14 عامًا من الغياب الثقافي: لماذا لا تعكس الفنون قضايا المواطن المصري؟
تُعد الثقافة والفن من الركائز الأساسية التي تعكس الهوية المصرية وتجارُب الحياة اليومية للمواطنين.
وبالرغم من مرور 14 عامًا من الغياب الثقافي عقب ثورة 25 يناير 2011، وتولي 10 وزراء مختلفين، ولا تزال هناك أصوات تتعالى بشأن شعور الجماهير بعدم وجود ثقافة حقيقية تُعبر عن قضاياهم ومشكلاتهم اليومية.
وفي هذا السياق، يستعرض موقع “أخبار الغد” آراء المواطنين والمختصين حول تأثير الأعمال الفنية في الحياة اليومية للمصريين
الفن كمرآة للمجتمع
تقول سارة علي، فنانة شابة: “الفن هو وسيلة للتعبير عن مشاعر الناس وأحلامهم. لكن العديد من الأعمال الفنية اليوم لا تعكس الواقع، بل تبتعد عن قضايا المجتمع”.
وتضيف سارة: “هناك شريحة كبيرة من الفنانين الذين يحاولون إيصال مشاكل المواطن، إلا أن الدعم الذي يحصلون عليه ضعيف”.
في نفس السياق، تشير فاطمة جاد، ربة منزل، إلى أن الأعمال الفنية التي تُعرض غالبًا ما تكون بعيدة عن هموم الناس: “ما أراه في التلفزيون أو السينما لا يعكس قضايا حياتنا اليومية. أنا أحتاج إلى محتوى يُظهر الواقع بشكل صادق”.
قضايا المواطنين اليومية في الأعمال الفنية
تُظهر العديد من الأعمال الفنية قضايا المواطنين اليومية، مثل الفقر، البطالة، والمشاكل الاجتماعية.
ويتحدث الدكتور كريم نبيل، أستاذ النقد الفني، قائلًا: “الفن يجب أن يكون أداة لمواجهة قضايا المجتمع. الفنانون مسؤولون عن عكس الوضع الحقيقي للناس، وليس العيش في فقاعة منفصلة عن الواقع”.
كما يُشير إلى أهمية تناول القضايا المهمة مثل حقوق المرأة والعنف الأسري، قائلًا: “هذه قضايا تمثل جزءًا كبيرًا من الحياة اليومية، ويجب أن تكون حاضرة في الأعمال الفنية”.
التأثيرات السلبية على الثقافة والفن
تستعرض المعوقات التي تواجه الفنانين بسبب تدني الدعم والتمويل. يقول عماد طه، مخرج سينمائي: “هناك نقص واضح في الدعم الحكومي للأعمال الثقافية الهادفة.
وغالبًا ما تفضل الجهات المعنية دعم الأعمال التجارية التي تروج لمحتوى سطحي، على حساب الرسائل العميقة التي تعبر عن المجتمع”.
وتضيف سارة محمود، كاتبة،: “احتياجنا إلى ثقافة موجهة هو أمر ضروري، فبدون الاهتمام بقضايا المجتمع، يصبح الفن مجرد هواية، وليس وسيلة للتغيير”.
آراء المثقفين والفنانين
تتزايد الدعوات من المفكرين والمثقفين لإعادة تقييم السياسة الثقافية في مصر. يقول الدكتور عادل زكريا، مثقف وأكاديمي: “أعتقد أن وزارة الثقافة تحتاج إلى إعادة النظر في أولوياتها وفتح حوار حقيقي مع الفنانين والمجتمع حول كيفية تطوير الثقافة”.
أما الفنانة المعتزلة، نجلاء رستم، فتقول: “الفن يجب أن يعود إلى الجمهور. الشارع هو مصدر الأفكار، ويجب أن نستمع لصوته”.
دور وزارة الثقافة في دعم الفنون
على الرغم من وجود وزارة الثقافة منذ سنوات، لا يزال هناك شعور عام بعدم الوجود الفعلي للثقافة.
ويقول مهندس علي أبو بكر: “لقد مر على الوزارة 14 عامًا، لكننا لم نشعر بتحسن حقيقي. من المفترض أن تعمل الوزارة على تعزيز الثقافة عوام، لكن يبدو أن الأمر مقتصر على مجموعة صغيرة من الفنانين”.
وتؤكد هذه المشاعر الحاجة الملحة إلى سياسات جديدة تعزز دور الثقافة والفن في المجتمع، ويجب على الوزارة العمل على تقديم فرص للفنانين الجدد ودعم مشاريعهم.
الحاجة إلى محتوى يلبي احتياجات المجتمع
مع تزايد المشكلات اليومية، تبحث الجماهير عن محتوى فني ينتقد واقعهم ويسلط الضوء على تجاربهم الحياتية.
وتقول ليلى سمير، طالبة جامعية: “نريد أعمالًا فنية تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية وليس فقط تلك التي تُسهم في الترفيه”.
تضيف: “الفن يجب أن يُشجع على الحوار ويعكس قضايا الشباب، مثل البطالة والضغوط الاجتماعية. نحتاج إلى أعمال تعبر عن أحلامنا وطموحاتنا”.
الأمل والتغيير
مع كل هذه الانتقادات، يبقى الأمل في تغيير المسار قائمًا. يقول عمر عز الدين، مدير إحدى دور الثقافة: “نحتاج إلى استراتيجيات جديدة تستهدف دعم الفنون الحقيقية وتعزيز الثقافة.
وهناك الكثير من المواهب الغير مستغلة، وهذا يتطلب من الحكومة إعادة التفكير في سياستها”.
ويزيد: “إذا استطعنا تحقيق شراكة فعالة بين الدولة والفنانين، فسوف نتمكن من إحداث تغيير حقيقي في المشهد الثقافي”.
أين الثقافة الحقيقية في الفن المصري ؟
تظل التحديات أمام الفن والثقافة المصرية قائمة، ولكنها ليست مستحيلة. يجب الاستماع إلى أصوات المواطنين والمثقفين على حد سواء، وتوجيه السياسات الثقافية نحو قضايا المجتمع اليومية.
وإن الفن هو مرآتنا، وعلينا أن نحافظ على هذه المرآة سليمة، تعكس آمالنا وآلامنا وصراعاتنا. فكل عمل فني هو بمثابة رسالة،
ويجب علينا الحرص على أن تصل هذه الرسائل إلى حيث يجب أن تكون، لتحقيق التغيير المأمول في المجتمع المصري.