عمليات نصب عقاري في مصر .. كيف يتصدى المواطنون لهذه الظاهرة
تستمر عمليات النصب العقاري في التفشي بظلالها الثقيلة على حلم المصريين في الحصول على مسكن أو محل تجاري.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من الدولة للحد من هذه الظاهرة، إلا أن العديد من المواطنين لا يزالون يتعرضون للاحتيال من قبل مُحتالين يروجون لفرص عقارية وهمية.
وقد اجتاحت هذه الظاهرة العديد من المحافظات، مما أثار انزعاجًا عامًا بين المواطنين وجعل المختصين في حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات فعالة لمواجهة هذا التحدي.
أصوات المواطنين: معاناة يومية
تجولنا في شوارع القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ ودمنهور لجمع آراء المواطنين حول هذه القضية. تقول رنا حبيب، وهي ربة منزل من الإسكندرية، “لقد اشتريت شقة حلمي، لكن بعد عام اكتشفت أن البائع لم يكن يمتلك ملكيتها الأصلية.
ضاعت كل مدخراتي وأحلامي”. تُعبر رنا عن الألم الذي ينجم عن هذه التجربة المريرة، مشيرة إلى أن الأزمة المالية والضغط النفسي جعلاها تجربة لا تُنسى.
أيضًا، يتحدث أحمد، الشاب الذي كان يحلم بفتح محل تجاري خاص به، قائلًا: “لقد دفعت مقدمًا لبائع زعم أنه لديه مشروع في قلب المدينة. وبمجرد تسليمي الأموال، اختفى! لم أعد أعلم أين أبحث عنه”. تعكس هذه التجارب القاسية تزايد حالات النصب العقاري.
المختصون يتحدثون: التحليل والمراقبة
يعتبر المختصون أن الفوضى في السوق العقاري هي من أبرز أسباب تفشي النصب. حيث يشير الدكتور سامر إبراهيم، أستاذ الاقتصاد، إلى أن “غياب الرقابة الدورية على المعاملات العقارية وظهور الإعلانات المضللة تلعب دورًا رئيسيًا في حدوث هذه المشاكل”.
يروج بعض المحتالين لعروض مغرية تفوق قدرة السوق، مما يجذب المواطنين دون انتباه لخطورة أولئك الذين يديرون عمليات النصب.
ويتحدث الدكتور وليد العوضي، خبير التنمية العمرانية، عن رفعة الأولويات التي يجب أن تتمثل في التوعية وزيادة الوعي بين المواطنين حول حقوقهم
وطرق التحقق من تفاصيل أي صفقة عقارية قبل الإقدام عليها، قائلًا إن “عدم المعرفة يمكن أن يؤدي إلى فقدان مدخرات الأجيال”.
أساليب النصب: من يدفع الثمن؟
تكشف العديد من التقارير عن أن أساليب النصب تشمل شتى المجالات، بدءًا من بيع عقارات وهمية، مرورًا بعروض تكاليف منخفضة لشراء شقق أو محلات ومشاريع لم تُبَنى بعد.
وغالبًا ما يلجأ المحتالون إلى استخدام أساليب مقنعة لإعطاء انطباع بالمصداقية، مثل تقديم أوراق مزوّرة أو شهادات ملكية غير صحيحة.
يتابع المتخصصون أيضًا أن النصب العقاري يُعبر عن أزمة ثقة بين المواطنين وشركات التطوير العقاري بسبب بعض التجارب الفاشلة، مما يجعل الناس أكثر حذرًا عند التفكير في شراء أو استئجار أي عقار.
دور الحكومة والمجتمع المدني
استجابةً لهذه الظاهرة المتزايدة، بدأت الحكومة في اتخاذ إجراءات وقائية تشمل تحسين التشريعات والإجراءات القانونية.
حيث تتعاون جهات حكومية مع جمعية حماية المستهلك لتحسين الثقافة المالية والتأكيد على أهمية الاتفاقات القانونية لدى المتعاملين.
في الوقت نفسه، ظهرت مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز الوعي بين المواطنين بشأن حقوقهم.
يُعتبر توعية المواطنين حول كيفية فحص مشاريع البناء والتحقق من الجهة المُطورة أمرًا ضروريًا لتعزيز الثقة في السوق العقاري.
آليات المواجهة: كيف يتجنب المواطنون النصب؟
يجب أن تتضمن آليات مواجهة النصب العقاري خطوات حاسمة، مثل التحقق من السجل العقاري: يجب على كل مواطن التأكد من وجود حقوق الملكية عبر التحقق من سجلات القوى الأرضية والمستندات القانونية.
وأيضاً التعامل مع الشركات المرخصة يؤكد المختصون على ضرورة التعامل حصريًا مع الشركات المُرخصة والتي تمتلك سمعة طيبة في السوق.
وكذلك توقيع عقود قانونية واضحة ينبغي على المواطنين تضمين جميع الصفقات في عقود قانونية مضمونة ومحمية من خلال المحامين المتخصصين.
بالإضافة إلي التبليغ عن المحتالين يُنصح المواطنون بالتبليغ عن أي حالات نصب تحدث لهم حتى يكون هنالك رصيد من الشهادات التي يمكن أن تُستخدم في التحقيقات.
الإعلام كحليف: دور الإعلام في توعية الجمهور
يلعب الإعلام دورًا حاسمًا في توعية المجتمع بمخاطر النصب العقاري، حيث يتم تناول القضايا من خلال برامج حوارية وتوثيق التجارب المختلفة.
ويمكن للإعلام أن يُشكل منصة لتسليط الضوء على الحالات التي تعكس الفوضى والأساليب المتبعة من قبل المحتالين، مما يساهم في تحفيز الجمهور على اتخاذ التدابير اللازمة.
ضرورة الجهود المشتركة
ويتطلب التصدي لظاهرة النصب العقاري بالضرورة تكامل جهود الدولة، المجتمع، والمواطن. فإن الحفاظ على أموال الناس وحقوقهم يجب أن يأتي في صدارة أولويات الجميع.
حيث تحتاج هذه القضية إلى تفعيل التعاون بين الجهات الرسمية والمواطنين لضمان حصولهم على كل المعلومات القائمة على الحقائق، مما يسهم في تحقيق استقرار السوق العقاري وحماية حقوق الأفراد.
مستقبلًا، يجب أن تتحول هذه التجارب السلبية إلى دروس تُستغل في بناء نظام أكثر كفاءة وأمانًا، يعكس نجاح جهود مكافحة الفساد في هذا المجال.