مصر

الإعلام في مصر يُغفل هموم وقضايا المواطنين

تُعتبر وسائل الإعلام السلطة الرابعة في المجتمع، حيث تلعب دورًا أساسيًا في توعية الجمهور ونقل مشاكله وأفكاره إلى صانعي القرار.

ومع ذلك، يواجه العديد من المصريين مشكلات تتعلق بتجاهل الإعلام لقضاياهم اليومية، مما يزيد من مشاعر الإحباط والغضب بين المواطنين.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يستعرض آراء المصريين والمختصين حول هذا الموضوع وكيفية تأثير التجاهل الإعلامي على الحياة اليومية للأفراد.

واقع الإعلام في مصر

في السنوات الأخيرة، شهد الإعلام المصري تطورًا كبيرًا من حيث تكنولوجيا البث والتواصل، إلا أن الكثير من القضايا التي تهم المواطنين لا تحظى بالتغطية المناسبة.

بينما تنفق الحكومة مبالغ ضخمة على الإعلام، نجد أن الناس يشعرون بأن أصواتهم وأوجاعهم لا تُسمع.

وتقول سارة محمود، إحدى المواطنات: “يبدو أن الإعلام يركز على التغطيات الفاخرة والمناسبات الكبرى، بينما نتجاهل مشاكلنا الحقيقية مثل البطالة وغلاء الأسعار”.

يضفي هذا الوضع تساؤلات حول أولويات وسائل الإعلام. فإذا كانت مهمتها هي خدمة الجمهور، فلماذا تُغفل تلك القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على حياتهم؟

أمثلة على تجاهل القضايا اليومية

تتعدد الأمثلة على قضايا حياتية تواجه المصريين، والبعض منها لا يناله أي اهتمام من وسائل الإعلام.

وتشير التقارير إلى أن قضايا الإدمان، نقص الأدوية، وتدهور مستوى التعليم تعتبر من أهم المشاكل التي تحظى بقليل من التغطية الإعلامية.

يقول أحمد الغريب، ناشط حقوقي: “هناك آلاف الشخصيات المجهولة تعاني في صمت، ولا نجد من يقدم لهم الدعم أو يتحدث عن معاناتهم”. يتساءل الغريب: “لماذا لم تنقل وسائل الإعلام قصص هؤلاء؟”.

علاوة على ذلك، يُعاني سكان القرى والمناطق النائية من مشكلات عديدة من بينها نقص الخدمات الأساسية، لكن الإعلام يظل غافلاً عن تلك المشكلات.

ويؤكد الدكتور عماد، أستاذ الإعلام: “يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دورًا أكثر فعالية من خلال تناول القضايا التي تهم قطاعات أوسع من المجتمع.”

دور الإعلام في تشكيل الوعي

لعب الإعلام دورًا حيويًا في تشكيل وعي المجتمع بشأن القضايا الاجتماعية والسياسية. ومن هنا يأتي دور وسائل الإعلام في تسليط الضوء على القضايا اليومية التي تُعاني منها فئات المجتمع المتنوعة.

لكن في العديد من الأحيان، يتم التغاضي عن قضايا هامة، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بين المواطنين وصانعي القرار.

يُعتبر الإعلام أداة مؤثرة لحشد الدعم لقضايا معينة، وفي حالة التجاهل، يصبح بإمكان المشاهدين أو المتابعين أن يشعروا بالإحباط بسبب عدم القدرة على رؤية تلك القضايا تُطرح على الساحة العامة.

وتقول نجلاء السعيد، كاتبة صحفية: “إذا استمر التجاهل، فإن المواطنين سيفقدون فهمهم لأهمية الانخراط في القضايا الوطنية.”

تأثير التجاهل الإعلامي على المجتمع

تتجاوز قضايا تجاهل الإعلام مجرد عدم التغطية، بل يمكن أن تؤثر أيضًا على العلاقات الاجتماعية والثقة في المؤسسات العامة.

وتجلب التقارير الوهمية والانحياز في التغطيات صورًا زائفة عن الواقع، مما يقلل من تقدير المواطنين لقدرتهم على التأثير على عالمهم.

وتقول الدكتورة نادية جبر، متخصصة في علم الاجتماع: “إن التجاهل الإعلامي قد يساهم في تعزيز ثقافة الإقصاء، مما يدفع الناس إلى فقدان الأمل في إمكانية تحقيق التغيير”. وتُشير إلى أن الإعلام يجب أن يكون منصة للجميع وبالتأكيد للأصوات التي لا تُسمع.

دعوات للتغيير

مع تزايد مشاعر الإحباط، بدأت تظهر دعوات من قبل نشطاء وصحفيين تهدف إلى تغييرات جذرية في طبيعة التغطيات الإعلامية.

وتتمثل هذه الدعوات في أهمية عمق التغطية والاستماع لأصوات المواطنين المتضررين، وتوجيه الضوء لتسليط الانتباه على قضاياهم.

ويقول الناشط الحقوقي مصطفى شفيق: “نحتاج إلى إعادة التفكير في كيفية إنشاء المحتوى الإعلامي. يجب أن يكون هناك مشاركة فعالة من الجمهور في تحديد القضايا التي تهمهم”. ويؤكد على أهمية استعادة ثقة الجمهور في الإعلام كمصدر ضروري للمعلومات.

الحلول الممكنة

تكمن الحلول في تشكيل شراكات بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني للوصول إلى القضايا المتجذرة والسياسات العامة.

وإن التعاون يمكن أن يضمن أن الإعلام يسلط الضوء على القضايا المهمة والتي تتطلب حلولًا فورية.

كما يُمكن تطوير برامج تعليمية تهدف إلى إعداد صحفيين قادرين على معالجة القصص من وجهة نظر الناس العاديين، مما يسهم في تحسين جودة المحتوى المقدم.

دور التكنولوجيا في تحسين التغطية الإعلامية

وتظهر وسائل الإعلام الرقمية كفرصة لتعزيز الوصول إلى القضايا غير المعلنة. توفر الشبكات الاجتماعية منصة للمواطنين لنقل وجهات نظرهم وتجاربهم.

حيث يُمكن للأفراد نشر مشكلاتهم وبالتالي تسليط الضوء على القضايا التي لم تتناولها وسائل الإعلام التقليدية.

يقول محمد طارق، ناشط في حقوق الإنسان: “لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة حوار حول القضايا التي نواجهها. علينا الاستفادة من هذه البنية الأساسية لجعل أصواتنا مسموعة”.

نحو إعلام متوازن وشامل

بالنظر إلى دور الإعلام في تشكيل المجتمع، يجب أن يسعى إلى تحقيق توازن بين الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وعندما يتمكن الإعلام من دمج أصوات المواطنين ونقل قضاياهم بشكل عادل، فإن هذا سيساهم في بناء مجتمع أكبر من الثقة والتفاهم.

الإعلام كمحرك للتغيير: صوت المواطن هو الأساس

في نهاية المطاف، يجب أن تتبنى وسائل الإعلام دورًا أكثر نشاطًا وتفاعلاً في معالجة القضايا اليومية التي تمس حياة المصريين.

وإدارة هذه القضايا ليست مجرد مهمة إعلامية، بل مسؤولية اجتماعية مُلقاة على عاتق الجميع. إذا أردنا تحسين الحياة اليومية للمواطنين، علينا أن نجعل أصواتهم تُسمع في كل زاوية من زوايا الإعلام.

وإن الإصغاء لقضايا المواطنين وإعطائهم المنصة المناسبة لإضفاء الضوء على معاناتهم يمكن أن يؤدي إلى الحلول الحقيقية والمستدامة، مما يُعزز من وحدة المجتمع ويعيد الثقة في مؤسسات الإعلام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى