ثقافة وفنون

“ضياء مكاوي” فساد مالي وإداري يُهدر مقدرات وسط الصعيد الثقافي

في مشهد يعكس استشراء الفساد المالي والإداري في الهيئات الحكومية، يكشف موقع “أخبار الغد” النقاب عن ممارسات مشبوهة في إدارة إقليم وسط الصعيد الثقافي.

حيث يتكشف يومًا بعد يوم مدى الانحرافات التي يرتكبها بعض المسؤولين، محولين المؤسسات الثقافية إلى أدوات لخدمة مصالحهم الشخصية.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يعرض فسادًا صارخًا داخل أروقة إقليم وسط الصعيد الثقافي، تحت قيادة ضياء مكاوي، الذي يرأس الإقليم ويدير فرعي ثقافة أسيوط وسوهاج، بالتعاون مع موظف يُدعى وليد راشد، الذي يبدو أنه يتمتع بحماية خاصة.

محاباة واستغلال السلطة لصالح “الصندوق الأسود”

تتجلى أبرز صور الفساد في تعاملات ضياء مكاوي مع وليد راشد، الموظف ذو الدرجة الثالثة، يبدو أنه يتمتع بامتيازات لا تتناسب مع درجته الوظيفية.

يتميز اسمه بوجوده الدائم في كشوف المكافآت الشهرية، حيث يحصل على أعلى المكافآت بشكل مستمر، بما يفوق زملاءه الآخرين وبدون مبرر واضح، مما يجعله محل شك كبير بين زملائه.

والسبب وراء هذا التمييز؟ يُقال إن وليد راشد يُعتبر “الصندوق الأسود” لـ ضياء مكاوي، مما يفسر حصوله المتكرر على المكافآت المالية ويضمن له التميز المالي المستمر مقابل كتمانه للأسرار التي قد تكشف خيوط الفساد الممتدة داخل الإدارة.

من بين هذه المكافآت، تبرز مكافأة المسرح المتنقل التي تُصرف بصفة دورية للعاملين في الإقليم، حيث حصل وليد راشد على مكافأة بتاريخ 12 سبتمبر 2023 بموجب ارتباطات المسرح المتنقل. وقد حصل موقع “أخبار الغد” على مستندات تثبت هذه المعاملات والتي تعود إلى قرار إداري صدر عام 2021 يؤكد على استمرارية صرف تلك المكافآت بصفة دورية.

التلاعب في نسبة الجهود وزيادة غير مبررة في “جهود” وليد راشد

لم يتوقف الأمر عند المكافآت فقط، بل امتد ليشمل زيادة في نسبة الجهود المالية المخصصة لـ وليد راشد بقيمة 50%، بناءً على مذكرة مرفوعة إلى عمرو البسيوني، رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية، الذي وافق على هذه الزيادة دون أن يقدم مبررات واضحة.

هذا القرار أثار استغراب الكثيرين، خاصة أنه يُعد ازدواجاً في الصرف المالي لنفس الشخص ولنفس الجهود، مما يُعد مخالفة صريحة للمادة 60 من قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2016، الذي ينص على ضرورة حماية المال العام والحفاظ عليه ومنع التلاعب في المكافآت المالية.

وقائع إهدار المال العام في احتفاليات مشبوهة بشطوره

في احتفالية شطوره، التي كان يُفترض أن تكون منصة لتكريم المواهب وتشجيع الإبداع، تعرضت للعديد من مُمارسات الفساد التي أثارت استياءً واسعًا بين الحضور.

حيث تم الكشف عن مدى الفساد المستشري وتفاصيل مالية تُظهر إهدار المال العام بشكل واضح، مما أحيا نقاشًا حادًا حول النزاهة والشفافية في إدارة الفعاليات.

فقد وافق ضياء مكاوي على صرف مبلغ قدره 60 ألف جنيه لشراء بنود بالأمر المباشر، تتعلق بالضيافة والدعاية والإعلان وشهادات التقدير، لتغطية تكاليف احتفالية لتكريم المواهب في بيت ثقافة شطوره بمحافظة سوهاج في أغسطس 2024.

ولكن الحقيقة كانت صادمة، حيث تم تضخيم النفقات إلى مستويات لا تتناسب مع حجم الحدث.

القائمة المبالغ فيها تشمل نفقات مثل 2000 جنيه للضيافة و3000 جنيه للدعاية والإعلان، بينما الجوائز المقدمة للأطفال لم تتجاوز قيمتها الإجمالية 2000 جنيه.

على سبيل المثال، تم تخصيص 2000 جنيه لشراء 15 قزارة مياه و30 كوب شاي، بينما زادت ميزانية الدعاية والإعلان من 2000 إلى 3000 جنيه، في حين كانت الجوائز المقدمة للأطفال لا تتجاوز قيمتها الإجمالية 2000 جنيه فقط.

علاوة على ذلك، كان هناك بند أساسي يتعلق بالانتقالات العامة، الذي حُددت تكلفته بـ2000 جنيه، مما يعني أنه تم إنشاء استمارات انتقالات لأشخاص جاءوا من أماكن مختلفة مثل سوهاج وطما، وأصبح عددهم أكبر من عدد الجوائز التي تم منحها للأطفال.

وهذه الأرقام تعكس التلاعب المالي الواضح في الصرف وإهدار متعمد للمال العام على بنود لا تعكس قيمة النشاط الحقيقي وغير منطقية مقارنة بقيمة الفعالية نفسها.

كشف مستنقع الفساد في نادي الأدب

وما يزيد من حدة الانتقادات هو دور نادي الأدب في النشاط، الذي يُفترض به تكريم واكتشاف المواهب من خلال أمسيات شعرية وقصصية.

إذ كان يُتوقع أن يُكرَّم الأطفال الموهوبون، لكن يبدو أن الاحتفالية تحولت إلى مناسبة لتصفيق الشعراء بينما تم تجاهل جهود تعلم الأطفال وتنمية مهاراتهم.

تختتم الاحتفالية بكلمة من عبد الحافظ بخيت، لكن التساؤلات تظل قائمة: كيف يمكن للنشاط الثقافي أن يُحقق أهدافه في ظل وجود مثل هذه الممارسات؟

ومن يُحاسب على هذا الإهدار للمال العام الذي يُفترض أنه يُخصص لدعم الطفولة والإبداع؟

إن التغيير الحقيقي يتطلب إصلاحًا جذريًا، حيث يجب أن تُسند المناصب للأشخاص الأقدر على إدارة الأمور بشفافية ونزاهة، بعيدًا عن الفساد الذي أصبح عائقًا أمام التنمية الثقافية والمجتمعية.

التلاعب في الإجراءات الإدارية

من بين المخالفات البارزة، تأتي قضية توقيع المشرف اليومي دون وجود توقيع للمدير العام على المستندات، مما يسهل عملية التلاعب في الوثائق.

كما أن تنفيذ النشاط في شهر أغسطس، بدلاً من الانتظار إلى سبتمبر لإجراء المناقصة القانونية، يُعد مخالفة إدارية واضحة تعكس غياب الرقابة الداخلية والإدارة الرشيدة.

غياب الرقابة والتوقيعات الوهمية

التلاعب لم يقف عند حدود الفعاليات المالية، بل امتد إلى التوقيعات الإدارية. في واحدة من الوقائع، تم تسريع تنفيذ نشاط الاحتفالية في شهر أغسطس، رغم أنه كان من الممكن تأجيله إلى شهر سبتمبر بعد اتباع الإجراءات القانونية المطلوبة للمناقصة.

وهذا القرار يعكس استغلالًا واضحًا للثغرات القانونية لتسهيل صرف الأموال بطرق غير مشروعة.

ضياء مكاوي في مأزق قانوني بعد انتهاء فترة ولايته

يتعرض ضياء مكاوي، الذي تم تعيينه مديرًا عامًا لفرع ثقافة أسيوط في ديسمبر عام 2018، لمأزق قانوني مع اقتراب انتهاء فترة رئاسته ومدته القانونية في 2024

وبعد تكليفه بإدارة شؤون إقليم وسط الصعيد في أغسطس 2021، ثم توليه إدارة فرع ثقافة سوهاج في 2024، يواجه مكاوي الآن عواقب قانونية تمنع استمراره في تلك المناصب.

قانونيًا، لا يمكنه تكليفه بوظيفة أخرى أو مواصلة إداراته الحالية بعد انقضاء فترة ولايته وتزداد التساؤلات حول حجم الفساد الذي شهدته تلك الفترة.

هذا الوضع يُثير تساؤلات حول مستقبل الثقافة في الصعيد، حيث يُنظر إلى ضعف الإدارة كسبب رئيسي لتدهور الأنشطة الثقافية. آمال المجتمع الثقافي تزال معقودة على تحسين الأوضاع عقب انتهاء فترة مكاوي.

ومع اقتراب نهاية فترة رئاسة ضياء مكاوي لإقليم وسط الصعيد الثقافي، تُثار تساؤلات حول مدى استمرار هذا الفساد في الهيئات الثقافية والحكومية.

هل ستتخذ الهيئة العامة لقصور الثقافة خطوات جادة لإيقاف هذا النزيف المالي وإصلاح الخلل الإداري؟ أم أن هذا المستنقع سيستمر في التوسع على حساب المال العام؟

ومن المتوقع أن تعلن الهيئة العامة لقصور الثقافة عن خلو الدرجة قريبًا، وهو ما يفتح الباب لتساؤلات حول التغيير الذي قد يحدث مع رحيل مكاوي.

آراء تعارض هذا الفساد وتطالب بالعدالة

انتقد العديد من المثقفين والموظفين العاملين في وزارة الثقافة هذه الممارسات، مطالبين بضرورة التدخل السريع لمحاسبة المسؤولين وإعادة الأموال العامة المسلوبة.

وأحد الموظفين الذي طلب عدم ذكر اسمه قال: “لا يمكننا الاستمرار في هذا المستنقع دون محاسبة. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المستقبل الثقافي لمنطقتنا مهدد.”

ومن جانب آخر، يرى بعض المهتمين بالشأن الثقافي أن الفساد المستشري يهدد بفقدان الثقة بين الجمهور والمؤسسات الثقافية،

مشددين على ضرورة فرض رقابة صارمة على كل نفقات الهيئة العامة لقصور الثقافة وضمان محاسبة المتورطين في أي مخالفة قانونية.

ضرورة الحسم .. دعوات للتحقيق في فساد إقليم وسط الصعيد الثقافي

الفساد في إقليم وسط الصعيد الثقافي بات أمرًا واضحًا ولا يمكن السكوت عنه. ويجب على الجهات المعنية في وزارة الثقافة التحرك بشكل عاجل للتحقيق في تلك الوقائع، وتطبيق القانون بحزم للحفاظ على المال العام ومنع تكرار مثل هذه الممارسات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى