مصر

أصوات المواطنين تُغيَّب في الحوار الوطني في ظل تراجع دور الأحزاب

في ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها مصر، يبرز تساؤل مُلح حول فاعلية الحوار الوطني وقدرته على استيعاب آراء المواطنين في ظل تغييب الأحزاب السياسية عن المشهد العام.

وإن الاحتجاجات والمناقشات المستمرة حول هذه القضية تعكس قلق المواطنين والمختصين من عدم وجود تأثير حقيقي لجهود الحوار على حياة الناس اليومية.

تشويه الصورة: آراء المواطنين

تتزايد الأصوات من عموم المواطنين، الذين يعبرون عن خيبة أملهم من قلة الاستجابة لمطالبهم من قِبل الأحزاب.

وتقول مريم محمد، وهي موظفة حكومية: “الحوار الوطني يبدو كأنه طقوس فارغة لا تعكس مشاكلنا الحقيقية. كيف نتوقع من الأحزاب التفاعل إيجابياً مع قضايا المجتمع إذا كانت غائبة أصلًا عن النقاش؟”

ثم تدعو النشطة السياسية وفاء، المواطنين للتعبير عن آرائهم بشكل أكبر، قائلة: “من المهم أن نبين للرأي العام أن الحكومة تحتاج إلى سماع أصواتنا فعلًا، وأن الحوار يجب أن يكون شفافًا، ولا يقتصر على منسوبي الأحزاب أو النخبة فقط.”

المختصون في الميدان: التحليل والمراقبة

يؤكد العديد من الخبراء أن الحوار الوطني يعاني من افتقارٍ إلى المصداقية، حيث يتحدث الكثير منهم عن أهمية إشراك كافة الأطراف من سياسيين ومواطنين ومؤسسات في النقاشات.

ويقول الدكتور سامي جلال، أستاذ العلوم السياسية: “غالبًا ما يتم جدول أعمال الحوار وفق أولويات معينة، مما يُفقده الاتصال المباشر مع القضايا التي تهم المواطنين.”

ويشدد جلال على أنه يجب أن يُخصص مجالٌ حقيقيٌ لمشاركة الشارع في هذا الحوار، مشيرًا إلى أن التصورات التي تُعتبر “شعبوية” بحاجة إلى التفسير العميق والتعميق في القضايا الفعلية.

حضور غائب: دور الأحزاب السياسية

هذا التراجع في دور الأحزاب السياسية يُعتبر من العوامل الرئيسية في تشويه الحوار الوطني، إذ يفقد الشارع القدرة على التفاعل مع الأحزاب كممثلين فعليين لصوتهم.

ويرى العديد من المواطنين أن الأحزاب لم تعد تمثل مصالحهم، بل تروج لأجندات سياسية خاصة، وهو ما يزيد من إقصاء الصوت الشعبي.

ويتحدث الناشط والخبير الاقتصادي أحمد عن أهمية وجود تمثيل حقيقي للأهالي، حيث يقول: “إذا تغاضت الأحزاب عن قضايا الشارع، فإن الحوار الوطني لن يتمكن من دفع المجتمع نحو التغيير المنشود. يجب أن تأخذ الأحزاب الشعبية تكليفها بجدية.”

آفاق المستقبل: الطريق إلى التغيير

ويبقى الإشكال في كيفية رؤية المشهد القادم. إذا أُريد للحوار الوطني أن يُشكل مستقبلًا واعدًا، يجب أن تكون هناك ضمانات حقيقية تتمثل في التفاعل مع الشعب والإجابة عن تساؤلاته.

تحتاج الأحزاب إلى تعزيز دورها في المشاركة الفعلية والعمل على تحفيز الأشخاص على التواصل ومؤسسات المجتمع المدني للانخراط بشكل أعمق. إذ تعتبر هذه القضايا بمثابة الخطوة الضرورية لتحقيق التقدم والازدهار.

إذا كانت أصوات المواطنين تنتظر الاستماع، فإن ذلك ينبغي الاهتمام به في الحوار الوطني.

فهل تتمكن الأحزاب من تحقيق هذا التوافق بين المتطلبات الشعبية وأجندتها الخاصة؟ هذا هو السؤال الذي يظل مفتوحًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى