مصر

في ذكرى انقلاب القذافي والأزمة القائمة.. دعوات تُطالب بعودة الملكية في ليبيا

على مدار السنوات الماضية، شهدت ليبيا مظاهر متنامية لوجود حراك ينادي بالعودة إلى النظام الدستوري الملكي، بوصفه مخرجاً من الأزمة المستحكمة لعملية الانتقال السياسي المعقدة في ليبيا والتى تتسع يوما بعد يوم بين مختلف الفرقاء السياسيين وتضارب المصالح بين القوى الخارجية.

وما يلفت النظر إلى هذا الحراك، وجود أطراف أخرى لا تنتمي إليه تطالب بالعودة إلى دستور 1951 الذي كان معمولاً به خلال الحكم الملكي؛ كما أن الظهور المتكرر للأمير محمد السنوسي، لاسيما في المناسبات الوطنية، يوفر الرمزية اللازمة لإمكانية حشد وتنظيم صفوف أنصار النظام الملكي إذا لزم الأمر.

لكن في المقابل تظل هناك تحديات جمَّة تواجه نمو هذا الحراك، وقدرته على تحقيق مكاسب جوهرية باتجاه تحقيق المطالب التي ينادي بها أنصار النظام الملكي.

ذكرى انقلاب القذافي

تأتي ذكرى الفاتح من سبتمبر لثورة القذافي ومعها انقسام ليبي بين من يعبر عن حنينه وافتقاده للعقيد الراحل ونظامه، وبين من يتهمونه بالتسبب في تدمير البلاد بانقلاب على الشرعية الدستورية، بعد الإطاحة بالملك إدريس السنوسي، الذي يقولون إنه حقّق الاستقلال والاستقرار للبلاد. لكنها حلت هذه المرة في وقت تعاني فيه 6 دول أفريقية مجاورة لليبيا من انقلابات أو اضطرابات سياسية.

هناك من يرون أن ما يسمى ثورة الفاتح من سبتمبر هي انقلاب غاشم، دمر استقرار البلاد، وأحيا فيها نظام العصبية والقبيلة طوال أكثر من أربعة عقود حتى سقط النظام بثورة شعبية.

في برنامج شاهد على العصر قال رئيس الوزراء الليبي الأسبق مصطفى بن حليم أن أول خطوة قام بها القذافي فى انقلابه كانت السيطرة على قوة دفاع برقة، وأكد أن الملك وقائد الجيش “السنوسي شمس الدين” كانا يعلمان أن معمر القذافي و11 ضابطا أخرين يسعون لقيادة انقلاب على الملك والحكومة الليبية.

وذكر أن القذافي كان مغرما بزعامة عبد الناصر وأراد أن يمشي على خطاه وكان يحفظ خطبه، مضيفاً أن الملك كان زاهداً في السلطة ولا يعنيه سوى علاقته مع الله، وأنه كانت هناك شكوكاً حول أن لبريطانيا علاقة بالانقلاب، ولكنه أكد على أن أمريكا ليست لها أي علاقة به وكذا مصر أيضا.

أزمة قائمة ودعوات ضمنية لعودة الملكية

منذ الثورة الليبية عام 2011 والتي أطاحت الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ودفعت ليبيا إلى الفوضى، أصبح الوصول إلى ثروة البلد النفطية أكبر جائزة لجميع الفصائل السياسية والجماعات المسلحة إضافة إلى القوى الخارجية بمصالحها المتضاربة في ليبيا.

وفي عام 2020، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع فشل الهجوم على طرابلس الذي قادته قوات اللواء المتقاعد خليفة، وبدأ التحرك نحو إعادة توحيد الدولة في الفترة التي سبقت الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول 2021 في ظل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بقيادة عبد الحميد الدبيبة.

والآن تُشعل أزمة البنك المركزي وزيادة حصص النفط بين المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الشرق بقيادة حفتر جولة جديدة من الصراعات التى يرى البعض أنها لن تنتهى إلا بنظام دستوري موحد يحكم البلاد وتلك ذريعة المطالبين بعودة الملكية مرة أخرى لليبيا.

وفي وقت سابق نشر الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي، نجل ولي العهد السابق خلال الحقبة الملكية، مقالا في صحيفة “وول ستريت جورنال” يطرح خلاله رؤيته لتجنُّب الفراغ السياسي الذي تعيشه ليبيا نتيجة فشل عملية التسوية؛ وتتلخص رؤيته في إعادة إحياء النظام الملكي، وتفعيل دستور الاستقلال مرة أخرى. وبعد المقال بأسبوعين زار السنوسي تركيا، حيث التقى هناك بالسفير القطري لدى أنقرة، ليُثير بذلك تساؤلات حول احتمالية وجود مشروع سياسي جاد في هذا الاتجاه، وما إذا كان قد يمثل أحد البدائل القوية لتسوية الصراع.

الدبيبة يلعب بورقة الملكية

نقلت وكالة نوفا الإيطالية، أن هناك محاولة جارية لتشجيع عودة مثيرة للأمير محمد الرضا السنوسي ولي عهد ليبيا، إلى البلاد في 17 فبراير، ذكرى الثورة الليبية 2011. واستغل الأمير، كلمته بمناسبة الذكرى 72 لاستقلال ليبيا، ليعلن أنّ المشاورات والمباحثات التي بدأها مؤخرًا مع جميع الأطراف في الخارج وستستمر لاحقًا بالداخل لا تستهدف عودة لنظام أو استعادة لعرش أو محاصصة بين القليل على حساب الكل. وحدّد هدفه بوضع البلاد تحت “مظلة دستورية ومرجعية مؤسساتية تحترم إرادة الشعب، قبل أن نجد بلادنا وقد تناثرت أطرافها وتلاشت وذهب ريحها”.

بالتزامن مع زيارة الأمير محمد الرضا أبلغ عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة في فبراير من العام الجاري، المجلس الرئاسي بضرورة إخلاء قصر ولي العهد، تمهيدًا لتسليمه للأمير محمد الرضا السنوسي للمشاركة في احتفالات 17 فبراير آنذاك، ضمن خطة الدبيبة المزعومة لعودة الملكية.

وصوّر الإعلام الأمر كما لو أنّ العودة حدثت بالفعل، لافتةً إلى أنه يجري العمل الآن على صيانة وتجهيز سيارة العاهل الليبي الراحل إدريس السنوسي، ليستقلها الرضا عند قدومه إلى طرابلس.

وزعمت أنّ السنوسي سيُطالب طرابلس بتنصيبه ملكًا على الليبيين، وأن يكون مقر حكم المملكة في شرق ليبيا وفق اتفاقه مع الدبيبة، مشيرةً إلى أنّ تيار الإسلام السياسي هو صاحب فكرة إعلان أن يكون مقر الحكم في شرق ليبيا في محاولة لتأجيج الشارع وخلط الأوراق.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى