القلعة المهدمة: النصر للتعدين تسرح 6000 عامل في أزمة خانقة
تعاني شركة “النصر للتعدين”، التي كانت يومًا ما بمثابة قلعة صناعية رائدة في مصر، من أزمة حادة أدت إلى تسريح 6000 عامل، ما ترك أثرًا عميقًا على حياة هؤلاء العمال وأسرهم.
وعُرفت الشركة بجاذبيتها للكفاءات وتوفير فرص العمل، إلا أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي أثرت في السوق، أدت إلى تدهور عام وضغوطات متزايدة على المصنع.
تاريخ الشركة: عراقة سابقة
تأسست شركة “النصر للتعدين” وفقاً للقرار الجمهوري رقم 914 فى 23/5/1960 تحت أسم”شركة النصر للفوسفات” وذلك للعمل فى استخراج وطحن وبيع الخامات التعدينية لمدة خمسون عاماً،
وقد كانت تلعب دورًا محوريًا في تلبية احتياجات السوق المحلي والدولي من خلال استخراج المعادن الثمينة وتنمية الاقتصاد الوطني.
لقد شكلت الشركة عصبًا من أعصاب الصناعة المصرية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تقلبات غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر على استدامتها.
ويقول علي الشربيني، أحد العمال المفصولين والعامل في الشركة لعدة سنوات: “كنت أفتخر بعملي في هذه الشركة. كنا نعمل بجد، وكان لدينا طموحات كبيرة. لكن الآن نجد أنفسنا في الشارع دون أي أمل في الغد”.
واقع مؤلم: تسريح وقلق
أثر تسريح 6000 عامل بشكل كبير على المجتمع المحيط بالشركة. عائلات عديدة فقدت مصدر دخلها وتواجه صعوبات كبيرة في تأمين احتياجاتها الأساسية.
ومشاعر الإحباط والاستياء تطغى على الأجواء، حيث يقول حامد محمد، عاملٌ سابق في الشركة: “اتركونا نشتغل، نحن نريد فقط فرصة للعمل. ونحن نطلب من الحكومة والشركة أن يضعوا في اعتبارهم أن لدينا عائلات تعتمد علينا”.
تختلف آراء العمال حول أسباب التدهور. بعضهم أشار إلى سوء الإدارة، بينما آخرون يعتقدون أن الضغوطات الاقتصادية هي السبب الرئيسي.
وأضاف زياد هاني، عامل سابق: “الشركة كانت قوية، لكن الوضع حاليًا يُظهر لنا أن هناك شيئًا خاطئًا. نريد أن نفهم لماذا وصلنا إلى هذا الحد”.
أصوات ترفض الاستسلام
إلى جانب الشكاوى، يحاول بعض العمال تنظيم مظاهرات واحتجاجات للمطالبة بحقوقهم واسترجاع وظائفهم.
وقد تصاعدت الأصوات المطالبة بضرورة إعادة النظر في القرارات التي اتُخذت، أو حتى البحث عن حلول بديلة يمكن أن تُساعد في إعادة الحياة للمصنع.
تقول فاطمة الحسيني، ناشطة حقوقية: “من الضروري أن نتضامن مع هؤلاء العمال. يجب أن نرفع أصواتنا ضد الظلم الذي تعرضوا له. العمل حق أساسي، ويجب على الحكومة أن تحمي هؤلاء الذين يساهمون في بناء هذا البلد بكل جهدهم”.
مستقبل مجهول
يُعتبر تسريح 6000 عامل في “النصر للتعدين” حادثةً تثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الصناعة المصرية، ويُلقي الضوء على التحديات الاقتصادية التي تحتاج إلى استجابة سريعة وفعالة.
يبقى الأمل معلقًا على إمكانية إيجاد حلول لهذه الأزمة، وعلى قدرة العمال على العودة إلى مصانعهم في أقرب وقت ممكن.
إن مصير هؤلاء العمال وأسَرهم يعتمد على مدى استجابة أصحاب القرار في تعزيز القطاع الصناعي وحمايته من تأثير الأزمات.
فهل ستتدخل الجهات المختصة لإنقاذ “النصر للتعدين” وتعيد الحياة إلى أحد أبرز أعمدة الصناعة المصرية؟ هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الجميع وسط الأجواء القاتمة الحالية.