عندما يصبح الفساد ثقافة: الهيئة العامة لقصور الثقافة بين الفوضى والسخرية
من الواضح أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تعيش عصرًا ذهبيًا، ليس بالضرورة في الثقافة أو الإنجازات، بل في الفساد والفوضى التي باتت جزءًا لا يتجزأ من حياتها اليومية.
ومن منا لا يحب قصص الفساد عندما تأتي محاطة بكوميديا سوداء؟ هل يمكن لأحد أن يضاهي هذا المستوى من العبث الإداري؟ الإجابة تأتي واضحة وصاخبة: لا، بالطبع لا.
فضيحة “المؤتمر الكبير”… لا رئيس ولا مؤتمر
هل تتذكرون ذلك الوقت عندما قرر رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي، ضياء مكاوي، استدعاء الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط، ليكون رئيسًا لمؤتمر حول “مرجعية التراث الثقافي وإشكالية التجريب”؟
بالطبع، الدكتور أحمد المنشاوي اعتذر بسرعة، والسبب؟ حسنًا، يبدو أن الدكتور المنشاوي قرأ ملف الفساد في الإقليم وأدرك أن اسمه سيكون مرتبطًا بهذا السجل “المشرف”، فاختار الابتعاد عن المشهد. والحق يُقال، من يستطيع لومه؟
الصحفي الذي “يزيط”… والناقد الذي “يستعير”
ومع ذلك، لا يتوقف الأمر هنا، فهناك صحفي يدعى “م. ط.” نائب رئيس تحرير إحدي إصدارات مؤسسة صحفية قومية كبري يبدو أنه يتمتع بموهبة فريدة في “التزييط” لرئيس الإقليم، وكأن هذا هو ما ينقص مشهد الثقافة في الصعيد!
أما الناقد عبدالحافظ بخيت مدير عام النشر الأسبق بالهيئة ورئيس مجلس إدارة نادي الأدب المركزي بسوهاج، فقد أخذ الأمور إلى مستوى جديد، بسرقة أجزاء من مقال لأحد الكُتّاب وضمه إلى مقاله الخاص، مع تعديلات بسيطة لتجنب الكشف، لأن السرقة المباشرة أصبحت موضة قديمة!
سرقة الأفكار الأدبية .. فضيحة أخرى
نعم، لم يتوقف عبدالحافظ بخيت هنا، بل نشر مقاله “المستعار” في عدة مواقع إلكترونية، وكأنه يتحدى الجميع أن يكشفوا ما فعله.
لن نقول إن سرقة الأفكار شيء جديد في عالم الأدب، ولكن الطريقة الصفيقة التي قام بها بخيت تضيف بُعدًا جديدًا من الكوميديا السوداء لهذا المشهد. يبدو أن ثقافة “خذ ما تريد واهرب” أصبحت شعارًا غير معلن في هذه الهيئة.
وجبات المؤتمر .. لحم الفساد على مائدة المثقفين
وفي حديثنا عن “الوجبات الثقافية”، كانت هناك 60 وجبة موزعة بين الأدباء والعمال والأمن والسائق أحمد نور وزوجته وأولاده الثلاثة! نعم، لا عجب أن “الإبداع” يتطلب طاقة كبيرة ووجبات أكثر!
رئيس الهيئة و”هروب الكبار”
محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، ومسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، غادرا المؤتمر بعد يومين فقط من انطلاقه.
لماذا؟ ربما لأنهما أدركا أن “العرض الثقافي” الذي يُقدّم هناك هو في الحقيقة مسرحية هزلية، والخروج المبكر أفضل من الانتظار لمشاهدة الكارثة بالكامل.
ثلاث حافلات أم اثنتان؟ فرق كبير!
وكما هو الحال في كل “إدارة ناجحة”، هناك جدل حول عدد الحافلات التي نُقلت الأدباء بها.
هل هي ثلاث حافلات أم اثنتان وميكروباص؟ يبدو أن الأرقام في هذه الهيئة تخضع لقوانين فيزيائية خاصة بها، حيث يمكن لعدد الحافلات أن يتغير بناءً على من يسأل.
التكريم .. لمن يستحق ومن لا يستحق
أماني عثمان، الموظفة التي خرجت على المعاش، حصلت على تكريمها قبل أي شخص آخر، حتى قبل تكريم الأمانة. لماذا؟ من يعلم! ربما كانت هناك وجبة إضافية أو فرصة جيدة لمشهد توديع مبكر.
تسكين الأدباء .. هل انتهت الإقامة أم لا؟
بعد انتهاء فعاليات المؤتمر، تم تسكين بعض الأشخاص في الفندق ليوم إضافي دون سبب واضح.
يبدو أن الأدباء هنا ليسوا بحاجة إلى غرف، بل إلى “إقامات سرية” تمكنهم من البقاء ليوم إضافي، لأن من لا يرغب في الاستمتاع بفترة إجازة إضافية على حساب الهيئة؟
قانون 81 .. فوق القانون أم تحته؟
ورغم أن قانون العاملين بالدولة واضح وصريح بشأن فترة شغل الوظائف الإدارية، إلا أن ضياء مكاوي يبدو وكأنه يعمل وفق “قانون خاص به”، فهو يعتقد أنه فوق الجميع، ولا أحد يستطيع المساس به.
وتصريحات مثل “أنا فوق الكل” أصبحت رائجة بين الموظفين، ويبدو أن الجميع يتفق مع هذا التصور… على الأقل حتى الآن.
ختام المسرحية .. الأسئلة الكبرى التي لا تجد إجابات
ومن هنا نصل إلى الأسئلة الحقيقية: أين المخطوطات المسروقة؟ أين التحقيقات؟ أين الشفافية؟ لكن، من يجيب لينطق بالإجابات؟
في نهاية المطاف، يبدو أن الهيئة العامة لقصور الثقافة ليست سوى مسرح مفتوح للعبث، حيث لا مكان للمنطق أو القانون.