المرأة والمجتمع

صراخ الصمت: النساء في جحيم العنف والتحرش في المجتمع

تُعاني النساء في المجتمع المصري من ظروف قاسية تمثل العنف والتحرش بجميع أشكالهما، مما يفتح ملفًا يتطلب معالجة جدية من جميع الأطراف المعنية.

وبين روايات مؤلمة، وصراخات خفية من الضحية، تتجلى مظاهر العنف، وتظهر حاجة المجتمع لمواجهة هذا الخطر الداهم.

ويستعرض موقع “أخبار الغد” قصص مجموعة من النساء، إلى جانب آراء المختصين والمهتمين بالشأن لتحليل الوضع الراهن.

كل يوم يُطاردنا الخوف

تجسد سارة حسين، 28 عامًا، المعاناة اليومية للنساء في الشارع المصري. تقول: “في كل مرة أخرج فيها، أكون على حذر.

لا أعرف من يمكن أن يعتدي علي، لكن الواقعة قد تحدث في أي لحظة”. وتروي سارة تجربتها مع التحرش في إحدى المرات، حيث واجهت تعليقات غير لائقة من مجموعة شباب كانوا يتجمعون في الشارع. “شعرت بالخوف والضعف، وكانت رغبتي في رد الفعل محبطة، لأنني كنت وحدي”.

وعانت أميرة كمال، 22 عامًا، من تجربة مشابهة أثناء عودتها إلى المنزل بعد ساعات الدراسة. تقول: “كنت أقوم بعبور الشارع عندما شعرت بشخص يلمسني من خلفي. حتى الآن لا أستطيع نسيان تلك اللحظة. شعرت وكأنني ضعت، وانتابني شعور بالخجل والخوف”.

أصداء الصدمة

تسير الأمور بشكل مشابه للسيدة ليلى عبد الرحمن، 35 عامًا، التي تعيش في حي شعبي. وتكمل: “الجرائم تحدث حتى في الأحياء الراقية.

وأرى كيف تحاصر النساء بينما تكون المكان عام. يقول الناس إنني إذا ارتديت ملابس معينة، فأنا أدعوهم للتحرش. لكن ماذا عن حق النساء في اختيار ملابسهن؟”

ويُبرز العنف الأسري أيضًا ضرورة النظر بجدية إلى القضايا التي تُضطر النساء للتعامل معها في منازلهن. تقول سعاد أحمد، 40 عامًا، وهي أم لأربعة أبناء: “زوجي يعتقد أنه يحق له أن يسيطر على حياتي. الصراعات اليومية والتحكم المستمر جعلتني أشعر كأنني في سجن”.

وتضيف: “العنف لا يقتصر على الاعتداءات الجسدية، بل يشمل العنف النفسي الذي لا يراه الناس بعين الاعتبار”.

آراء المختصين

وبينما تسرد النساء قصصهن، يدخل المختصون على الخط لتسليط الضوء على هذه القضية. تقول الدكتورة ناهد الشريف، أخصائية علم النفس: “العنف ضد النساء ليست مشكلة فردية، بل هي مشكلة مجتمعية تتطلب تغيير الثقافة السائدة حول حقوق المرأة”.

وتضيف: “يجب أن تُعلّم الفتيات الصغيرات أن لهن الحق في الدفاع عن أنفسهن، وأن يُسمح لهن بالحديث عن تجاربهن دون خوف من الوصم”.

الحملات والمبادرات

تعمل عدة منظمات غير حكومية على رفع الوعي حول قضايا العنف ضد المرأة في مصر. تقول رانيا يوسف، ناشطة اجتماعية: “نقوم بتنفيذ حملات توعية تهدف إلى دعوة النساء للإبلاغ عن حالات العنف والتحرش”.

وتكمل: “نحن بحاجة إلى تغيير العقليات والمواقف، فمن الضروري تكثيف التوعية بحقوق المرأة”.

وتشير إلى ضرورة توافر دورات تدريبية خاصة للشرطة لتعليمهم كيفية التعامل مع قضايا العنف ضد النساء بشكل حساس.

“المسؤولون يجب أن يكونوا مدربين جيدًا لضمان عدم التعامل بعنف مع الضحايا، بل يجب مساعدتهم في البحث عن المساعدة”.

دور الحكومة والقانون

تؤكد قضايا التحرش والعنف ضرورة إعادة النظر في القوانين الحالية المتعلقة بحماية المرأة.

يقول المحامي محمد عياد: “ليس لدينا ما يكفي من التشريعات التي تحمي المرأة. حتى إذا كانت هناك قوانين، فإن تطبيقها ضعيف”. ويدعو إلى وجود قوانين أكثر صرامة لمكافحة العنف، موضحًا أن العقوبات يجب أن تكون رادعة.

كيفية معالجة القضية

تستمر المشاورات، ويجب أن يكون لدى الحكومة ورجال السياسة رؤية واضحة لمواجهة هذه الحوادث.

ويقول حازم نبيل، باحث في قضايا حقوق الإنسان: “يجب على الحكومة أن تخلق بيئة آمنة للنساء. من خلال توفير الخدمات النفسية والطبية، يمكننا أن نبدأ في معالجة هذه المآسي”.

وعندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية للنساء، يُعتبر توفير الدعم النفسي جزءًا أساسيًا من خطوات التغيير.

وتشير الدكتورة مآخذة إبراهيم، أخصائية نفسية، إلى أهمية الدعم النفسي قائلة: “النساء المحتاجات للدعم يجب أن يشعرن بالأمان للتحدث عن صدماتهن، وهذا يحتاج إلى مزيد من التثقيف والوعي”.

نجاح ومفهوم الدعم

تتحدث الفتيات حول أهمية الدعم النسائي. تقول مريم عادل، 25 عامًا: “لقد شكلت مجموعات الدعم الفارق.

وعندما نتحدث مع بعضنا، نجد أن تجاربنا متشابهة، وهذا يعطي شعورًا بالأمان”. وتشير إلى أن التعزيز المتبادل بين النساء يمكن أن يساعد في تقوية أصواتهن.

نحو مستقبل أفضل

بينما ينادي الكثيرون بضرورة معالجة قضايا العنف ضد المرأة، تتجلى الاحتمالات المشرقة التي قد يشهدها المجتمع في المستقبل.

ويجب على الجميع أن يقفوا معًا من خلال التوعية، وتقديم الدعم، وتحسين القوانين لحماية النساء وتقديم العدالة لهن.

يمكن أن يكون هذا بمثابة بداية لثقافة جديدة تُعلي من شأن حقوق المرأة وكرامتها. ومع الاقتناع بأن هذا الزخم سيؤدي إلى تغييرات حقيقية،

تأمل النساء في المجتمع المصري في تلقي الدعم والاعتراف بهن في جميع جوانب الحياة. وإنهن في انتظار جيل جديد يعزز مناحي السلام والاحترام للمرأة، الأولى بالتقدير في المجتمع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى