ذاكرة التاريخ

الذكرى الـ 142 للاحتلال الإنجليزي: دروس من التاريخ وتأملات في الوطنية

تمرّ اليوم الذكرى الـ 142 على بداية الاحتلال الإنجليزي لمدن بورسعيد والإسماعيلية في 20 أغسطس عام 1882، وهي مناسبة تذكّر بواحدة من أكثر فترات التاريخ المصري حزنًا وصراعًا.

وتسببت الأحداث آنذاك في نشوء حركة وطنية جريئة ضد المحتل، حيث تركت آثارها العميقة على الوعي المصري.

وموقع “أخبار الغد” يستعرض تفاصيل تلك الأحداث التاريخية وأثرها على حاضر مصر.

بداية الاحتلال وتحولات التاريخ

بدأ الاحتلال الإنجليزي بمهاجمة مدينة الإسكندرية في 11 يوليو 1882، حيث كانت البداية مع قصف عنيف استخدم فيه الأسطول الإنجليزي قوة نارية هائلة تسببت في دمار كبير.

تتذكر الدكتورة ليلى الشاذلي، أستاذة التاريخ المعاصر، هذه اللحظات قائلة: “كانت اللحظات الأولى من الاحتلال قاسية ومرعبة، لكن الشعور الوطني بدأ في التصاعد ليشعل ثورة حقيقية في قلوب المصريين”.

أعلن الزعيم المصري أحمد عرابي التعبئة العامة للتجنيد للدفاع عن البلاد، مما ساهم في تحول الموقف من استسلام إلى مقاومة واعية. لكن التحديات كانت صعبة، إذ كان الجيش المصري يواجه القوة العسكرية البريطانية المدعومة بتكنولوجيا متطورة.

معارك الكرامة

في يوم 20 أغسطس، ومع اقتراب جنود الاحتلال من الإسماعيلية، كانت هناك حالة من الهلع بالمقارنة مع الإصرار الوطني على مواجهة التحديات.

ويعتقد الباحث التاريخي الدكتور أسامة رجب أن “معارك القصاصين وكفر الدوار كانت تمثل روح المقاومة. التضحيات كانت محورًا رئيسيًا لتشكيل الهوية الوطنية المصرية”.

يروي كثير من مؤرخي تلك الحقبة أن أحمد عرابي استخدم خطاباته الرنانة لتحفيز الشباب المصري للانضمام إلى صفوف المقاومة.

وتشير سارة محمود، خريجة التاريخ: “كان لديه القدرة على التأثير على الجماهير ورفع معنوياتهم، رغم الفوات العسكرية”.

ليلة الاحتلال التاريخية

وفقًا لمذكرات أحمد عرابي، كانت ليلة 19 أغسطس 1882 غريبة هي الأخرى، قبل أن تُجتاح الإسماعيلية. حيث كانت في تلك الليلة،

بينما كان عدد من الأوروبيين يحتفلون في منزل “المسيو بواليرى” في المدينة، كانت الحركة العسكرية الإنجليزية تزداد في شوارع الإسماعيلية.

ويصف عرابي في مذكراته: “كان الوقت إذ ذاك الساعة الثانية بعد منتصف الليل، إذا بحركة في طرق المدينة تصم الآذان، من إطلاق بنادق وسوق عساكر وجر مدافع إلى غير ذلك مما كان حدوثه غير منتظر، وكان أصحاب تلك الحركة هم الإنجليز الذين أخذوا يخرجون إلى المدينة غير مبالين”.

التأثيرات الاجتماعية والسياسية

لم يكن الاحتلال العسكري مجرد حدث عابر بل كان نظامًا قاسيًا أثر على حياتهم اليومية.

ويقول المحامي و الحقوقي محمد علي: “غابت مظاهر الحياة الطبيعية وشهد المصريون صراعات دائمة. الاحتلال جعل من المواطن العادي جنديًا في حرب المقاومة بطرق مختلفة”.

ويضيف: “سعت القوى الوطنية في تلك الفترة إلى تعزيز الوحدة بين مختلف الفئات الاجتماعية. حتى الفلاحين كانوا يُحشدون من أجل الدفاع عن أرضهم”.

ما بين المقاومة والاستسلام

تباينت ردود الفعل على الاحتلال والجيوش التي اجتاحت البلاد. في حين كان هناك من تصدى للاحتلال وصمد، كان هناك أيضاً من اختار الاستسلام خوفًا من العواقب.

ويقول المحلل السياسي الدكتور وائل فهمي: “حركة عرابي تمثل نقطة تحول في التفكير السياسي المصري. لقنت الشعب درسًا مفاده أن الاعتماد على الذات هو السبيل الوحيد لبناء الوطن”.

ووفقًا للتقارير، شهدت المدن المصرية “وخاصة الإسكندرية” جماعتين عظيمتين من المقاومة في تلك الفترة.

تأثير الاحتلال على الوعي الوطني

أسفرت أحداث الاحتلال عن تعزيز الوعي الوطني لدى المصريين. يقول الدكتور علاء مصطفى، أستاذ العلوم السياسية: “لقد أدى الاحتلال إلى استنهاض النفس الوطنية وإبراز الرغبة العميقة في الاستقلال. على مر الزمن، أصبحت هذه التصورات قاعدة للثورات التي تلتها”.

ويشير إلى أن أحداث عام 1882 ألهمت الكثير من الحركات الوطنية لاحقًا، من ثورة 1919 إلى حركات الاستقلال في منتصف القرن العشرين.

دروس من التاريخ

إن استذكار هذه الذكرى لا يكون فقط للاحتفال، بل في الواقع، يجب أن نعكس على ما يمكن أن نتعلمه من تلك الأحداث.

وتقول الدكتورة أمينة حسين أستاذة التاريخ: “علينا أن نستغل التجارب التاريخية لنصنع قيادات وطنية واعية، قادرة على اتخاذ القرارات لصالح المستقبل”.

وتؤكد أنه يجب أن يكون هناك تركيز على تعليم التاريخ للأجيال الجديدة، لضمان عدم نسيان التضحيات التي قدمها الأجداد.

التوجه نحو المستقبل

بالنظر إلى الأحداث التاريخية، فإن التحديات التي واجهتها البلاد في عام 1882 تظل جزءًا من المخاطرة المخفية في حاضر اليوم. ويتساءل المواطن شريف رامي: “هل تعلمنا من دروس التاريخ؟ كيف نستطيع بناء مجتمع مستقل وقوي دون تكرار نفس الأخطاء؟”.

ذكرى 142 عامًا على الاحتلال الإنجليزي: استرجاع الذاكرة الوطنية ودروس التاريخ

تمر الذكرى الـ 142 على الاحتلال الإنجليزي، لتظهر كم هي التجارب التاريخية مهمة في تشكيل وعي الشعوب.

وإن التجارب الصعبة التي واجهها المصريون تحت الاحتلال تبرز أهمية التلاحم الوطني والإرادة القوية للتغيير.

بالتأكيد، إن استذكار هذه الذكرى يُعتبر فرصة لتأكيد العزم على العمل نحو مستقبل أفضل، مستلهمين من دروس الماضي، لتكون وطنية أحمد عرابي دينًا على الأجيال القادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى