خصم في الخفاء حليف في العلن.. لماذا تنتهج الإمارات مع مصر سياسة تَعدد الأوجه؟ إثيوبيا نموذجاً
تتعدد الأسباب والأوجه لكن يبقى الأصل غلاب ولا يمكن فهمه بمعزل عن السلوك، وفي عالم السياسة كل شيء متاح ومباح بين الخصوم أما الحلفاء فتعاونهم مبني على المصالح المتبادلة والدفاع المشترك عنها، وهذا ما لم تفعله الإمارات مع مصر مؤخرا رغم التحالف الظاهر بين البلدين والزيارات الرسمية التي لا تنقطع.
تعد مياه النيل بمثابة مصلحة حيوية لمصر، بل وترقي إلى مرتبة الأمن القومي، في ضوء الأزمات المتوقعة من الأن وصاعدا بسبب المياه العذبة، تحت تأثير التغيرات المناخية التي لا تنفك تضرب بأطنابها في أرجاء العالم، ومن هنا ومن وقت مبكر تدير الإمارات مع إثيوبيا، امتلاك زمام ملف مياه النيل، بغية التأثير على القرار المصري في كثير من القضايا، لذا أسهمت الإمارات في تمويل سد النهضة الإثيوبي منذ إنشائه، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة.
وعلى الرغم من مساعي الإمارات المعلنة نحو التقريب بين إثيوبيا ومصر، عبر الحث على عقد جولات جديدة من المفاوضات، إلا أن مؤشرات قوية تنبئ بأن الإمارات غير راغبة في تلبية مطالب مصر العادلة.
وليس أدل على ذلك من انتهاء آخر جولة تفاوضية في القاهرة، والتي عقدت في 2023 بعد زيارة بن زايد لإثيوبيا، دون أدني تغيير في الموقف الإثيوبي، فليس من المتصور منطقيا، أن من كان جزءاً من المشكلة، يمكن أن يكون جزءاً من الحل، والإمارات أسهمت بجانب كبير في صناعة معضلة سد النهضة للالتفاف حول مصر والتحكم في قرارها.
الدعم العسكري
على خلفية ارسال مصر قوات إلى الصومال أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية، بيانا شديد اللهجة، حذرت فيه من التطورات التي “تهدد” أمنها القومي في تلك المنطقة. واتهمت الصومال أنها تستعدى المنطقة بجلبها قوات خارجية تزعزع أمن القرن الإفريقي.
وفي أوج هذه المشاحنات يأتي الحديث عن القوة العسكرية بين البلدين مصر وإثيوبيا، وكيف عملت أديس أبابا التي تهدد القاهرة في أخطر قضية وجودية وهي النيل عبر بناء سد النهضة، على تقوية قواتها المسلحة.
استعانت أديس أبابا بالإمارات التي أسهمت عبر سنوات في تحديث الجيش الإثيوبي، وإمداده بأسلحة ومعدات متطورة، ما أثار العديد من التساؤلات عن دور الإمارات، الحليف الأكبر والأهم لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.
وكيف ساعدت إثيوبيا على تعبئة جيشها، الذي يمثل تهديدا مباشرا لمصر ومصالحها الحيوية خاصة أن ورقة الحرب لوحت بها إثيوبيا أكثر من مرة؟
تسليح الجيش الاثيوبي
عززت الإمارات ترسانة الأسلحة الإثيوبية، حيث سلمت قوات الدفاع الوطنية الإثيوبية مجموعة من المركبات متعددة الأغراض من طراز Calidus MCAV-20 من القوات المسلحة الإماراتية، بحسب مجلة “جينز” البريطانية.
وقالت المجلة المتخصصة في شؤون الدفاع في يوليو 2024: “إن مركبات MCAV-20 تتمتع بقدرات قتالية متميزة وقدرات عالية على التحمل”، الأمر الذي يجعلها مثالية للعمليات في مختلف التضاريس.
خاصة أنها صممت بهيكل مدرع متطور يوفر حماية عالية للطاقم من الأخطار المتعددة، بما في ذلك الرصاص والقذائف والانفجارات.
كما أورد موقع “الدفاع العربي” المتخصص بالشؤون العسكرية في 26 يوليو 2024 أن المدرعات الإماراتية التي وصلت إثيوبيا تستوعب طاقما قتاليا يتكون من 5 أفراد. بحسب موقع الاستقلال
إضافة إلى حمولة متنوعة من الأسلحة والذخيرة، وتصل سرعتها القصوى على الطرق المعبدة إلى 110 كم/ساعة ويصل نطاق التشغيل إلى 800 كم.
ويمكن تزويد المركبات بمجموعة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك مدفع أوتوماتيكي من عيار 30 ملم، ورشاشات متعددة الأعيرة، وقاذفة قنابل آلية، وهو ما يجعلها منصة قتالية متكاملة وقادرة على التعامل مع معظم التهديدات.