مصر

طابية الدخيلة بالإسكندرية: هل تُهدَّد بالهدم تحت غطاء الترميم؟

في خطوة أثارت نقاشاً واسعاً بين المواطنين والمختصين بالآثار، أعلنت وزارة الآثار عن بدء عملية ترميم منطقة طابية الدخيلة بالإسكندرية.

والطابية التي تمتلك تاريخاً غنياً، ولكنها لم تُسجل كأثر في سجلات المجلس الأعلى للآثار، أصبحت محط الأنظار بعد تداول أنباء عن هدمها.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد“، نستعرض تفاصيل هذا الجدل ونعرض آراء المواطنين والخبراء حول مستقبل هذه المنطقة الغامضة وتاريخها.

قصة منطقة الطابية

تعتبر طابية الدخيلة واحدة من المعالم الهامة في الإسكندرية، على الرغم من عدم تسجيلها كآثر رسمي.

وتقع الطابية بجوار حوض جاف مُسجل ضمن آثار العصر الروماني، ما يضفي عليها أهمية تاريخية وفنية.

وتعود جذور الطابية إلى فترات طويلة من الزمن، والعوامل الجغرافية والمائية المحيطة بها أثرت بشكل كبير على نشأتها وتطورها.

يقول “أحمد الجندي”، مؤرخ محلي: “الطابية ليست مجرد بناء، بل هي جزء من تراثنا الثقافي. لها قصص ودروس تُعلمنا عن تاريخ الإسكندرية”.

ومع مرور السنوات، تحول الاهتمام بترميم الطابية إلى ضرورة ملحة تزامنت مع خطط تطوير ميناء الدخيلة.

ولكن التخوف من أن تؤدي هذه الخطط إلى تدمير معالم تاريخية هو ما أشعل الجدل في الشارع المصري.

الجدل حول هدم الطابية

أثيرت لبس كبير حول أنباء هدم الطابية بسبب صور متداولة تُظهر عمليات هدم في المنطقة المحيطة.

وأكد المواطنون الذين شاهدوا تلك الصور على منصات التواصل الاجتماعي أن الطابية تم هدمها بالفعل، مما أدى إلى ردود فعل غاضبة واستنكار واسع.

تروي “مريم صلاح”، ناشطة ثقافية، قائلة: “شعرت بالقلق عندما رأيت الصور. الطابية تمثل جزءاً لا يتجزأ من تراثنا. كيف يمكن هدمها؟”.

ومع تصاعد الأصوات الشعبية، سارعت وزارة الآثار لإنكار ما تم تداوله بشأن الهدم، مُؤكدةً أن الطابية ستظل في مكانها وأن عمليات الترميم تتضمن المحافظة عليها.

آراء المتخصصين

تعددت الآراء بين المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي حول ضرورة الاهتمام بترميم الطابية، حيث اعتبر البعض أن الترميم قد يفيد في الحفاظ على المنطقة كأثر تاريخي، بينما شكك آخرون في الأثر الفعلي لعملية الترميم.

يقول “دكتور يحيى الحاوي”، أستاذ الآثار: “إذا تم تنفيذ الترميم بشكل صحيح، فقد يكون له تأثير إيجابي على المنطقة. لكن هناك حاجة لتحديد إطار قانوني واضح لحماية الطابية”.

في المقابل، يُعتبر الحفاظ على ملامحها الأصلية هو الضمانة الوحيدة لنجاح هذا الجهد.

شائعات هدم الطابية في سياق مخطط تطوير الميناء

صرّح مسؤولون بأن الطابية ستظل جزءًا من جهود تطوير منطقة ميناء الدخيلة، حيث يعتبر هذا الميناء أحد المشروعات الحيوية في الإسكندرية.

ولكن المشروع يثير القلق بين المواطنين بمسؤولية ذلك على تأثيرات سلبية محتملة على المواقع التاريخية.

تقول “ليلى كمال”، كاتبة صحفية: “الكثيرون يخافون من التحولات الكبيرة التي قد تُخفي جانبًا مهمًا من تاريخ الإسكندرية. يجب الموازنة بين التطوير والحفاظ على التراث”.

الارتباط بين مشاريع التنمية والتاريخ يستدعي من جميع الأطراف التفكير بعمق في المزيج بين القديم والجديد.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية لاستمرار الطابية

امن حسن قائد، باحث اقتصادي، على أهمية الطابية كموقع سياحي. ويعتقد أن الحفاظ عليها سيخلق فرص عمل ويعزز العوائد السياحية.

ويوضح قائلاً: “استثمار الأموال في التراث الثقافي يمكن أن يُحسن اقتصاد المنطقة بشكل عام”.

كما أنه يُشير إلى أن تعزيز الوعي بالمواقع التاريخية يمكن أن يُسهم في رفع جودة الحياة الاجتماعية.

التوجه نحو تنفيذ خطة الترميم

مع استمرار الجدل، أُكد أن وزارة الآثار بدأت بالفعل في وضع خطة شاملة لترميم الطابية وتطوير المنطقة المحيطة.

وتقترح وزارة الآثار العمل بالتعاون مع خبراء دوليين في مجال الحفاظ على التراث لضمان نجاح هذا المشروع.

وتقول “عائشة الحسن”، منسقة في وزارة الآثار: “نحرص على أن تشمل عملية الترميم جميع جوانب الطابية وأن تتماشى مع قيمتها التاريخية”.

تزداد الآمال بأن هذه الجهود ستسفر عن نتائج إيجابية وإسعاد المواطنين.

أهمية الحوار المجتمعي في اتخاذ القرار

تجدد النقاش حول الطابية الحاجة إلى جلسات حوار بين المسؤولين والمواطنين. ويقول “محمد سعد”، ناشط مجتمعي: “يجب أن يشعر المواطنون بأنهم جزء من القرارات المتعلقة بمشاريع التطوير. يجب أن يكون لديهم صوت”.

اختيار التفاعل مع المواطنين يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في البناء والثقة بين الأطراف المعنية.

تجارب دولية في الحفاظ على التراث

توجد أمثلة عالمية عديدة لاستعادة المواقع التاريخية والمحافظة عليها، مما يمكن أن تُعتبر نموذجًا يُحتذى به.

ويقول “دكتور حازم الدالي”، خبير في التراث الثقافي: “يجب أن نتعلم من التجارب الناجحة في العالم، ونجعل من عملية الترميم فرصة لإعادة إحياء عراقة أسيوط”.

محافظات أخرى في مصر قد تُمثل دروسًا قيّمة بناءً على تجارب الحفاظ على التراث.

الاستفادة من المجتمع المدني

يلعب المجتمع المدني دوراً مهماً في حماية التراث الثقافي، حيث يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تُعزز من جهود التوعية والشراكات المحلية.

تقول “سماح يوسف”، ناشطة في مجال التراث: “يجب أن نعمل بالتعاون مع وزارات الثقافة والآثار لتحقيق أهداف مشتركة. الحفاظ على الطابية مسؤولية جماعية”.

نظرة مستقبلية لأسيوط والطابية

تطرح الطابية قضية تحتاج إلى استجابة متكاملة من جميع الأطراف—المسؤولون والمواطنون والمجتمع المدني.

ويجب أن تشكل كل تلك الأبعاد رؤية مشتركة للحفاظ على التراث وضمان تنمية مستدامة للمنطقة.

“إذا استطعنا دمج التراث الثقافي مع تنمية الميناء، سيصبح لدينا فرصة فريدة للنمو والاستدامة”، يقول “دكتور زين العابدين”، خبير التخطيط الحضري.

جدل الآثار بالإسكندرية: هل تبدأ طابية الدخيلة في مرحلة جديدة من الترميم؟

تُظهر قضية طابية الدخيلة أن الحفاظ على تاريخنا وتراثنا يتطلب توازناً دقيقاً بين الحاجة إلى التنمية والاهتمام بالثقافة.

وإن الشفافية والتواصل بين المسؤولين والمجتمع أمران حاسمان في هذا السياق.

يأمل الجميع أن تكون الخطوة المقبلة نحو ترميم الطابية هي البداية لمحادثة أعمق حول مستقبل التراث الثقافي في مصر وكيف يمكن أن يُثري المجتمع والاقتصاد معًا.

ولا يزال الأمل معقودًا على أن ينتصر الوعي الثقافي وحقوق المدينة في الحفظ والبقاء.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى