غضب شعبي في العسيرات: السرقة تكشف انتصار الإهمال الثقافي
في تصعيدٍ لافتٍ للأحداث، اجتاحت حالة من الغضب والاستياء بين الجماهير والمختصين بالثقافة في مصر، وخاصة في منطقة سوهاج،
عقب واقعة السرقة التي تعرض لها بيت ثقافة العسيرات، حيث تم نهب مجموعة من كتب التراث والمراوح الكهربائية دون أي استجابة من الجهات الرسمية.
وقد أثارت الواقعة تساؤلات حول مستقبل الثقافة في المنطقة والممارسات الإدارية التي تسود المؤسسة الثقافية في عموم البلاد.
رفضٌ جماهيري:
استنكر العديد من أهالي العسيرات والمثقفين في سوهاج هذا الإهمال، متسائلين عن دور الهيئة العامة لقصور الثقافة في حماية المواقع الثقافية.
حيث تُعَدّ هذه الحادثة مثالاً صارخًا على تجاهل الصعوبات التي تواجه الثقافة في المناطق النائية.
كما أبدى مجموعة من المواطنين والمختصين آراءهم حول هذا الأمر، مُعربين عن خيبة أملهم من عدم تنفيذ المحاضر اللازمة بعد الحادثة.
عبّر محسن شحاتة (28 عامًا)، موظف حكومي، قائلاً: “كيف يُعقل أن يُسرق هذا الكم من التراث، ولا نرى تحركاً من الجهات المعنية؟! هذا يُظهر أنه لا قيمة للثقافة في عقول المسؤولين.”
أضافت فاطمة زكريا (45 عامًا)، معلمة لغة عربية قائلة: “بيت ثقافة العسيرات يُمثل نقطة تجمع ثقافية مهمة. عدم تحرك الجهات المسؤولة يُشير إلى أن الثقافة في سوهاج تواجه مصيرًا مظلمًا.”
بيت ثقافة العسيرات: تاريخ وعوامل التدهور:
بيت ثقافة العسيرات، الذي يُعَدّ أحد المواقع الثقافية التابعة لإقليم وسط الصعيد الثقافي، يمتلك تاريخًا عريقًا كمنارة ثقافية في المنطقة.
ولكن الحقيقة المرة هي أن عدد العاملين به يقتصر على أربعة موظفين فقط، مما يعكس قلة الموارد وضعف الدعم المؤسساتي.
وقد نشر بالأمس موقع “أخبار الغد” تقريراً أشار إلى أن بيت الثقافة في العسيرات يعاني من إهمال شديد في الخدمات وكذلك نقص حاد في الزوّار، ويواجه خطر الاندثار، لا سيما مع غياب الأنشطة الثقافية المتنوعة التي تجذب الجمهور.
أراء المختصين والمثقفين:
زادت حالة الإحباط بين المثقفين في المدينة، حيث قال الدكتور جمال عبد الله “أكاديمي في العلوم الإنسانية”: “إذا لم نُحافظ على آثارنا وتراثنا، فلن نتذكر من نحن. هناك ضرورة ملحة لتشكيل لجان مستقلة تتولى مسؤولية حصر المسروقات وتطوير الجوانب الثقافية في العسيرات.”
بينما سلمى الزهيري “ناشطة ثقافية” أعربت عن قلقها قائلة: “ما يحدث في بيت ثقافة العسيرات هو نتيجة للإهمال المتراكم لنحو سنوات. نحن نحتاج إلى استراتيجية واضحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.”
غياب الجهود الرسمية:
حيث يتسائل الكثيرون: أين الهيئة العامة لقصور الثقافة؟ وأين التقارير التي تحدد الخطوات المستقبلية لحماية الثقافة؟
حتى الآن، لم يُظهر إقليم وسط الصعيد الثقافي أي تحرك يُذكر، كما لم يتم تشكيل لجنة لجرد المسروقات وتحديد بدء إعادة الهيكلة اللازمة في بيت الثقافة.
إن الحادثة تؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة للدفاع عن الهوية الثقافية، حيث عبّر هشام رفعت ” ناشط متخصص في الثقافة”: “بدون وجود حماية حقيقية للمواقع الثقافية، سنجد أنفسنا في عزلة ثقافية حقيقية. الأمور لم تعد تحتمل المزيد من التراخي.”
بيت ثقافة العسيرات: صرخة إنقاذ التراث تحت وطأة الإهمال
هل سيستفيق المسؤولون لإيجاد حلول تتناسب مع أهمية الثقافة والمواقع التراثية؟ أم ستظل الثقافة في سوهاج رهينة الإهمال وعدم الاكتراث؟
إن الأيام القادمة ستحمل الإجابة، ولكن المؤكد أن الجماهير والمختصين لن يتوقفوا عن المطالبة بحقوقهم الثقافية، مؤكدين أن الثقافة ليست مجرد تفاصيل، بل هي روح الأمة وهويتها.