عجائب عبدالقدوس
بمناسبة إنتهاء موسم الصيف ، وقرب إغلاق أبواب قرى الساحل الشمالي أقدم لك هذا الموضوع..
وقد تتعجب من عنواني بل يمكنك أيضاً أن تتهمني بالمبالغة عندما أصف المشكلة بأنها لا مثيل لها في العالم !!
ويمكن أن تتهمني كمان أن ورائي دوافع سياسية من وراء هذه المبالغة !!
وأرد على حضرتك..
بالتأكيد أن عنواني في محله والدولة على إمتداد سنوات وسنوات بذلت جهود كبيرة في تنمية هذا الساحل فشكراً لها !
ومن حقك أن تسألني وأين المشكلة إذن التي ليس لها مثيل ؟؟
والإجابة أنها ظاهرة وواضحة مثل الشمس .. فالساحل الشمالي يمتد على مسافة ٥٠٠ كيلو متر ، ويعد من أطول سواحل البحر الأبيض المتوسط على مستوى شمال إفريقيا بل والشواطئ الأوروبية كمان .. وعدد القرى الموجودة بها ما يقرب من مائتي قرية .
وأسألك: هل يرضيك أن تظل هذه المنطقة عامرة بالناس ومختلف الأنشطة شهرين فقط في السنة أو ثلاثة على الأكثر هي شهور الصيف ثم تخلو من سكانها والحياة كلها وأبواب الغالبية الساحقة من القرى السياحية مغلقة وحتى السنة القادمة وعليك خير !! وهذا الوضع لا يوجد له مثيل أبدا في كل شواطئ البحر الأبيض المتوسط سوى عندنا فقط !!
المؤكد أن فيه حاجة غلط !!
وإذا أردت أن تبحث عن الخلل الموجود فانظر إلى ما قاله المهندس “حسب الله الكفراوي” رحمه الله في حديث تليفزيوني قبل وفاته مع الصديق العزيز “سيد علي”.
وهذا الرجل للعلم كان وزيراً سابقاً للإسكان لسنوات طويلة ويسمى بالأب الروحي للمدن الجديدة .. فهو الذي وضع اللبنات الأولى للساحل الشمالي وبدأ في إقامة القرى السياحية بها ، وكذلك بصماته واضحة في مدن أكتوبر والعاشر من رمضان ومدينة السادات وغير ذلك.
سأله صديقي هل أنت راض عن أوضاع الساحل الشمالي حالياً وأنت أول من قمت بتعميره ؟؟
أجاب دون تردد: لأ طبعاً .. الدولة عندما فكرت في تعمير هذه المنطقة كانت تتطلع إلى إقامة مجتمع متكامل .. بل زراعة وصناعة وجامعات وسياحة عالمية وغير ذلك من أوجه النشاط .. وليس فقط قرى سياحية.
ومؤسس الساحل الشمالي مات قبل أن يشهد التطورات المذهلة التي جرت .. والوحدات السكنية هناك أسعارها بالملايين .. والغريب أنك تجد من يشتريها من المصريين مع أنه لا يمكث فيها سوى أشهر قليلة من العام !!
والأخوة العرب زحفوا إلى هناك فأرتفعت الأسعار بطريقة فلكية في الخدمات التي تقدم خاصة في المناطق التي يطلق عليها الساحل الشرير !!
ولا يتمتع بخيراته وحفلاته ومهرجاناته إلا فئة ضئيلة جداً من المصريين.
والمطلوب أمرين تحديداً ولا ثالث لهما .. وأعتقد أن حضرتك ستوافقني عليهما ..
أولهما تعمير الساحل الشمالي بإقامة مجتمع متكامل وليس فقط قرى سياحية .. وهذا ما أكده من وضع الأسس الأولى لهذا الساحل المهندس “حسب الله الكفراوي” رحمه الله.
والأمر الثاني بذل كل جهد ممكن ليكون الساحل الشمالي مكان جذاب للسياحة العالمية .. فهي منطقة حلوة قوي وعيب في حق مصر أن تظل شبه مهجورة شهور طويلة حتى يحل علينا الصيف.
وهذه الأحلام لن تتحقق إلا بحوار مجتمعي حول أفضل الطرق لتحقيق ذلك .. يشارك فيه الناس بحيث تكون محل إهتمامك أنت شخصياً مادمت تحلم مثلي لتعمير الساحل الشمالي .. والتنفيذ يتولاه أفضل الشركات من القطاع الخاص المصرية والعالمية !!
وهكذا يكون تقدم الأمم .. عمل جماعي ومناقشات حرة وليس مجرد قرارات حكومية تصدر من فوق بدون أي حوار وكأنها أوامر !!