تصاعد الخلافات الإقليمية بشأن الحرب في السودان في اجتماع لندن

في تطور جديد يكشف عن تنامي التوترات بين بعض الدول العربية، أُثير جدل كبير بين مصر والسعودية من جهة، والإمارات من جهة أخرى حول كيفية التعامل مع الصراع المستمر في السودان.
شهدت لندن، الثلاثاء الماضي، اجتماعًا هامًا بين ممثلين من الدول الثلاث، إلا أن ذلك الاجتماع شهد خلافًا حادًا حول قضايا تتعلق بالوضع السياسي والحربي في السودان.
التباين في الآراء حول تسوية الحرب
أكدت العديد من المصادر أن الخلاف بين الأطراف المشارِكة في الاجتماع كان متعلقًا بشكل أساسي بمسار الحل السلمي في السودان.
كانت الأطراف السودانية المتصارعة، الجيش وقوات الدعم السريع، قد حصلت على دعم من دول الجوار، وهو ما يبرز أهمية الدور الإقليمي في تسوية الأزمة السودانية. لكن النقاشات التي دارت في المؤتمر لم تسفر عن توافق، مما زاد من تعقيد الوضع.
خيبة أمل إماراتية بعد الاجتماع
أوضحت الدبلوماسية الإماراتية لانا نسيبة، التي ترأست الوفد الإماراتي، أن بلادها شعرت بخيبة أمل شديدة من نتيجة المؤتمر.
أكدت نسيبة أن الخلافات بين بعض الدول العربية كانت السبب وراء عدم الوصول إلى توافق نهائي. وأشارت إلى أن هذا التباين في الرؤى يمثل عائقًا كبيرًا في سبيل إيجاد حلول فعالة للأزمة السودانية.
المشاركة الدولية في مؤتمر لندن
أشار المصدر ذاته إلى أن المؤتمر الذي استضافته بريطانيا بالتعاون مع ألمانيا وفرنسا، إلى جانب العديد من المنظمات الدولية مثل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، شهد حضور وزراء خارجية دول رفيعة المستوى.
من بين هذه الدول كانت كندا، تشاد، مصر، إثيوبيا، فرنسا، ألمانيا، السعودية، النرويج، قطر، جنوب السودان، سويسرا، تركيا،
أوغندا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية واللجنة الدولية للصليب الأحمر. ورغم الجهود المبذولة، إلا أن الاجتماع لم يحقق التوافق المرجو.
مواقف دولية مختلفة تجاه المستقبل السياسي للسودان
ركزت الإمارات في مواقفها على إدانة استخدام أي أطراف من القوات السودانية كشرعية لتسوية الأوضاع السياسية في البلاد.
وصرحت الدبلوماسية الإماراتية بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا يمكن أن تمثلا الشعب السوداني. أكدت الإمارات أنها لا تعتبر أيًا من الأطراف المسلحة قادرة على تحقيق الاستقرار السياسي في السودان.
التباين بين مصر والسعودية حول الحكم المدني
أوضح مصدران دبلوماسيان مصريان أن جزءًا من الخلاف جاء بسبب رغبة بعض الأطراف في فرض حكومة مدنية في السودان، بينما كان هناك تأكيد من دول أخرى بضرورة ترك مسألة الحكم للسودانيين أنفسهم، مع إمكانية اتخاذ قرارات بشأنها في وقت لاحق.
وأشار المصدران إلى أن هذا التباين في المواقف حول حكم السودان قد أدى إلى مزيد من التوترات بين الدول الحاضرة في المؤتمر.
الصراع حول لغة الخطاب وأسلوب التعامل مع الأزمة
أضاف المصدر ذاته أن الخلافات في المؤتمر كانت أيضًا حول اللغة المستخدمة في بيان الاجتماع. قدّمت مصر طلبًا باستخدام مصطلحات معينة، التي رفضتها بعض الدول الأخرى، بما في ذلك الإمارات، التي اعتبرت أن تلك اللغة تمنح الشرعية للنظام العسكري السوداني. في المقابل، دعمت السعودية الموقف المصري، مما ساهم في تصعيد الخلاف بين الدول المشاركة.
الصراع الإقليمي وتوزيع النفوذ
على الرغم من أن الدول الثلاث قد اتفقت في العديد من الملفات، إلا أن الحرب في السودان كشفت عن خلافات إقليمية تتعلق بالنفوذ والسيطرة.
فقد استمرت الإمارات في تقديم الدعم المالي والعسكري لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي”، في حين أن مصر والسعودية دعمتا الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان.
وقد أثار هذا التحالف الإقليمي المتباين مزيدًا من الجدل حول تأثيرات هذا الصراع في مجريات الحرب وأبعادها الإقليمية والدولية.
أبعاد الصراع وتأثيراته الإقليمية والدولية
أشار العديد من الخبراء إلى أن الحرب في السودان لا تعد صراعًا محليًا فقط، بل إن لها أبعادًا إقليمية ودولية كبيرة، تتجلى في الدعم العسكري والمالي المقدم من دول مختلفة.
إذ يشكل الصراع السوداني تحديًا خطيرًا للمنطقة بأسرها، في ظل الانقسامات الحادة بين الأطراف المعنية. كما أن تطور العلاقات الإقليمية حول هذه الأزمة من شأنه أن يغير كثيرًا من موازين القوى في منطقة القرن الإفريقي.
التداعيات المستقبلية على الاستقرار الإقليمي
أضاف أحد المحللين أنه في ظل هذه الخلافات الإقليمية حول كيفية إدارة الأزمة السودانية، من المرجح أن تزداد الأزمة تعقيدًا. فقد يؤثر التصعيد الحالي في السودان على استقرار المنطقة بالكامل.
ومن المؤكد أن استمرارية هذه الخلافات بين دول الجوار سيؤدي إلى صعوبة في الوصول إلى حل شامل يضمن استقرار السودان على المدى الطويل.
دعوات للمزيد من التنسيق الإقليمي والدولي
اختتم العديد من المراقبين بالقول إن الحلول المطلوبة في السودان يجب أن تستند إلى تنسيق وثيق بين الدول الفاعلة في المنطقة.
ولفت هؤلاء إلى أن التحديات الحالية تستدعي تفعيل الجهود المشتركة من أجل ضمان انتقال السودان إلى مرحلة من الاستقرار السياسي الذي يراعي مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك الشعب السوداني الذي يدفع ثمن هذه الحرب المستمرة.
أكدت التطورات الأخيرة في ملف السودان أهمية تعزيز التنسيق بين الدول العربية والإقليمية من أجل الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة.
ما زال الصراع السوداني يشكل تحديًا كبيرًا للاستقرار الإقليمي والدولي، ويستدعي تعاونًا مستمرًا ومؤثرًا من الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى تسوية دائمة تلبي تطلعات الشعب السوداني وتضمن استقرار المنطقة.