ترجماتمصر

 الفاينانشال تايمز : رحلة مصر من طفرة الغاز إلى انقطاع الكهرباء

مصر تشهد أزمة طاقة خانقة بعد سنوات من التوقعات الإيجابية نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر

في تحول غير متوقع، تعاني مصر من أزمة طاقة خطيرة بعد الانقطاعات اليومية للكهرباء التي أثرت على حياة الملايين وأثارت غضباً عاماً، على الرغم من التوقعات السابقة التي أشادت بافتتاح حقل ظهر للغاز الطبيعي.

تواجه البلاد نقصًا حادًا في الغاز الطبيعي، مما أجبر الحكومة على استئناف استيراد الغاز الطبيعي المسال لتعويض العجز الناتج عن تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب على الكهرباء. وقد أثرت هذه الأزمة بشكل كبير على النشاط الاقتصادي، حيث بلغت التكاليف المترتبة على انقطاع الكهرباء أبعادًا لم تكن متوقعة.

قال أحد رجال الأعمال المصريين، الذي يمتلك استثمارات في مجموعة من القطاعات: “أعتقد أن انقطاع التيار الكهربائي تسبب في أضرار أكبر للاقتصاد مقارنة بأسعار شحنات الغاز. جوهر الأمر هو ما هي أولويات الدولة؟” تأتي هذه التصريحات في وقت خصصت فيه الحكومة 1.2 مليار دولار لتمويل واردات الطاقة الأولية، بما في ذلك 21 شحنة غاز طبيعي مسال.

على الصعيد الآخر، انقطعت حالات انقطاع التيار الكهربائي، التي بدأت في أبريل/نيسان، في بداية أغسطس/آب، ولكن التوقعات تشير إلى أنها قد تستأنف في منتصف سبتمبر/أيلول. ومن جهته، أفاد فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في جولدمان ساكس، أن “صافي واردات مصر من النفط والغاز بلغت 6.3 مليار دولار في العام المنتهي في مارس/آذار 2024، مقارنة بفائض صافٍ في الصادرات بلغ 4.4 مليار دولار في العام المنتهي في سبتمبر/أيلول 2022″، مما يبرز التحول الاقتصادي المباشر الناتج عن هذه الأزمة.

مصر تعاني من انقطاعات الكهرباء في ظل ارتفاع درجات الحرارة وضغوط اقتصادية متزايدة

تواجه مصر أزمة كهرباء متصاعدة أثناء ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، مما يزيد من الضغوط على نظام متخم بالديون ويجعل البلاد في حالة طوارئ مستمرة.

تعود جذور هذه الانقطاعات إلى أزمة نقد أجنبي في عام 2022، فقد سحب المستثمرون الأجانب حوالي 20 مليار دولار، مما أدى إلى تأخر سداد المدفوعات لشركات النفط والغاز العالمية. يقدر المحللون المتأخرات بنحو 6 مليارات دولار، مما أثر سلبا على استثمار الشركات في الاستكشاف والإنتاج. كما شهد إنتاج الغاز في مصر انخفاضا ملحوظا، حيث تراجع من 70 مليار متر مكعب في عام 2021 إلى 53 مليار متر مكعب متوقعة هذا العام.

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي: “لم يتوقع أحد موجات الحر التي نشهدها وارتفاع درجات الحرارة بشكل مستمر، ليس فقط ليوم أو يومين بل لأسابيع متواصلة. نحن في حالة طوارئ مستمرة كل يوم”. وفي سياق تحسين الوضع الائتماني، أكد متحدث باسم مجموعة إيني الإيطالية أن الوضع يتحسن مع تطلعات لاسترداد المستحقات المتبقية.

يضيف ديفيد باتر، المتخصص في النفط والغاز، أن استكشاف حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط يتطلب استثمارات جديدة لضمان استمرار الإنتاج. في الوقت نفسه، يشير تقرير من شركة ريستاد إلى أن الاحتياطي في حقل ظهر قد يقل عن التقديرات الأولية، مما يستدعي اتخاذ خطوات عاجلة.

القاهرة تنفي الشائعات حول حقل ظهر وتؤكد استقرار الإنتاج

نفت الحكومة المصرية التقارير الأخيرة التي زعمت بأن حقل ظهر يواجه مشكلات فنية، مشددةً على استقرار الإنتاج في الحقل ودور شركة إيني في هذا المشروع الحيوي.

في تصريحاته، أوضح حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة. فقد قال: “إيني شركة دولية ولا يوجد استغلال مفرط لها. وهذا خطأ”. يأتي هذا التصريح لدحض الشائعات التي تشير إلى تسرب مياه إلى خزانات الحقل بعد محاولات للاستخراج المتزايد للغاز.

كما أشار المتحدث باسم شركة إيني إلى أن إنتاج الحقل يتوافق مع التوقعات المتفق عليها مع الشركاء المؤسسيين. وأكد قائلاً: “الإنتاج من حقل ظهر يتماشى مع ما توقعناه”، معززا بذلك الثقة في استمرارية العمليات.

تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه مصر تحديات في مجال صادرات الغاز، تعرضت لضغوط بسبب استهلاكها للإمدادات الاسرائيلية. ومع ذلك، هناك آمال بأن زيادة الإنتاج الغاز الإسرائيلي قد تعزز الإمدادات لمصر في العامين المقبلين. وقد أشار باتر إلى أنه “قد يكون هناك الكثير من الغاز الإسرائيلي الذي لا يوجد له مكان آخر يذهب إليه. ومصر هي السوق الكبيرة الوحيدة التي يمكن لإسرائيل الوصول إليها بسهولة”.

في الوقت نفسه، أعرب المسؤولون عن قلقهم من تصاعد الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، حيث هددت الجماعة باستهداف إنتاج الغاز البحري الإسرائيلي، مما قد يؤثر على إمدادات الغاز لمصر في الأمد القريب.

للتصدي لهذه التحديات، أطلقت مصر مؤخراً جولة جديدة من المناقصات للتنقيب عن النفط والغاز في 12 منطقة بالبحر المتوسط ودلتا النيل، مع ضمان تقديم الحوافز للشركات العالمية لتكثيف الاستكشاف والإنتاج. كما أكد مدبولي أن “هناك خطة واضحة جدًا لإعادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي مع الشركاء الأجانب إلى مستوياته السابقة، وزيادته أيضًا” بدءًا من عام 2025.

المصدر  الفاينانشال تايمز

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى