الفساد المالي في مصر: صرخات المواطنين تكشف عن ضياع المال العام وخراب الآمال
أدخل الفساد المالي في مصر البلاد في دوامة من الأزمات، حيث تبدو آثار الإهدار والسرقة واضحة في مختلف المجالات.
وتتحدث شريحة واسعة من المواطنين عن معاناتهم بشكل يومي بسبب سوء الإدارة والفساد الذي ينخر في جسد الدولة، مما أدى إلى تآكل الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة.
وموقع “أخبار الغد” يستعرض آراء المواطنين، إلى جانب وجهات نظر المختصين، للوقوف على حجم الفساد وأثره على المال العام.
معاناة المواطن البسيط
تفتقر الكثير من الأسر إلى الخدمات الأساسية، مما يضع الفساد في مقدمة الأسباب. وتقول سعاد أحمد، ربة منزل من محافظة القليوبية: “أرى كيف يضيع المال العام، بينما نحن نعاني من نقص في الأدوية والمدارس والمراكز الصحية. الأمر مقلق ويجعلني أعيش في حالة من الإحباط”.
ويشير علي سامي، موظف حكومي، إلى تجارب مشابهة: “كل يوم أذهب إلى العمل وأرى زملائي يستغلون مناصبهم في الفساد. أعتقد أن هذه الظاهرة تعكس الفشل الإداري، ويجب محاسبة جميع المسؤولين عن ذلك”.
التجارب السلبية تؤكد الفساد المستشري
يشير المواطنون إلى تجاربهم الصعبة التي تؤكد الفساد المستشري. يقول هاني محمود، صاحب محل تجاري: “لقد تعرضت لابتزاز رسمي مرات عدة.
وكنت أسعى للحصول على ترخيص لمشروعي، وكلما ذهبت إلى الجهات المعنية وُوجهت بالطلبات المبالغ فيها. الفساد ينخر في مؤسساتنا”.
تشير فاطمة حسين، معلمة، إلى أن الإهدار المالي يطال التعليم: “تُهدر الأموال في بناء مدارس غير مكتملة، بينما يظل طلابنا يعانون من ظروف دراسية سيئة. كيف نستطيع أن نحقق تقدمًا إذا كانت التعليمات والتوجيهات تذهب أدراج الرياح؟”.
مختصون يتحدثون عن أهمية محاربة الفساد
في إطار هذا الوضع، يُبرز المختصون ضرورة محاربة الفساد كخطوة أساسية لتحقيق التنمية.
ويقول الدكتور طارق عوض، خبير اقتصادي، “إذا استمر الفساد على حاله، فسنبقى في دوامة من الأزمات. يجب أن نبدأ من حيث تكريس الشفافية والمحاسبة لكل مسؤول في الدولة”.
وتوافُق المختصين مع هؤلاء المواطنين يسلّط الضوء على الحاجة إلى إصلاحات شاملة. وتقول الدكتورة ناهد الشريف، أخصائية في الشؤون الاقتصادية: “تحتاج الحكومة إلى وضع ضوابط حقيقية للإنفاق العام وتفعيل دور الرقابة. من الضروري أن نمنع الفساد قبل أن يتجذر في بنيتنا المؤسساتية”.
الفساد المالي وتأثيره على المشاريع التنموية
يؤكد تقرير صادر عن المركز المصري للسياسات العامة أن حجم الفساد المالي يُعتبر أحد الأسباب الرئيسية لتوقف العديد من المشاريع التنموية.
وتوضح هالة منصور، باحثة في مجال التنمية: “عندما تُهدر الأموال العامة، تتوقف الخطط التي يُفترض أن تعود بالنفع على المجتمع. الفساد يؤدي إلى اعتلال المؤسسات بدلاً من تعزيزها”.
وتستشهد بتجربة بعض الدول التي حققت تحسنًا ملحوظًا عبر محاربة الفساد، “الاستثمار في الشفافية والحكم الرشيد يتطلب جهودًا حقيقية من قبل الحكومة والمجتمع المدني”.
مطالبات واستجابة الحكومة
وتحرص الأصوات المنددة على المطالبة بتحقيق العدالة. يقول محمد حسن، عضو إحدى المؤسسات الحقوقية: “يجب أن تكون هناك خطوات جدية لمحاسبة الفاسدين، وأن يتم تجديد الثقة بين الشعب والحكومة”.
وفي الوقت الذي شهدت فيه الحكومة بعض الخطوات الإيجابية نحو محاربة الفساد، لا يزال هناك شعور بعدم كفاية الاجراءات.
وتقول ليلى كمال، ناشطة في المجتمع المدني: “نحتاج إلى خطوات ملموسة تتجاوز الشعارات. إذا استمرت الأمور على حالها، فسوف تتجذر ثقافة الفساد بشكل أكبر”.
أهمية الشفافية والمشاركة الشعبية
ويؤكد المختصون على الدور الهام الذي يلعبه المجتمع المدني في مكافحة الفساد. ويقول الدكتور سامي النمس، أستاذ العلوم السياسية: “يمكن للمواطنين أن يلعبوا دورًا أساسيًا في المحاسبة من خلال المشاركة الفعالة ومتابعة الإنفاق العام”.
ويشير إلى أهمية إتاحة المعلومات والبيانات المتعلقة بالمال العام، مما يعزز من قدرة المواطنين على متابعة المشاريع وشفافية الميزانية. “العمل على زيادة الوعي العام حول أهمية الشفافية يساعد في الحد من الفساد”.
الطريق إلى التغيير الحقيقي
وتظل محاربة الفساد، وخصوصًا الفساد المالي، ضرورة مجتمعية ملحة. إن فقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة لا يمكن تجاوزها إلا بتبني سياسات جديدة تعتمد على الشفافية والمحاسبة.
ويظل الأمل معقودًا على أن يتمكن المصريون من رؤية تغييرات حقيقية تعكس جهودهم في محاربة الفساد وإعادة الأموال المستحقة للشعب.
ومن الضروري أن يتحد المواطنون والمختصون في جهودهم لتحسين الوضع، ولتتحقق العدالة التي يطمح إليها الجميع.