعديلات للسيطرة على العملية الانتخابية المقبلة. إذا لم نشارك بفعالية في الانتخابات، فسنترك المجال مفتوحًا لتمرير هذه القوانين التي تقيد حرياتنا”.
وأضاف عبدالهادي: “ما نحتاجه هو مشاركة شعبية واسعة في الانتخابات لإفراز نواب يمثلون مصالح الشعب، وليس مصالح النظام”.
هل من حل؟ دعوات للتحرك الجماهيري
أمام هذا المشهد المعقد، تتعالى الأصوات الداعية إلى تحركات جماهيرية لرفض التعديلات.
علي رشدي، أحد المشاركين في الاستبيان من محافظة الشرقية، يقول: “إذا لم نتحرك الآن، فسنجد أنفسنا تحت رحمة قانون لا يحترم حقوقنا. يجب أن نحتج ونتظاهر ضد هذه التعديلات قبل فوات الأوان”.
توافقه الرأي منى حسني، ربة منزل من محافظة أسيوط، التي قالت: “نحن نعيش في ظروف صعبة، ولكن هذا القانون سيزيد الأمور سوءًا. علينا التحرك لإيقاف هذه الكارثة القانونية”.
مصر على مفترق طرق
في ظل هذا الرفض الشعبي الواسع، تبدو مصر أمام لحظة تاريخية حرجة. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية ليست مجرد قضية قانونية، بل هي اختبار لقدرة النظام السياسي على الاستماع إلى مطالب الشعب واحترام حقوقه.
إذا تم تمرير هذه التعديلات، فإن البلاد قد تشهد موجة من الاحتجاجات والغضب الشعبي، الأمر الذي قد يهدد استقرارها على المدى الطويل.
التحدي الآن يكمن في مدى قدرة الحكومة على التراجع عن هذه التعديلات أو تعديلها بما يتناسب مع تطلعات الشعب المصري الذي يرفض أن يكون خاضعًا لسلطة أمنية مطلقة.