مصر

وزارة التربية والتعليم المصرية تثير جدلاً واسعاً بتعديلات جذرية في نظام الثانوية العامة

أثارت التعديلات الأخيرة التي أعلنتها وزارة التربية والتعليم المصرية على نظام الثانوية العامة موجة من الانتقادات والجدل في الأوساط التعليمية والاجتماعية.

تتضمن التغييرات الجديدة إلغاء بعض المواد الدراسية الهامة مثل الفلسفة واللغة الثانية والتاريخ، بالإضافة إلى إغلاق مراكز الدروس الخصوصية ومنع استخدام الكتب الخارجية. وقد أثارت هذه القرارات مخاوف جدية حول مستقبل التعليم في مصر.

عبر خبراء التربية والتعليم عن شكوكهم في قدرة هذه التعديلات على تحقيق أي تحسن ملموس في العملية التعليمية. وحذروا من أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى تراجع كبير في جودة التعليم وقد تتسبب في انهيار النظام التعليمي بأكمله.

وفي هذا السياق، صرح أحد الخبراء التربويين قائلاً: “إن إغلاق مراكز الدروس الخصوصية ليس الحل السحري لأزمة التعليم في مصر. ما نحتاجه هو نهج شامل ومتكامل يشمل تحسين البيئة التعليمية وتطوير المناهج وتدريب المعلمين.”

وأضاف خبير آخر: “هذه القرارات تمثل تراجعاً خطيراً عن المكتسبات التي تحققت في مجال التعليم على مدى سنوات. نحن بحاجة إلى حلول مدروسة تراعي مصلحة الطلاب وتضمن جودة التعليم.”

قرارات مفاجئة ستغير مسار العملية التعليمية في مصر

قال الدكتور محمد عبدالعزيز، أستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس، إن وزارة التعليم اتخذت قرارات مفاجئة ستغير مسار العملية التعليمية في مصر. وأضاف أن هذه القرارات تشمل إغلاق مراكز الدروس الخصوصية، ومنع استخدام الكتب الخارجية، وحذف بعض المواد الدراسية مثل الفلسفة واللغة الثانية والتاريخ من المناهج.

توقع عبدالعزيز أن هذه القرارات تهدف إلى تطوير المناهج الدراسية. وأشار إلى أن سلطات التعليم بررت إجراءاتها بالرغبة في تحديث المناهج لتواكب متطلبات العصر، بالإضافة إلى مكافحة ظاهرة الدروس الخصوصية التي أصبحت عبئًا على الأسر المصرية.

أوضح أن سلطات الانقلاب ادعت أن هدف التعليم هو التركيز على المواد الأساسية لتطوير شخصية الطالب وإعداده لسوق العمل.

ردود أفعال متباينة بين مؤيد ومعارض

أشار عبد العزيز إلى أن هذه القرارات أثارت ردود فعل متباينة. فبينما رحب البعض بها كخطوة لتطوير التعليم، انتقدها آخرون بشدة معتبرينها تراجعًا عن المكتسبات التعليمية.

وطرح تساؤلات حول مدى مساهمة هذه القرارات في تطوير العملية التعليمية أو تدهورها، وتأثيرها على الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور.

قرار إغلاق السناتر، يخفف العبء المادي عن الأسر

قالت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، إن قرار إغلاق مراكز الدروس الخصوصية يخفف العبء المالي عن الأسر ويُفترض أن يحسن مستوى الطلاب في المدارس الحكومية. لكنها تساءلت عن ضمانات تطبيق هذا القرار على أرض الواقع، مشيرة إلى صعوبة السيطرة على هذا الأمر.

وأضافت عبد الرؤوف أن إغلاق هذه المراكز ليس حلاً سحرياً لأزمة التعليم، بل جزء من حلول متكاملة. وشددت على ضرورة تعاون الحكومات والمجتمع المدني لتوفير بيئة تعليمية مناسبة لجميع الطلاب وتطوير نظام تعليمي عادل وفعال.

ضرورة مراجعة المناهج الدراسية بشكل دوري وتحديثها لتتناسب مع متطلبات العصر

فيما يخص تطوير المناهج، أكدت على أهمية مراجعتها وتحديثها دوريًا لتواكب العصر، مع توفير تدريب مستمر للمعلمين لتعزيز مهاراتهم. كما دعت إلى خلق بيئة تعليمية محفزة تشجع الطلاب على التعلم وتنمية قدراتهم.

وشددت بثينة عبد الرؤوف على ضرورة إصلاح نظام الامتحانات بالتقليل من التركيز على الحفظ والتلقين، مع تأكيدها على أهمية دعم الطلاب الذين يواجهون صعوبات تعلمية.

شيء محزن ومخاوف من تأثيرات سلبية

أبدت حزنها العميق إزاء التعديلات في نتائج الثانوية العامة، مشيرة إلى أنها سابقة لم تحدث من قبل في نتيجة معتمدة رسمياً من وزارة التعليم.

وأوضحت بثينة عبد الرؤوف أن عدم الدقة في النتيجة أثر على مجاميع الطلاب غير الأوائل، مما استدعى إعادة جمع درجات عدد كبير منهم واعتماد النتيجة مجدداً. وأشارت إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى قلق الطلاب وفقدان ثقتهم في دقة النتائج.

كما توقعت انخفاضاً في عدد التظلمات المقدمة بعد هذه التعديلات، نظراً لخوف الطلاب من فقدان درجات قد تحرمهم من الالتحاق بالكليات التي يطمحون إليها. 

دمج المواد الدراسية سيزيد من الدروس الخصوصية بدلاً من تقليلها

قال الدكتور وائل كامل، خبير تربوي وعضو هيئة تدريس بجامعة حلوان، إن دمج المواد الدراسية سيزيد من الدروس الخصوصية بدلاً من تقليلها. وأضاف أن مادة العلوم المتكاملة تتطلب أكثر من مدرس واحد لتدريسها، خاصة في ظل نقص المدرسين الحالي.

وأوضح كامل أن تخفيض المجموع قد يضر بالطلاب، حيث أصبح كل 3 أخطاء تمثل 1% بدلاً من 5 أخطاء سابقاً. كما أشار إلى أن إلغاء بعض المواد الأدبية وإخراج اللغة الثانية من المجموع سيؤثر على الإقبال على الأقسام في الكليات، مما يستدعي تعديل معايير القبول في كليات اللغات.

النظام الحالي للامتحانات لا يعد مقياساً شاملاً للمعرفة

أشار إلى أن النظام الحالي للامتحانات لا يعد مقياساً شاملاً للمعرفة، حيث لا يناسب جميع المواد. وأكد أن المادة 26 من قانون التعليم تحدد المقررات الإجبارية والاختيارية في التعليم الثانوي العام، مع تفويض وزير التعليم لتحديد تفاصيلها بعد موافقة المجالس المختصة.

ودعا إلى توفير عملية تعليمية منتظمة وسد النقص في أعداد المدرسين. وأضاف أن تقييم هذه القرارات سيعتمد على نتائجها الفعلية على أرض الواقع.

وتساءل : هل ستحقق تعليم الانقلاب الأهداف التي تسعى إليها أم ستواجه المزيد من التحديات؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى