استغاثة أولياء أمور مدرسة التمريض بأسوان .. هل أصبحت المحسوبية سيدة الموقف؟
في صيف حار، علَت أصوات أولياء الأمور في مدرسة التمريض بأسوان مناشدة بحقوق أبنائهم، معبرين عن استياءهم من المحسوبية والتلاعب بدرجات الطلاب في المدرسة.
وهذا الأمر لم يمر مرور الكرام، بل أشعل نقاشات حادة حول آليات التعليم الفني المهني ومدارس التمريض بشكل خاص، واستحالة الوضع في ظل هذه الظروف.
نداء الاستغاثة من أولياء الأمور
ظهرت معالم هذه الأزمة مع استغاثات أولياء الأمور، حيث انتشرت شكاوى تتعلق بالتلاعب في درجات أبنائهم وكيف أن بعض الطلاب يحظون بمعاملة مميزة بناءً على علاقاتهم مع الهيئة التدريسية.
“لقد بذل أبناؤنا جهدًا كبيرًا، لكننا نرى أن المحسوبية تتحكم في كل شيء”، يقول أحد أولياء الأمور، مضيفاً: “هذا ليس عدلاً، فكل طالب يجب أن يُقيم بناءً على أدائه الأكاديمي فقط”.
تحتوى مدرسة التمريض بأسوان على عدد كبير من الطلاب والطالبات الذين يسعون لتحقيق أحلامهم في مستقبل مهني مشرق، لكن هذه المعوقات تهدد مستقبلهم وتزرع في نفوسهم شعوراً بالإحباط.
ويَشكو ولي أمر آخر قائلاً: “عندما أرى أبناء الجدد يتفوقون بأدنى مجهود، بينما ابني يبذل جهداً مضاعفاً فقط لتحقيق نتيجة جيدة، أشعر بأن الأمور ليست على ما يرام”.
ردود فعل المختصين: غياب الشفافية في التعليم الفني
من جانبه، يرى الكثير من المختصين في مجال التعليم الفني أن هذه القضية ليست جديدة في مدارس التمريض أو المدارس المهنية بشكل عام.
والدكتور محمد جابر، خبير التعليم الفني والمشرف على عدة مدارس، يقول: “مشكلة المحسوبية والتلاعب في الدرجات هي نتيجة غياب الشفافية والمحاسبة داخل النظام التعليمي”.
ويعزز حديثه بالقول إن تلك المدارس بحاجة ماسة لتطوير أساليب وتقنيات التعليم والتقييم، الأمر الذي يتطلب استثمارًا كبيرًا في البنية التحتية والمعلمين.
“المحسوبية كانت واحدة من المشكلات، إلا أن هناك مبادئ وأسس يجب أن تُحرص على تنفيذها، وأي تجاهل لذلك سيؤدي إلى تلك الأزمات”.
أهمية تطوير التعليم المهني
يشدد العديد من الخبراء على ضرورة تطوير مدارس التعليم الفني، بما في ذلك التمريض، لتحسين جودة التعليم وضمان مساهمته الفعّالة في التنمية.
ويشير الدكتور ابراهيم الشاطر، أستاذ التعليم الفني، إلى أن تطوير المناهج والتدريب الفعّال سيساهمان في تقديم خريجين بمواصفات عالمية.
“يجب أن تكون لدينا مدارس تتماشى مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، والتخلص من نظام التعليم التقليدي”.
التعليم المهني يُعتبر ضرورة ملحة في مصر، مما يستدعي إعادة النظر في الأساليب المتبعة، في ظل تزايد الطلب على المهن الطبية والصحية.
ويجب أن يتلقى الطلاب التدريب بصورة احترافية وفعّالة ويجب أن تكون هناك آليات واضحة لتقييم أدائهم.
دعوات إلى إصلاح شامل
ردود الفعل المتزايدة للأهالي والمختصين لم تتوقف عند حدود الشكوى، بل دعت إلى تبني إصلاحات شاملة.
الاحتجاجات والمطالبات بتطوير النظام التعليمي في مدراس التمريض تمثل دعوة للقيادات التعليمية لتكون أكثر مسؤولية.
إن الممارسات الخاطئة مثل التلاعب بالدرجات تشير إلى وجود خللٌ في النظام التعليمي.
وفي حديثها، أشارت والدَة طالبة متضررة من المدرسة “رفضت ذكر أسمها” إلى أهمية الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بالدرجات، وتأسيس قنوات تواصل فعّالة بين أولياء الأمور والمدرسة.
“نحتاج إلى نظام يُمكِّنَنا من متابعة أبناءنا، ومعرفة كيف تُحدد درجاتهم، وماهي المعايير المتبعة”.
الاستثمار في المعلمين والبنية التحتية
يؤكد الخبراء أن التعليم يعد استثمارًا طويل الأجل، لذا ينبغي على الحكومة والأطراف المعنية تخصيص ميزانية أكبر لتحسين المدارس المهنية.
يجب أن يُواجه النقص في التعليم والتدريب بالاستثمار في إعداد المعلمين وتزويدهم بالأدوات الحديثة.
“الكفاءة في التعليم تتطلب رفع مستوى المعلمين وتزويدهم بالتدريبات والورش، بما يُعزِز من قدراتهم”، تضيف الدكتورة نجلاء يوسف، خبيرة تربوية.
“الأمر لا يتوقف عند تحسين البنية التحتية فقط، بل يجب أيضًا تفعيل الأنشطة التي تُعزز من مهارات الطلاب، بل وتقدم لهم فرص التدريب العملي المناسب”.
المساهمة المجتمعية ودور المجتمع المدني
بجانب ذلك، يتوجب أن تلعب المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية دورًا في تطوير التعليم المهني.
والأعضاء النشطين في المجتمع يجب أن يتعاونوا لدعم مشاريع التعليم والتوظيف بشكل يحقق الاستقرار للمهنة
ويواجه المحسوبية، وأن يُنظموا حملات توعية لأولياء الأمور والطلاب حول حقوقهم وطبيعة التعليم المقدم.
نحو غدٍ أفضل للتعليم المهني في مصر
مع تزايد الاحتجاجات والمطالب بتنظيف النظام التعليمي، تبقى كرة إصلاح التعليم المهني في ملعب الحكومة والجهات المسؤولة.
ويجب أن تكون الخطوات نحو تطوير مدارس التمريض ومختلف المدارس المهنية جادة وفاعلة.
إذًا، الرسالة واضحة: لا بد للمسؤولين من الانتباه لصوت المواطنين، ومن باب أولى، إدراك التحديات التي تواجه التعليم الفني المهني وإضفاء الردود المطلوبة حين ألفت الأضواء نحو المحسوبية والتلاعب.
والمستقبل في أيدي الأجيال الصاعدة، ويجب أن تكون لهم فرصة عادلة ومتكافئة لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم الصحية والمهنية.