ترجماتعربي ودولى

ميدل إيست آي: أطفال غزة في الصف السادس يبدأون العام الدراسي الجديد دون صف دراسي!

في أواخر أغسطس عام 2023، اشترت الطفلة أفنان خالد الشنباري حقيبة ظهر وردية اللون للعام الدراسي الجديد، فقد كانت متحمسة لبدء عامها الأخير في المرحلة الابتدائية.

وبعد مرور أقل من شهرين على بداية الفصل الدراسي، وتحديداً خلال  الساعات الأولى من منتصف أكتوبر، أخرجت أفنان كتبها من حقيبتها وملأتها ببعض قطع الملابس ونزحت من منزلها مع عائلتها تحت القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة. 

أطلقت وكالة الأونروا في الأول من أغسطس هذا العام برنامج العودة إلى التعلم، حيث تضمنت المرحلة الأولى أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي، مع التركيز على الفنون والموسيقى والرياضة، وزيادة الوعي بالمخاطر التي تشكلها الذخائر المتفجرة

والآن للسنة الثانية على التوالي، تخسر أفنان وبقية الطلاب في جميع أنحاء غزة عاماً دراسياً آخر بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة في القطاع.

“عالقة في الصف السادس”

تقول أفنان، وهي نازحة حالياً في مدرسة دير البلح وسط غزة بعد أن نزحت في الأصل من بيت حانون في شمال قطاع غزة، أن حلمها هو استخدام حقيبتها المدرسية للغرض المقصود منها، حيث قالت: “أنا عالقة في الصف السادس منذ عامين، فلم تتح لي الفرصة أبداً لإكماله”.

وأضافت: “في الصف الخامس، كان معدلي مرتفعاً، لكنني كنت أتمنى أن أحصل على معدل أعلى في الصف السادس، وها أنا ذا أقضي حياتي في المدرسة صحيح ولكن ليس من أجل التعليم بل كملجأ من القصف”.

بعد أقل من أسبوع من إعلان الحرب على قطاع غزة المحاصر، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جماعية، وصنف  مدينة غزة والأجزاء الشمالية من القطاع على أنها “مناطق قتال خطيرة”، وأصدر تعليمات للسكان بالانتقال إلى المناطق الوسطى والجنوبية، وما هي إلا أسابيع حتى قام الجيش الإسرائيلي بفصل الأجزاء الشمالية من غزة عن الأجزاء الوسطى والجنوبية بشكل كامل، مما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين، الذين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم لمدة أحد عشر شهراً تقريباً الآن، على البقاء في المدارس!

تقول أفنان: “عندما نزحنا من منزلنا، كنا أحياناً نمشي على أقدامنا وأحياناً نركب في السيارات، والقصف أمامنا حتى وصلنا إلى هذه المدرسة”.

من بين سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، تم تسجيل ما يقرب من 700 ألف طفل وشاب في المدارس والجامعات في عام 2023، وكجزء من استجابتها التعليمية في غزة، أطلقت وكالة الأونروا في الأول من أغسطس هذا العام برنامج العودة إلى التعلم، حيث تضمنت المرحلة الأولى أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي، مع التركيز على الفنون والموسيقى والرياضة، وزيادة الوعي بالمخاطر التي تشكلها الذخائر المتفجرة، وفي المرحلة الثانية الحالية، تحول التركيز إلى أنشطة التعلم غير الرسمية، والتي تشمل دروساً في القراءة والكتابة والرياضيات.

تقول أفنان: “خلال الأشهر الماضية، لم نتمكن من دراسة أي شيء، لكن الآن لدي دروس في اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات، ساعة واحدة لكل درس في الأسبوع، العلوم هو مادتي المفضلة، لكننا لا نأخذها الآن، ولكني آمل أن أعمل في المختبرات الطبية في المستقبل، وبالتالي فأنا بحاجة إلى تعلم العلوم”.

رحلة مرعبة إلى المدرسة

 في نفس المدرسة التي نزحت فيها أفنان، يعيش الطفل إبراهيم المبيض البالغ من العمر 7 سنوات، مع والديه وشقيقته وأجداده، فقبل بدء الحرب، كان قد بدأ لتوه الذهاب إلى المدرسة للمرة الأولى وكان يمشي هناك كل يوم في رحلة وصفها بالـ”ممتعة”.

أما عندما نزح ابراهيم من منزله إلى إحدى مدارس الأونروا في نوفمبر عام 2023، فقد أصبحت رحلته “مرعبة”، ويقول ابراهيم: “قبل بدء العام الدراسي، اشترت لي أمي حقيبة ظهر تضيء عندما أضغط عليها باللون الأزرق، لكنني لم آخذها معي عندما نزحنا، تركتها في المنزل والآن تم قصف منزلنا”.

يقول ابراهيم : “كنت أذهب إلى المدرسة سيراً على الأقدام فلم تكن مدرستي بعيدة، وكنت أستمتع بالمشي كل يوم، ولكن عندما أتينا إلى هذه المدرسة نازحين، مشيت نصف الطريق والنصف الآخر حملني جدي لأنه كان قد أُغمي علي من الإرهاق والخوف، ولم يكن الطريق جميلاً، فقد كانت المسافة بعيدة جداً، وفي الطريق رأيت دبابة، فحاولت النظر إلى الأمام مباشرة دون أن ألتفت إلى الدبابة حتى لا يراني الجنود”.

مشى ابراهيم  مع عائلته مسافة 11 كيلومتراً تقريباً من حي الشجاعية شرق مدينة غزة إلى مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة، إلا أنهم نزحوا عدة مرات بعد ذلك حتى وصلوا إلى المدرسة في دير البلح.

يقول إبراهيم أنه ينام الآن ويحتمي من القصف في الطابق الثاني من المدرسة في فصل دراسي مماثل للفصل الذي كان من المفترض أن يتلقى فيه تعليمه، فقال: “في مدرستي في مدينة غزة، كنت أجلس في الفصل لأكتب وأتعلم، وكنت ألعب كرة القدم مع أصدقائي في ساحة المدرسة، لكن هذه المدرسة ليست جيدة، فهي مليئة بالخيام ولا يمكننا اللعب هنا”.

“قلبي يعتصر ألماً على الأطفال”

في منشور على موقع اكس، كتب المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني: “سيعود الفتيان والفتيات في جميع أنحاء المنطقة إلى مدارس الأونروا باستثناء غزة، حيث يعاني أكثر من 600 ألف طفل من صدمات نفسية عميقة ويعيشون تحت الأنقاض، وهم ما زالوا محرومين من التعلم والتعليم، ونصفهم اليوم موجود في مدارس الأونروا”.

“قلبي يعتصر ألماً على جميع الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة للسنة الثانية على التوالي، ومنهم أطفالي الذين اعتادوا أن يكونوا الطلاب المتفوقين في مدارسهم” – أحمد الحمامي- نازح في غزة

أضاف لازاريني في منشوره أيضاً أن هناك أكثر من 70% من المدارس في جميع أنحاء قطاع غزة إما دمرت بالكامل أو تضررت بسبب الهجمات الإسرائيلية.

من ناحية ثانية، تقدر الأونروا أنه حتى 30 أغسطس عام 2024، قُتل ما لا يقل عن 563 نازحاً داخل منشآتها التي لجؤوا إليها، فيما أصيب أكثر من 1,790 آخرين منذ 7 أكتوبر عام 2023.

يعتقد أحمد الحمامي، وهو أب لاثنين من تلاميذ المدارس وشابتين في سن الجامعة، أن إسرائيل “تحاول عمداً إبقاء الفلسطينيين غير متعلمين”.

وأضاف الرجل البالغ من العمر 43 عاماً: “اليوم، بدأ الموسم الدراسي في الضفة الغربية وفي جميع أنحاء العالم، ولكن كل ما يمكننا أن نفكر فيه في غزة هو أن الصاروخ قد يضربنا في أي لحظة الآن”. 

أكد أحمد، وهو من سكان مخيم الشاطئ، أن “الاحتلال يفعل ذلك عمداً، فهو يستهدف الأطفال بكل الوسائل، وإذا نظرت إلى عدد الشهداء سوف تجد أن غالبيتهم من الأطفال والنساء”.

لقد قُتل أكثر من 40,860 فلسطينياً وأصيب حوالي 94,400 آخرين في الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر عام 2023، ويقول أحمد: “كان من المفترض أن يبدأ ابني الأصغر المدرسة هذا العام، لكنه مثل الأطفال الآخرين، مشغول مع إخوته بجلب المياه والبحث عن الطعام”. 

أكد أحمد الحمامي أيضاً أن نقص التعليم أثر بشكل كبير على سلوك الأطفال في غزة، مما جعلهم عدوانيين وعنيفين، يقول: “قلبي يعتصر ألماً على جميع الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة للسنة الثانية على التوالي، ومنهم أطفالي الذين اعتادوا أن يكونوا الطلاب المتفوقين في مدارسهم”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى