“أخبار الغد” تكشف من يُغطي على فساد صفقات المرافق في الغربية
تُعاني محافظة الغربية من أزمة متفاقمة تتعلق بصفقات المرافق العامة، حيث تكشف التحقيقات الأخيرة عن وجود فساد مستشري يُغطي عليه بعض المسؤولين.
ومع تصاعد الشكاوى من المواطنين وتزايد حالات الإهمال والفوضى، يبقى التساؤل مطروحًا: من يُغطي على هذا الفساد، ولماذا تُبرمج الأمور بهذا الشكل؟
وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يستعرض آراء المواطنين والمختصين حول هذه القضية، ونسلط الضوء على آثار الفساد على الخدمات العامة والحياة اليومية في الغربية.
أصوات المواطنين: شعور بالخداع والإهمال
في جولة في شوارع طنطا والمحلة الكبرى وكفر الزيات، تبدأ ملامح الغضب في الظهور. تقول سعاد محمد، مُعلمة من المحلة: “الأوضاع أصبحت في غاية السوء. عندي شعور أن أحدًا يستفيد من كل تلك الفوضى، بينما نحن ندفع الثمن من حقوقنا”.
ومن جهته، يجسد أحمد حبيب، أحد أصحاب المشاريع الصغيرة، شعور الإحباط عندما يذكر قضية المرافق: “دفعنا الكثير من فواتير المياه والكهرباء على مدى السنوات، ولكن لا أرى تحسنًا في الخدمات المقدمة. هل يُمكن أن يكون كل هذا بسبب الفساد الذي يكمن في كل جانب؟”.
تتجسد هذه المشاعر في الحاجة إلى استرداد الحقوق وتعزيز الشفافية، إذ تعتبر تلك الخدمات حقًا من حقوق المواطنين.
تحليل المختصين: أسباب الفساد ومسبباته
توجّه في لقاءات خصصت للمختصين في الشؤون العامة، العديد من الآراء التي تدور حول أسباب الفساد. يقول الدكتور رامي عماد، أستاذ الاقتصاد: “الفساد الذي يسيطر على صفقات المرافق يأتي أفضل نتيجة للإدارة الضعيفة والرقابة الغائبة. من المهم فهم أن الفساد لا ينشأ من فراغ، بل هو نتاج لعدم المساءلة”.
عند تناول قضية صفقات المرافق، يأتي الحديث عن أصحاب المصالح وكبار المقاولين. يتحدث الخبراء عن تلاعب بعض المسؤولين في إبرام العقود وتحميلها أعباء إضافية تتسبب في هدر موارد الدولة.
ابرز العوامل: ملفات لم تُعد معروفة
تشير التقارير المبدئية إلى أن قضايا الفساد تشمل مبالغ طائلة تُهدر على صفقات واعتمادات لم تُنفذ. تتفق الشهادات على أنه يحدث تلاعب في مستندات الصفقة، حيث يجب أن يخضع كل ما يتعلق بالصفقات لمراقبة دقيقة.
يقول رأفت، ناشط في حقوق الإنسان: “هناك ملفات حُجبت عن الناس يُعبرون عن غياب الشفافية. من الطبيعي أن ترغب في محاسبة المسؤولين الذين أساءوا استخدام الأموال العامة، وليس دافع الضرائب”.
دور الرقابة: تساؤلات وغياب الشفافية
يشعر المختصون بالقلق من أن غياب الرقابة الدائمة على صفقات المرافق يُعزز ظاهرة الفساد. تقول المحامية فاطمة الطرزي: “نريد فتح الأبواب أمام المراقبة العامة، يجب أن يكون هناك تحرك من المجتمع المدني للنظر في حالات الفساد ونشر الحقائق”.
ولجعل المواطنين فاعلين، يأتي دورهم في المطالبة بخطط واضحة لمتابعة الفساد، ووجود قنوات مباشرة للاثني على الشكوى.
تحذيرات الأمن العام: حماية المرافق أولوية
تشير التقارير الأمنية إلى أن الفساد في صفقات المرافق يعكس غياب الجدية في توفير الأمان والاستقرار. يقول أحد الضباط: “الأمن هو الأساس لضمان فعالية الخدمات. إذا لم نتمكن من فرض سيطرة، ستصبح حياتنا جميعًا في خطر أكبر”.
تتعامل الأجهزة الأمنية مع هذه الملفات بحذر، لكن هناك حاجة إلى تطبيق قواعد صارمة.
دور المواطنين في محاربة الفساد
يعتبر المواطنون جزءًا أساسيًا من عملية محاربة الفساد. تقول هالة الششتاوي، الناشطة في المجتمع المدني: “نستطيع أن نكون صوتًا قويًا. يجب أن نقوم بتعبئة الجمهور وتثقيفهم حول كيفية الدفاع عن حقوقهم”.
تُعتبر زيادة الوعي لدى الناس إحدى الوسائل الفعالة في تسليط الضوء على مشاكل الفساد ومساعدتهم على تجاوز هذه الأزمات.
الرؤية المستقبلية: نحو إصلاحات جذرية
تبقى الطرق نحو إصلاح قضايا المرافق والفساد قائمة، الأمر الذي يتطلب مقترحات ملائمة وفعّالة. يُرجح العديد من المختصين أنه لتفادي الأزمات، من الضروري تحقيق توازن بين الجهود الحكومية والمراقبة المجتمعية.
لذا، يُنصح بتشكيل لجان مُستقلة لمراجعة عقود الصفقات والتأكد من جودتها. يقول الدكتور مدحت الجابري، الخبير القانوني: “يجب أن نٌعرّف الفساد بوضوح وحزم. يجب أن نُسقط الفاسدين من المسؤولية ونضع حدًا للانتهاكات”.
التعاون المجتمعي: الأمل في التغيير
تستعد العديد من المنظمات غير الحكومية لإنشاء شراكات مع الجهات الرسمية للضغط من أجل تحسين الأوضاع. يقول أيمن حامد، ناشط شاب: “كلما اجتمعنا معًا كمواطنين، وفّرنا ضغطًا أكبر على الحكومة. الالتزام بالشفافية يجب أن يكون حجر الزاوية لتغيير الواقع”.
هذا التوجه يمكن أن يساعد في بناء إجماع قوي يعزز من صوت المواطنين.
هل سنشهد تغييرات؟
يبقى الوضع في محافظة الغربية يتطلب تحركًا جادًا نحو معالجة الفساد في صفقات المرافق. يجب على المواطنين أن يستمروا في الضغط على الجهات المسؤولة، ويمتد ذلك إلى استثماراتهم الاقتصادية.
الأمل معقود على تحقيق الإصلاحات اللازمة وتبني ثقافة مُشتركة تستند إلى الشفافية. إن قضايا الفساد لا تعني نهاية الطريق، بل فرصة للتغيير وبناء جديد يعكس تطلعات الجميع.
تظل التساؤلات قائمة: هل ستستجيب الحكومة للقرارات التي تُخضع الفاسدين للمحاسبة وتنقذ المرافق؟ إن الإجابة تعتمد على الإرادة الجماعية لتحقيق العدالة للغالبية التي تُعاني.