مصر

التعليم في الإسكندرية .. فساد يعيق تطوير المنظومة التعليمية

تواجه محافظة الإسكندرية أزمة عنيفة وضعت نظام التعليم في مأزقٍ خطير. إذ تتزايد أصوات الغضب والاستياء من الآباء والمعلمين والطلاب على حد سواء،

ليتحول الاهتمام العام نحو قضايا الفساد المتفشي الذي يقف عائقًا أمام تطوير المنظومة التعليمية. بينما يبقى السؤال الرائج حيًّا: متى سيتحمل المسؤولون عواقب فشلهم في إدارة هذا القطاع الحيوي؟

أصوات المواطنين: تعليم يعاني من تدني الجودة

عند التجوال بين مدارس الإسكندرية، يُمكن رؤية آثار الإهمال والفساد في كل مكان. تقول فوزية سعد، أم لطفلين يدرسان في مدرسة حكومية: “أستطيع أن أرى الفروق بين ما يُعلن عنه حول تطوير التعليم وما يحدث فعلًا في المدارس. الفصول مزدحمة ، والمرافق متهالكة”.

وهي ليست الوحيدة؛ إذ عبر أحمد محمود، طالب في المرحلة الثانوية، عن استيائه قائلاً: “لا يوجد اهتمام بالتعليم الجيد. ندرس في ظروف غير مؤهلة، ومع ذلك، نقابل امتحانات يُفترض أنها تمثل مستوى تعليميًا أعلى”.

تُظهر هذه الآراء كيف أن النظام التعليمي أصبح ضحية عدم الشفافية وسوء الإدارة.

تحليل المختصين: عمق المشكلة

في خضم هذا الوضع، لا يفرق المختصون بين أسباب ونتائج وفساد التعليم. يقول الدكتور عادل حسن، أستاذ التعليم: “الفساد في قطاع التعليم يشمل الجميع، من المحسوبية إلى التوظيف غير العادل للموارد. نحن بحاجة إلى إعادة بناء القطاع من جذوره”.

ويُؤكد الجزار أن الفساد يؤدي إلى تدهور جودة التعليم، مما يُنتج خريجين غير مؤهلين في النهاية. على مدار السنوات الماضية، عانت الإسكندرية من نقص في الكوادر المؤهلة وعدم توظيف الأموال بالشكل المناسب.

تساؤلات عن الفساد: فقدان الثقة

أن الاستشعار بوجود فساد يلقي بظلاله على المواطنين، الذين يفقدون الثقة في الإجراءات الحكومية. يتحدث علي، أحد المعلمين، عن قضايا الفساد التي طالت توظيف المعلمين،

مضيفًا: “هناك تأخير مستمر في إجراءات التعيين. لن تُنهي الدولة أزمة التعليم بدون توظيف الأكفاء. يُدير الأمور الأشخاص الذين لا يهتمون بمصلحة التعليم”.

تُظهر هذه الشهادات أن المشكلة لا تقتصر على الفساد المالي فقط، بل تشمل أيضًا غياب الكفاءة في التوظيف والانحياز.

أرقام صادمة: الواقع يتحدث

تُشير تقارير رسمية إلى أن أكثر من 30% من المدارس الحكومية في الإسكندرية تفتقر إلى المقومات الأساسية مثل المختبرات والمكتبات الحديثة. بينما يُعاني حوالي 40% من الطلاب من نقص حاد في المواد التعليمية والكتب، مما يضع الكثيرين في موقف صعب.

إلى جانب ذلك، أظهرت دراسات أعدتها منظمات تعليمية محلية أن نسبة التسرب من التعليم في المدارس الحكومية تصل إلى 10%، وهو أمر يُؤدي إلى تفشي الأمية بين الشباب. تعكس هذه الأرقام مستوى الخطر الذي يواجهه النظام التعليمي نتيجة الفساد.

الفساد المالي: وثائق محجوبة

تشير بعض الشهادات إلى وجود مخالفات مالية في عقود العمل والتطهير وحماية الأمن. يُحذر الخبراء من أن مثل هذه المخالفات تُمثّل انتهاكًا كبيرًا للحقوق العامة.

تقول هالة القاضي، ناشطة منظمات المجتمع المدني: “يجب على الحكومة أن تأخذ موقفًا حازمًا تجاه هذه الملفات. الأرقام تتحدث عن مئات الملايين التي تُهدر بسبب قرارات خاطئة”.

وفيما يبدو، فإن كثيرًا من العقود المتعلقة بالمشروعات التعليمية لم تُنفذ بالشكل الصحيح، حيث يتم تسليم الأموال والمشاريع تقع تحت الأعطال، لكل ذلك تأثيرات سلبية على البيئة التعليمية.

الحلول الضرورية: كيف يتقدم التعليم في الإسكندرية؟

تتزايد الحاجة إلى استراتيجيات مُعالجة فعالة لمشاكل التعليم، من خلال تشريعات واضحة وشفافية في التصرفات.

ويدعو العديد من المختصين إلى ضرورة إجراء إصلاحات شاملة تشمل الحكومة، ومؤسسات المجتمع المدني، والمعلمين، وأولياء الأمور.

يقول الدكتور هشام، أستاذ التخطيط الاستراتيجي: “إذا رغبنا في إنقاذ التعليم، فإنه سيتطلب تخطيطًا جادًا ومعاملة صارمة للفساد. يجب أن نبدأ من قاعدة النظام التعليمي، ونعيد التأهيل للمعلمين”.

مشاركة الطلاب: منبر للأمل

تشهد المدارس حركة شبابية تتطلع إلى التعبير عن آرائهم والبحث عن تحركات فعّالة. حيث يبرز الطلاب كمكون مؤثر في المجتمع، ويعملون على تشكيل المنصات لتبادل الأفكار والتعبير عن آرائهم.

يقول يوسف عبدالعزيز، طالب في المرحلة الجامعية: “نريد أن نُكون صوتًا مسموعًا، ونريد أن نُشرك الطلاب في عملية اتخاذ القرار بشأن التعليم. يجب أن نستعيد حقوقنا كمشاركين أساسين في العملية التعليمية”.

المنظمات غير الحكومية: الشراكة من أجل الإصلاح

تُلعب المنظمات غير الحكومية دورًا مهمًا في دعم التعليم وتقديم المساعدة للمحتاجين. تعكس هذه المؤسسات العزيمة على تحقيق التغيير ورفع مستوى الوعي بين المواطنين حول قضايا التعليم.

تقول سما محسن، مسؤولة في أحد المشاريع التنموية: “نعيش هنا لتحقيق تغيير حقيقي وتعزيز مشاركة الشارع. من خلال برامجنا، يسعى الشباب إلى المساعدة في كتابة تاريخ جديد للتعليم”.

الإعلام كحلقة وصل

تمثل وسائل الإعلام جزءًا أساسيًا في نقل المعاناة والاحتياجات المتعلقة بالتعليم. يجب على الصحفيين توجيه المجتمع المحلي، من خلال تغطيات تتضمن الأخطاء والتجاوزات، وتوثيق نجاحات المواطنين في مواجهة الأزمات.

يقول أيمن حسن ناشط حقوقي: “نعتبر أنفسنا جزءًا من المجتمع. ينطلق دورنا في نقل الحقائق والتحقيق في مشكلات التعليم بأمانة. إذا كان يمكننا أن ننبّه المجتمع إلى الفساد، فهذا سيكون جزءًا من تحقيق التغيير”.

تجارب الإيجابية: بناء الأمل

على الرغم من الأزمات، يُسجل بعض الملاحظات الإيجابية من مشاريع تم تنفيذها بدعم من المجتمع المدني. حيث تم تفعيل بعض المبادرات المجتمعية التي تُعزز التعليم الجيد في المدارس.

تقول ليلى وهبة، وهي معلمة: “عندما اجتمعنا جميعًا، شعرنا بأننا نستطيع تحقيق الأمل. نحن نسعى ليس فقط لإعطاء الدروس، بل لتشكيل دعاوى لرفع مستوى التعليم”.

الطموح نحو مستقبل أفضل

وتبقى الأوضاع في التعليم بمحافظة الإسكندرية بحاجة دائمة للتدخل الفوري والتصحيح. يُظهر أغلب المواطنين والمختصين قلقهم من تفشي الفساد، لكن الإرادة الشعبية والمجتمع المدني قد يُجسدون الأمل في مواجهة التحديات.

تحقيق التقدم المنشود يتطلب التصدي للفساد، وبناء جسور تعاون فعّالة بين جميع الأطراف المعنية. إن مجرد التعبير عن القلق لن يُنجز شيئًا، ولكن العمل الجاد والموحد سيجعل الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.

إن الأمل لم يزل قائمًا، ويبقى السؤال: هل سيضغط المجتمع لتحقيق التغيير، أم ستظل الأوضاع قائمة كما هي؟ الإجابة في متناول أيدينا، والإنقاذ يتطلب الإرادة والعمل الجماعي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى