مقالات ورأى

على درّة يكتب: د.حلمي الجزار والمصالحة والعمل السياسي

في البداية أؤكد أنني في هذا العرض لا أدافع عن أشخاص؛ فكل شخص له مطلق الحرية في الدفاع عن نفسه وعن مواقفه، لكنني أريد توضيح أفكار مطروحة قد يتفق معها البعض أو يختلف، فهذا يدخل في نطاق حرية القناعات:

أولًا: الإخوان والعمل السياسي:


لا يختلف اثنان في جماعة الإخوان المسلمين في أن العمل السياسي حقٌّ أصيل، بل وأحد المفاهيم الراسخة في فكر جماعة الإخوان، وذلك من منطلق شمولية الإسلام الذي تربّى عليه أفراد الجماعة ولا يزالون. لكن هذا العمل السياسي قد تتغير أشكاله وأدواته. فقد مارس الإخوان العمل السياسي طيلة حياتهم بدون وجود حزب للجماعة حتى عام 2012، ثم مارسوا العمل السياسي من خلال حزب الحرية والعدالة عندما سمحت الظروف بعد ثورة يناير. فمسألة وجود حزب أو عدم وجوده لم تمنع الإخوان من الممارسة السياسية. كذلك مسألة المنافسة في الانتخابات، ففي عام 1990 قاطع الإخوان الانتخابات وقرروا عدم المنافسة في الانتخابات البرلمانية في هذا العام لظروف سياسية في حينها. فهل هذا الموقف منع الإخوان من ممارسة العمل السياسي؟ بالطبع لا، فهذه مواقف سياسية قد تتبدل وتتغير حسب معطيات الواقع، وهذه من أبجديات العمل السياسي.

وهذا ما ذكره الأستاذ إبراهيم منير رحمه الله، وسار عليه من بعده د. صلاح عبد الحق القائم بأعمال المرشد، وأكد عليه د. حلمي الجزار، وأكرر أكد عليه. أي إنه ليس موقفًا جديدًا، وهو أن الإخوان يرون في هذه المرحلة أنه إذا كان عدم دخول الإخوان المنافسة الحزبية والصراع على السلطة يكون للصالح العام للبلاد، فإن الإخوان سيقدمون الصالح العام، وهذا موقف سياسي وليس اعتزالًا للعمل السياسي. وهذا موقف يحسب للجماعة وليس عليها.

ثانيًا: قضية المصالحة:


أكد الأستاذ إبراهيم منير رحمه الله، ومن بعده د. صلاح عبد الحق، أن قضية المعتقلين هي همنا الأول، ومن أجل حلحلة هذه القضية إذا استدعى الأمر الدخول في حوار يؤدي إلى حلول وتفريج كرب المعتقلين فلن نتأخر. وهذا ما كرره، وأؤكد مرة أخرى كرره، د. حلمي الجزار.

ولكن هل الدخول في حوار من أجل حل أزمة المعتقلين معناه التراجع عن ثوابت الجماعة؟ بالطبع لا. وهنا أحب التأكيد على أن الكثير من أهالي المعتقلين يقولون بكل وضوح: نحن مع كل خطوة في اتجاه حل أزمة المعتقلين، وهذا ما أكده لي شخصيًا الكثير منهم.

**ثالثًا: مما ذكرت في أولًا وثانيًا، ستجد أن د. حلمي كل ما فعله هو تأكيد مواقف أعلنها الأستاذ إبراهيم منير رحمه الله، ومن بعده د. صلاح عبد الحق القائم بأعمال المرشد. فما سر الهجوم على د. حلمي كلما تحدث؟ وهنا أحب التأكيد على أن د. حلمي بطبيعته شخص هادئ، لديه مقومات السياسي المتوازن، وقناعته أن الحوار الفعّال مهما كانت الخلافات قد يؤدي إلى آلية للحلول يمكن البناء عليها. ولكن يبدو أن هذا الأسلوب الهادئ من أجل تحريك الماء الراكد يزعج كل من كان سببًا في ركود الماء.

وفي النهاية، اتفق أو اختلف مع ما أكد عليه د. حلمي، لكن هذا طرح واضح المعالم، وعلى من يختلف أن يقدم الطرح الآخر. نسأل الله التوفيق للجميع، والحرية لكل مظلوم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى