ثقافة وفنون

الفساد ينخر في قلب الثقافة: صرخات العاملين في هيئة قصور الثقافة تكشف عن واقع مرير

في عمق إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، يتعاظم الحديث عن الفساد المستشري في الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي يُفترض أن تكون صرحًا ثقافيًا يعزز من القيم الثقافية والفنية للمجتمع.

لكن الأمور قد تبدو مختلفة تمامًا، فالعاملون في الهيئة يعانون من فساد تعود أسبابه للقيادات، وفي القلب منها رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، أحمد السيد أحمد درويش.

ويستعرض موقع “أخبار الغد” آراء الموظفين والمختصين عن الفساد الذي يفتك بالهيئة، مع تسليط الضوء على معاناتهم والمخاطر التي تواجههم جراء تقديم الشكاوى.

صرخة الموظفين

تجمع مجموعة من الموظفين في الكواليس، يتحدثون عن مشاعر الإحباط والغضب بسبب الفساد المتفشي.

ويقول “ع. م.”، موظف في إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي: “نحن هنا لنؤدي عملنا ونساهم في تطوير الثقافة، لكن الوضع الحالي ينعكس سلبًا علينا جميعًا، حيث يتم تفضيل العلاقات الشخصية على الكفاءة”.

وتدعم زميلته، “س. ع.”، حديثه: “لقد قدمنا العديد من الشكاوى المتضمنة أدلة واضحة على الفساد، ولكن لا حياة لمن تنادي. الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ”. هذا الوضع جعل الموظفين يشعرون باليأس.

محاولة للإصلاح وعود فارغة

تعود الأحداث إلى ما حدث عند تقديم الشكاوى للدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة. وأوضح الموظفون بأن الوزير أبدى حماسة كبيرة في البداية على معالجة الفساد.

ولكن، بعد فترة وجيزة، بدأ الوزير يتراجع عن موقفه ويدعوهم للحضور إلى مكتبه. ويقول “ح. ر.”، موظف في إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي: “كان لدينا أمل في أن يتم اتخاذ خطوات فعلية، لكننا صدمنا عندما طلب منا القدوم لتقديم الشكاوى بشكل شخصي، مما يعرضنا لخطر الانتقام من قبل القيادات”.

هذا التراجع دفع الموظفين للقلق من العواقب التي قد تلحق بهم. وتتابع رباب أحمد، إحدى الموظفات: “إننا نعمل في بيئة تشوبها المخاطر، ولا نضمن سلامتنا إذا اكتشفوا هويتنا”.

المستندات القانونية مقابل الواقع الأليم

تتعلق العديد من الشكاوى بمستندات قانونية واضحة تثبت المخالفات المالية والإدارية. ويقول أحمد عبد العال، خبير ثقافي: “الخطورة تكمن في أن تلك المخالفات ليست بسيطة، بل تتعلق بأموال عامة واستغلال للموارد المفترض أن تُسخر لخدمة الثقافة”.

تجدر الإشارة إلى أن الموظفين قادوا جهودًا لجمع المستندات وإعداد ملفات للتقديم، ولكنهم وجدوا أنفسهم في معركة خاسرة ضد الفساد المدعوم من القيادات.

وتتساءل “ه. م.”، موظفة أخرى: “كيف يمكن لمؤسسة ثقافية أن تتفشى فيها مظاهر الفساد بهذا الشكل البشع؟”.

المخاطر التي تهدد الموظفين

تستمر المخاوف من انتقام القيادات المخالفة تسيطر على أذهان الموظفين. ويوضح موظف آخر، محمود زكريا: “لم يعد الأمر يتعلق بمجرد الشكاوى، بل بات الأمر يتعلق بحياتنا المهنية. إذا قررت القيادة الانتقام، فقد نفقد وظائفنا، وهذا ما يخيفنا أكثر”.

يتيح المناخ المعادي الذي تعيشه الهيئة تقويضي أساس العدالة داخل المؤسسة، ويجعل الكثير من الموظفين يقفون في خشية من التعبير عن آرائهم.

آراء المختصين والخبراء

ينبغي أن نفهم ديناميكيات الفساد داخل الهيئات العامة بشكل أعمق من خلال وجهات نظر المختصين والخبراء.

ويقول الدكتور طارق الجبالي، أستاذ علم الاجتماع: “إن الفساد لا يُعطل فقط الأداء الإداري والثقافي، بل يؤدي أيضًا إلى فقدان الثقة في هذه المؤسسات، مما يزيد من الفجوة بين المجتمع وهيئاته الثقافية”.

ويشير الجبالي إلى أهمية تبني مقاربة جديدة لمكافحة الفساد، مشددًا على ضرورة أن تكون هناك رقابة فعّالة من المجتمع المدني، بالإضافة إلى تحفيز الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات، دون خوف من الانتقام.

مطالبات الموظفين والإصلاحات اللازمة

يتفق الموظفون على ضرورة أن تكون هناك مطالبات حقيقية لضمان فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة.

وتؤكد “س. ع.”، موظفة في إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي: “نحتاج إلى حكومة جادة في مكافحة الفساد، ويجب أن تُفتح أبواب مكتب الوزير حقيقةً لنتحدث بحرية”.

هناك أيضًا دعوات لتفعيل دور الهيئات الرقابية الحكومية، مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، لمراجعة الأداء المالي والإداري للهيئة، وتقديم تقارير مستقلة حول وضعها.

آهات الموظفين تكشف الفساد وصرخات تطالب بالعدالة

تسود حالة من الاستياء بين العاملين في الهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث تتعالى أصوات الموظفين معلنة رفضهم للفساد المتفشي داخل هيئاتهم،

وخصوصًا الفساد المرتبط برئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، أحمد السيد أحمد درويش، ونائبه محمد حسني حمادي. ومن خلال تحقيقات أولية، تبين أن قضايا عدة تتمحور حول اختلاس الأموال وإهدار الموارد.

وأكدت مصادر مطلعة بداخل الهيئة إلى أن نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، المفوض بأعمال رئيس الهيئة، أحال تسع شكاوى مقدمة من العاملين إلى عبدالحليم سعيد، مدير عام التفتيش.

ولكن المثير هنا هو أن سعيد هو أيضًا أحد المشكو في حقهم، حيث تُظهر الشكاوى أنه متورط في مخالفات مالية وإدارية جسيمة. فكيف يُمكن لمن يُفترض به أن يدين المخالفين أن يكون هو جزءًا من المشكلة؟

ويقول “أ. ف.”، موظف في إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، “كيف ننتظر من شخص متورط في الفساد أن يقوم بمسؤولياته كمدير تفتيش؟ إذًا ما الغرض من تقديم الشكاوى إذا كانت ترتد إلى نفس الفاسدين؟

نحن بحاجة إلى جهة مستقلة للتحقيق في الأمر”. ويدعوه زملاؤه للتوجه نحو المسؤولين والجهات الرقابية لحماية حقوقهم وضمان العدالة في المحاسبة.

ويستمر الفساد في التأثير على الأداء الوظيفي للعاملين. وتقول “ف. ا.”، موظفة في فرع الثقافة الغربية: “من المخجل أن يكون لدينا أشخاص في مناصب قيادية يستغلون سلطاتهم لفرض الفساد. يجب أن تكون هناك آلية فعالة لمحاسبتهم”.

حيث توثق الشكاوى ذاتها عن الفساد شخصيات رئيسية في المشهد، إذ يمثل أحمد السيد أحمد درويش، رئيس الإدارة المركزية لإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، حلقة رئيسية في سلسلة الفساد، حيث يُعتبر مدعومًا من مدير إدارة الموارد البشرية، محمد حسني حمادي.

بينما يتخصص حسان حسن حفناوي في إخفاء المخالفات، الأمر الذي يضيف مزيدًا من التعقيد على القضية.

وفي سياق آخر، تُظهر أولى وقائع الغضب تجاه هؤلاء القيادات أن لجنة اختيار القيادات في الهيئة قامت بتجديد فترة أحمد السيد لرئاسة الهيئة. ويقول حسام محمد، ناشط عمالي، “هذا الأمر يثير الدهشة. كيف نقوم بتجديد فترات هؤلاء الذين ارتكبوا مجازر في حق الهيئة والعاملين بها؟”

ترى الناشطة الحقوقية رندا فريد أن الفساد الإداري في الهيئة بات عائقا أمام تحقيق الأهداف الثقافية. تقول: “لقد خسرنا الكثير من الفعاليات والمبادرات الثقافية لأن هؤلاء الفاسدين لا يهتمون بتطوير العمل. كل ما يهمهم هو مصالحهم الشخصية”.

وتوجه العاملون في الهيئة رسالة واضحة إلى المسؤولين والجهات الرقابية، مؤكدين على ضرورة اتخاذ خطوات جدية للتحقيق في الشكاوى المقدمة بعيدًا عن الإدارة العامة للتفتيش،

والابتعاد عن الدوائر المغلقة التي تسترت على الفساد. يقول وليد سعيد، موظف: “من الضروري استئصال الفساد من جذوره، وإعادة بناء الثقة مع الجمهور”.

موظفو الثقافة في غرب ووسط الدلتا ينددون بفساد الإدارة

في خضم الأزمات الإدارية التي تعصف بهيئة قصور الثقافة في إقليم غرب ووسط الدلتا، يتصاعد صوت الاعتراض من الموظفين على الفساد الذي يتغلغل في هياكل العمل.

حيث يُتهم أحمد السيد درويش، رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، بأنه استغل علاقاته الشخصية لتعطيل لجنة هيكلة العاملين، مما أدى إلى بقاء الإدارات الفاسدة، وخاصة إدارة الموارد البشرية، التي تحولت إلى بؤرة للمشاكل.

وتعبّر مجموعة من الموظفين عن إحباطهم، حيث تقول “س. أ.”، إحدى موظفات إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي: “لقد تقدمنا بشكوى سابقة لوزيرة الثقافة حول العديد من قضايا الفساد وسرقة المال العام.

وتم تشكيل لجنة لفحص الشكوى، ولكن للأسف، لم تقم اللجنة بعملها كما ينبغي. هذه الأمور تحتاج إلى تحقيق جدي، وليس مجرد كلمات ترضي الفضول”.

ويضيف “ح. م.”، موظف آخر: “الأمور أصبحت غير محتملة. الفساد في بيئة العمل وحده يُفقدنا الثقة في المؤسسات التي يفترض بها دعم الثقافة. نحن بحاجة إلى تطبيق القانون وإحالة هذه المخالفات إلى جهات تحقق محايدة”.

وفي هذا السياق، يعبر الموظفون عن مطالبتهم بتشكيل لجنة جديدة لفحص الشكاوى، بعيدًا عن حسان حسن، مدير عام القضايا، حيث يتهمه العاملون بأنه أحد الأذرع البارزة للفساد الذي يتسرب ببطء في الهيئة.

ويرى الموظفون أن الضمان الحقيقي لنزاهة التحقيقات يأتي من الابتعاد عن العناصر المتورطة في هذه المخالفات،

مؤكدين على ضرورة محاسبة كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام، كجزء من جهودهم لاستعادة الهيبة والثقة في الهيئة العامة لقصور الثقافة.

تأخير لجنة أحمد درويش: الفساد يعطل الخدمة المدنية في وسط وغرب الدلتا

وتحدثت “ز. ي.” موظفة بإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي عن حادثة تكشف عمق الفساد الإداري، حيث تأخرت لجنة أحمد درويش لمدة عدة أشهر عن ميعادها الرسمي، مما يعد انتهاكًا واضحًا لقانون الخدمة المدنية رقم 81.

وتم تأجيل الاجتماع حتى الانتهاء من إجراءات المحكمة التأديبية، رغم أن انتهاء مدة رئاسته لإقليم وسط وغرب الدلتا كان يجب أن يحدث بمجرد انتهاء العام، حيث كان من المفترض أن يتم تحويله إلى وظيفة استشاري إدارة مركزية.

وتكشف المصادر أن أحمد درويش قد استخدم علاقاته القوية بـ”بكار” وعمرو البسيوني، الذي يُنظر إليه كابن النعم، لتأجيل اللجان وضمان عدم إثارة غضبه.

وهذا الصمت يُبقي العديد من المخالفات تحت الظل، بما في ذلك قضايا تخص صيانة قصر ثقافة طنطا، التي يتم تنفيذها بالأمر المباشر عبر عمرو البسيوني لصالح شركة صديق له.

وتتزايد تساؤلات الموظفين حول مدى تأثير درويش على قرارات التعيينات أيضًا، حيث تم تعيين أحد المقربين من البسيوني، الذي كان ينسق حملة أبو إسماعيل الإخوانية، كمدير إداري بينما كان هشام عطوة خارج البلاد.

ويشعر الموظفون بقلق متزايد من تحويل الخدمة المدنية إلى “سبوبة” تذر الأموال على المقربين لشخصيات الفساد.

هذا الوضع يدق ناقوس الخطر حول الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، مما يتطلب محاسبة جادة من الجهات المعنية لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، ووقف إهدار المال العام تحت غطاء الحماية السياسية.

الموظفون يرفعون صوت الاحتجاج ضد الفساد الإداري

تحدثت “سارة”س. أ.”، موظفة في الهيئة، عن تجاربها المُحبطة قائلةً: “لقد تقدمنا بشكوى إلى وزيرة الثقافة حول الفساد وسرقة المال العام، لكن اللجنة التي تم تشكيلها لم تقم بعملها كما ينبغي. هذا يجعلنا نشعر بأن صوتنا لا يُسمع، وأن الفاسدين يواصلون الاستحواذ على السلطة”.

من جهته، يقول “ح. م.”، موظف آخر، “الأمور وصلت إلى حد لا يُطاق. نحن بحاجة إلى تحقيق حقيقي وغير مكتمل.

ويجب إحالة هذه المخالفات إلى جهات تحقيق محايدة”. يُشير الموظفون إلى أن وجود شخصيات مثل حسان حسن، مدير عام القضايا، ضمن أي لجنة جديدة قد يمنع الوصول إلى نتائج عادلة للمسألة.

ويُطالب الموظفون بتشكيل لجنة جديدة لفحص الشكاوى وضمان نزاهة التحقيقات، بعيدًا عن الأسماء البارزة المتورطة في الفساد.

ويتحدث “و. س.”، موظف آخر، قائلًا: “إذا لم يتخذ الوزير أحمد هنو خطوات جادة في محاسبة المخالفين، فإن ثقافة الفساد ستظل مستمرة، وسنكون جزءًا من هذا الظلم”.

تشكل هذه الأصوات من الموظفين مرآة تعكس الحاجة الملحة لتبني سياسات فعالة لمحاربة الفساد وإنعاش هيئات الثقافة، وضمان حقوق الجميع، بعيدًا عن الفساد والإهمال.

مستقبل الثقافة المصرية

دور الهيئة العامة لقصور الثقافة في رفد الحركة الثقافية في مصر يعد أمرًا حيويًا. ويقول الفنان التشكيلي أحمد يحيى: “الفن والثقافة هما الروح التي تدفع المجتمع إلى الأمام. لا يمكن أن تمر تلك الحالة المدعومة بالفساد دون تغيير حقيقي”.

كما يؤكد الخبراء على أهمية إعادة بناء الثقة بين الجمهور ومؤسسات الدولة، ودعوة المواطنين للمشاركة في الفعاليات الثقافية بصورة أكثر فاعلية.

أمل في غدٍ أفضل

ويبقى الفساد الذي يُعاني منه إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي قصة أمل في تحقيق العدالة ووقف إهدار المال العام، حيث يلتف الموظفون حول هدف واحد: “نريد مؤسسات ثقافية خالية من الفساد، تعود بالنفع على الجميع”.

حيث تظل ظاهرة الفساد في إقليم غرب ووسط الدلتا ملحة وتحتاج لوعي أعمق من جميع الأطراف. يصر العاملون في الهيئة العامة لقصور الثقافة على ضرورة التغيير، ويستمرون في المحاولات لإيصال صوتهم إلى آذان المسؤولين.

والأمل يبقى متجددًا، وإذا استمرت الجهود بالتوازي مع الشجاعة في محاربة الظلم، فقد يكون غدًا أفضل للثقافة والموظفين الذين يعانون. يتطلب الأمر تضافر الجهود وتسليط الضوء على التحديات الصعبة، لأجل تحقيق العدالة وتحسين وضع الهيئة العامة لقصور الثقافة وكافة المؤسسات العامة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى