فلسطين

غزة.. مليونا فلسطيني محاصرون الآن في 40 كيلومترا مربعا

بات قرابة يعاني مليوني فلسطيني حاليا من الحصار في مساحة لا تتجاوز 40 كيلومتراً مربعاً، بينما تقوم إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية في قطاع غزة وملاحقتها المتزايدة لحماس.

وحسب صحيفة وول ستريت جورنال، يعيش الفلسطينيون في غزة في واحدة من أكثر المناطق ازدحاماً بالعالم، ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع قبل أكثر من 10 أشهر، تقلصت المساحة المتاحة لهم للعيش بأمان بشكل ملحوظ.

في الأسابيع الأخيرة، وسعت إسرائيل هجماتها ضد حماس لتشمل مناطق اعتُبرت سابقاً آمنة، لكنها تدّعي الآن أن المسلحين يختبئون فيها، مما يدفع الفلسطينيين للتقيد بمناطق أصغر في القطاع.9 أوامر إخلاء بأغسطس وتقلص مساحة غزة

وحتى الآن في شهر أغسطس الحالي، أصدر الجيش الإسرائيلي 9 أوامر إخلاء على الأقل تغطي مناطق خصصها كمناطق إنسانية، وهي التوجيهات التي تقدر الأمم المتحدة أنها أثرت على 213 ألف شخص. وهذا يعني أن سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة أصبحوا الآن محصورين في منطقة تبلغ مساحتها نحو 15 ميلاً مربعاً (أقل من 40 كيلومترا مربعا).

وبعبارة أخرى، في بداية العام، دفعت أوامر الإخلاء الفلسطينيين الفارين من الحرب إلى اللجوء إلى مناطق تبلغ مساحتها نحو 33% من القطاع، وفقاً للأمم المتحدة؛ والآن انخفضت هذه المساحة إلى 11% فقط من غزة.

تفشي الأمراض

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن تقليص المساحة المتاحة للفلسطينيين للبحث عن ملاذ يؤجج مخاوف تفشي الأمراض وتدهور الظروف المعيشية في الجيوب الصغيرة المتاحة للمأوى.

وقالت بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات في منظمة أوكسفام في غزة: “هذا يعني المزيد من الأمراض وضغوط أكبر على المرافق الموجودة”.

ورغم أن إسرائيل تأمل في استهداف مسلحي حماس في المناطق الإنسانية المحددة بعد اجتياح معظم القطاع، فإن المساحة المتقلصة قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة وزيادة الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب.

على مدار أشهر، تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية على منطقة المواصي، التي كانت تعتبر آمنة، في إصابات بين المدنيين، مما دفع الكثير من الفلسطينيين للاعتقاد بأن أي جزء من القطاع لم يعد آمناً.

ويتهم الجيش الإسرائيلي حماس بأنها “تستخدم أصولها العسكرية بجوار البنية التحتية الإنسانية والسكان المدنيين” قبيل أمر الإخلاء الأخير..

وأوضحت وول ستريت جورنال أن الجيش الإسرائيلي لم يستجب لطلب التعليق على التأثير الإنساني لتقليص المساحة المخصصة للمدنيين.

تدعي إسرائيل أنها تطلب من الناس التكدس في منطقة أصغر من المواصي لتقليل الوفيات بين المدنيين، لكن منظمات الإغاثة تشير إلى أن المنطقة مكتظة بالفعل بالفلسطينيين الذين يعيشون في خيام. وتضيف أن البنية التحتية الطبية ضعيفة، ونقص الغذاء ومياه الشرب النظيفة يزداد.

ومن المخاوف الجديدة المرتبطة بالتجمعات ارتفاع خطر فيروس شلل الأطفال بين النازحين في غزة. حيث أبلغ الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا العام عن اكتشاف بقايا فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة، وأعلنت وزارة الصحة في القطاع الأسبوع الماضي عن العثور على آثار للفيروس، الذي يسبب الشلل، في طفل عمره 10 أشهر.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن مئات الآلاف من الأطفال في غزة مهددون بالإصابة بشلل الأطفال. وعقد الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع اجتماعًا مع وكالات الإغاثة لبحث سبل التطعيم ضد الفيروس الذي تم القضاء عليه إلى حد كبير في معظم أنحاء العالم.

 مياه ملوثة ونقص الغذاء وتردي المرافق الصحية

تزداد المخاوف من تفشي المرض بسبب مياه الصرف الصحي غير المعالجة، ونقص المياه النظيفة والغذاء، وتهالك المرافق الطبية، ونقص إمدادات النظافة الشخصية. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأن أوامر الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة أثرت على العيادات المؤقتة والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي.

وأكدت الأمم المتحدة أن انخفاض المساحات، بالإضافة إلى الاكتظاظ، وتزايد انعدام الأمن، وسوء البنية التحتية، والنزاعات المستمرة، والخدمات المحدودة، يسهم بشكل كبير في تفاقم الوضع الإنساني.

ووفقًا لمسؤولين فلسطينيين، فإن أكثر من 40 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، لقوا حتفهم منذ بداية الغارات الجوية والعمليات البرية الإسرائيلية في غزة العام الماضي.

وتحولت الحملة العسكرية الإسرائيلية بشكل رئيسي من الشمال إلى الجنوب على مدار عشرة أشهر من الحرب، مما أجبر الفلسطينيين على الانتقال إلى منطقة المواصي في غرب القطاع.

 أوامر الإخلاء بين تقليص الأضرار الجانبية وخنق الناس

ركز الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة على مدينة رفح جنوب غزة، مع زعمه مواجهة هجمات من حماس انطلقت من ما يُسمى المنطقة الإنسانية. وأكد هذا الأسبوع أنه انتشل جثث 6 رهائن من نفق تحت خان يونس في منطقة صنفها سابقًا كإنسانية.

قال أمير أفيفي، نائب قائد فرقة سابق في الجيش الإسرائيلي في غزة، إن حماس تراجعت إلى “المناطق الآمنة” لإعادة بناء قدراتها العسكرية وإطلاق هجمات صاروخية.

وأضاف أفيفي: “استراتيجية حماس تعتمد على استخدام مواطنيها كدروع بشرية والاختباء في البنية التحتية المدنية”، مشيرًا إلى أن إسرائيل تهدف من خلال أوامر الإخلاء إلى “تقليص الأضرار الجانبية”.

من جهتها، أكدت حماس يوم الأربعاء أن إسرائيل “تخنق الفلسطينيين عمدًا” بإجبارهم على دخول المواصي.

 8 قنابل زنة 2000 رطل لقتل قيادي

ذكرت وول ستريت جورنال أن إسرائيل أسقطت في يوليو الماضي 8 قنابل زنتها 2000 رطل على هدف في الجانب الشرقي من المنطقة، في محاولة لقتل زعيم حماس العسكري وآخرين. وأفادت سلطات الصحة في غزة بمقتل أكثر من 90 شخصًا وإصابة المئات. إسرائيل قالت إن الضربة أدت لمقتل القائد العسكري محمد ضيف، لكن حماس نفت ذلك.

كما لقي نحو 289 عامل إغاثة حتفهم في غزة منذ السابع من أكتوبر، وفقًا للأمم المتحدة.

بعد الانتقال عدة مرات، يجازف بعض الفلسطينيين بالبقاء في أماكنهم، لعدم قدرتهم على إيجاد خيام أو مأوى آخر، ولعدم اقتناعهم بأن أي جزء من غزة أصبح آمناً.

قالت فاطمة خلف، أم لثلاثة أطفال، تبلغ من العمر 37 عاماً وتقيم في دير البلح بوسط غزة: “نعلم أنه قد يُطلب منا المغادرة قريباً، لكننا لا نعرف حقاً إلى أين سنذهب”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى