التعليم المصري في خطر: صرخة أولياء الأمور .. ألغيت المواد الأساسية فماذا بعد؟
تواجه المنظومة التعليمية في مصر أزمة حقيقية بعد سلسلة من التعديلات التي أُدخلت على المناهج الدراسية، مما أثار حالة من الاستياء بين أولياء الأمور والطلاب على حد سواء.
فقد تعرضت المناهج الجديدة لانتقادات حادة، خاصة بعد قرار إلغاء تدريس مواد مهمة مثل الجيولوجيا وعلم النفس والفلسفة والمنطق، بالإضافة إلى اللغة الأجنبية الثانية.
وموقع “أخبار الغد” يقدم آراء المواطنين والمختصين حول الوضع الحالي وكيفية تأثيره على مستقبل التعليم في البلاد.
وجهات نظر أولياء الأمور
تعبّر سعاد مصطفى، أم لثلاثة أطفال في المرحلة الثانوية، عن قلقها بشأن التعديلات الأخيرة: “كيف يُعقل أن تُلغى مواد أساسية مثل الجيولوجيا، التي تُساعد الأطفال على فهم عالمهم؟
نحن نعيش في بلد يعاني من التغيرات المناخية والبيئية، ومن الضروري أن يكون لديهم فهم جيد لهذه العلوم”.
أما أحمد رشاد، أب لطفل يدرس في الصف الأول الثانوي، فإنه يشتكي من تراجع جودة التعليم: “كنا نأمل في تحسين النظام التعليمي،
لكن طريقة إلغاء المواد تدل على عدم فهم حقيقي لاحتياجات الطلاب. ونحن بحاجة إلى منهج شامل يُعزز التفوق الأكاديمي”.
تعبر مريم على، معلمة لغة عربية، عن موقف مشابه: “الأجيال القادمة تحتاج إلى تنمية مهارات التفكير النقدي والتحليلي. إلغاء الفلسفة والمنطق يعني أننا نقتل الإبداع في عقولهم”.
آراء المختصين
في سياق الحديث عن تأثير هذه القرارات، يقول الدكتور نبيل السعيد، أستاذ علوم الأرض في إحدى الجامعات المصرية: “إلغاء تدريس الجيولوجيا في الثانوية العامة سيؤثر سلبًا على
وعي الطلاب بالشؤون البيئية. هذه المادة تعزز الفهم حتى للإجراءات الحكومية المتعلقة بالموارد الطبيعية”.
كما يتفق الدكتور عماد الجبالي، أستاذ علم النفس، على أهمية تدريس علم النفس في التعليم الثانوي: “فهم النفس البشرية هو أمر ضروري في عالم يتسارع فيه التغير.
ويتعين على الطلاب تعلم كيفية التعامل مع المشاعر والضغوط، ومن أين ستأتوا بفهمٍ شامل حول ذلك إذا لم يدرسوا هذا العلم؟”
بيان اتحاد الجيولوجيين العرب
في بيان رسمي، حذر اتحاد الجيولوجيين العرب من تداعيات إلغاء تدريس الجيولوجيا،
مؤكدًا أن هذا القرار “سوف يؤثر سلبًا على الوعي الجيولوجي لدى الشباب، مما سيؤدي إلى تفاقم المشاكل البيئية في المستقبل”.
وأشار البيان إلى أن هناك حاجة ملحة لتعليم الطلاب عن المخاطر البيئية والتغيرات المناخية، وأن الجيولوجيا تُعد أساسية لفهم هذه التحديات.
ردود فعلاً شعبيًا واسعًا
ومع تزايد الانتقادات، تواجه وزارة التعليم ضغوطًا كبيرة للتراجع عن هذه القرارات. تصدرت الهاشتجات منصات التواصل الاجتماعي، حيث احتشد الآلاف من أولياء الأمور والطلاب للنقاش حول مستقبل التعليم.
تقول فاطمة الزهراء، طالبة في الصف الثالث الثانوي: “لقد حلمت بأن أكون جيولوجية، هذا ما كنت أتطلع إليه، الآن أشعر أن طموحي ينهار”.
وتعبر تلك المشاعر عن أفكار واهتمام العديد من الطلاب، الذين يعتبرون أن المستقبل التعليمي لم يعد يمكن الاعتماد عليه.
مستقبل التعليم في مصر
تأتي هذه الأحداث في وقت حرج بالنسبة للمنظومة التعليمية في مصر. هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الأهداف التعليمية لضمان أن يحصل الطلاب على تعليم شامل يُعدهم لمواجهة التحديات المتزايدة.
“التعليم ليس فقط عن المواد الدراسية، بل هو عن تنمية الشخصيات وتأهيلهم ليكونوا قادة المستقبل”،
وتقول هديل عادل، ناشطة في مجال التعليم، “يجب أن نعود إلى المربعات الأولى، حيث كانت المواد تدرس بشغف واهتمام. نحتاج إلى ثورة تعليمية حقيقية”.
آلية تحقيق التغيير
مع تزايد الوعي بين أولياء الأمور والمختصين، يتوقع الكثيرون أن تستجيب الحكومة لهذه المطالب. ويجب على وزارة التعليم أن تُعيد النظر في مناهجها وتستمع إلى أصوات المجتمع.
تقول هالة رمضان، معلمة لغة فرنسية: “علينا إنشاء لجان محلية تضم أولياء الأمور والمختصين لمناقشة التعديلات المقترحة. التعليم هو مسؤولية مجتمعية وليس مسؤولية وزارة التعليم فقط”.
التعليم في مصر بحاجة ماسة إلى تطوير شامل
تُظهر الأحداث الحالية أن التعليم في مصر بحاجة ماسة إلى تطوير شامل يتوافق مع احتياجات العصر. إن إلغاء المواد الدراسية المهمة لن يُؤدي إلا إلى تقليص آفاق الطلاب وتخفيض مستوى التعليم.
تظل محاولات تحسين المناهج قائمة؛ ولكن من الضروري أن يتم ذلك بالشراكة مع جميع الأطراف، وليس من خلال قرارات قُبضت في القاعات بعيدًا عن صوت المجتمع. إن مستقبل أبنائنا هو مستقبل البلاد، وعلينا جميعًا أن نُحافظ على هذا المستقبل.